اجتمع نحو 75 رئيس دولة أو حكومة أو ممثلي الدول المشاركة، في مقدمتهم ممثل سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد، أمس، في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 29) في باكو عاصمة أذربيجان، للبحث في كيفية تعجيل التحرك المناخي في غياب الولايات المتحدة، بعد أسبوع من إعادة انتخاب دونالد ترامب المشكك في مسألة تغير المناخ رئيساً لأكبر قوة في العالم، ووسط تراجع عام في حماسة الغرب وانعدام الثقة بين الدول الغنية والنامية.

وخلال افتتاح القمة دافع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الذي تستضيف بلاده (كوب 29) عن حقوق الدول في استغلال مواردها من النفط والغاز. وقال علييف للمندوبين المشاركين في المحادثات في باكو: «انقلوا عني أنني قلت إنها هبة من الله»، في إشارة إلى الموارد الطبيعية بما فيها النفط والغاز بالإضافة إلى مصادر الطاقة المتجددة. وأضاف «لا ينبغي لوم البلدان لأنها تملكها ولا ينبغي لومها لأنها جلبتها إلى السوق، لأن السوق يحتاج إليها».

Ad

من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمته الافتتاحية:

«لقد بدأنا العد التنازلي النهائي لحصر الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية... والوقت ليس في مصلحتنا»، مشدداً على أن الدول المتطورة المشاركة في «كوب 29» يجب أن تتوصل إلى حل بشأن المساعدات المالية التي يجب تقديمها للدول النامية لمواجهة تبعات تغير المناخ.

وانطلق «كوب 29» الذي تنظمه أذربيجان الغنية بالنفط والغاز، أمس الأول، بعد عام من انعقاد نسخته الماضية في دبي، وسط دعوات حيوية إلى تعاون دولي. ويتوقع الجميع أن تصبح الولايات المتحدة في عهد ترامب في العام المقبل، الدولة الوحيدة التي تخرج مرتين من اتفاق باريس للمناخ الذي أبرم العام 2015. ويضعف احتمال الانسحاب الأميركي من اتفاق باريس، موقف مفاوضي القوة الرائدة في العالم.

وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ سايمن ستيل أمس، إن التحرك المناخي العالمي «متين وسيستمر» رغم إعادة انتخاب ترامب.

وطمأن مبعوث المناخ الأميركي جون بوديستا في مؤتمر صحافي بأنه «حتى لو أوقفت الحكومة الفدرالية الأميركية في عهد دونالد ترامب التحرك المناخي موقتاً، فإن العمل على احتواء تغير المناخ سيستمر في الولايات المتحدة». ويفترض تالياً أن تلتزم جبهة الدول المتقدمة تقديم المزيد من الأموال للدول النامية.

من جهتهم، تعهّد الأوروبيون بمواصلة جهودهم، لكن ليس هناك اندفاع في باكو. وتغيب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين عن الاجتماعات.

وسيكون الاتحاد الأوروبي ممثلاً خصوصاً برؤساء الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي يتولى الرئاسة الدورية للتكتل، والإسباني بيدرو سانشيز والإيطالية جورجيا ميلوني، والرئيس البولندي أندري دودا.

ولن تمثَّل مجموعة العشرين إلا بعدد قليل من رؤساء دولها أو حكوماتها بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الذي يتوقع أن يقدم التزاماً جديداً بالحد من الغازات المسببة لاحترار المناخ.

ويتوقع أن يشارك نحو 50 ألف شخص على مدار أسبوعين في «كوب29» المقام في الملعب الأولمبي في باكو على ضفاف بحر قزوين، وهو البحر الذي تخطط أذربيجان لتوسيع إنتاجها فيه من الغاز الطبيعي.

وفي نهاية يوم أول شاق طغى عليه الشرخ القائم بين تكتلات الدول، أقرّت حكومات حوالي مئتي بلد أمس الأول، معايير أممية جديدة لأسواق أرصدة الكربون، التي لم تكن خاضعة لأي أنظمة دولية وعرضة لانتهاكات وممارسات احتيالية كما ولظاهرة الغسل الأخضر.

كذلك، جرت في الكواليس سجالات بين البلدان النامية ومعها الصين والهند وبين البلدان الغنية حول جدول أعمال القمة التي يفترض أن تختتم في 22 نوفمبر.

والأموال العامة التي تقدمها دول الشمال والتي تبلغ اليوم 69% من القروض المناخية وفق منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، موجهة إلى بناء محطات الطاقة الشمسية وتحسين الري وبناء السدود ومساعدة المزارعين على مواجهة الجفاف.

وتبلغ قيمة المساعدات حالياً 116 مليار دولار سنوياً (عام 2022)، وتدعو الدول النامية إلى زيادتها مستقبلاً أكثر من عشر مرات. لكن الدول الغربية تعتبر أن المبالغ المطلوبة غير واقعية بالنسبة إلى مواردها المالية العامة. وقالت المفاوضة الألمانية جينيفر مورغن «لن تكون مفاوضات سهلة، وقد تكون الأصعب منذ باريس».

وهو أيضاً رأي فرناندا كارفالو من الصندوق العالمي لحماية الطبيعة، التي قالت لوكالة فرانس برس: «سيكون مؤتمر الأطراف معقداً» مشيرة إلى الانقسامات بين الدول و«انعدام الثقة». وسيتحدث عدد كبير من قادة الدول الفقيرة التي شهدت كوارث مناخية هذا العام، خصوصاً في إفريقيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، في اليومين المقبلين.

وحذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أمس، من زيادة أعداد اللاجئين من المناطق المعرضة بصورة خاصة للتغير المناخي، وذلك في حال لم يتم ضخ استثمارات لتحسين البيئة.