يمضي الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، في تعيين مقربين منه بمناصب رئيسية بإدارته المقبلة، «وكلّهم من الصقور الأوفياء» المعادين «بشدّة» لروسيا والصين وإيران، وفق ما ذكرت تقارير صحافية، مشيرة إلى الاتجاه إلى تسمية ماركو روبيو وزيراً للخارجية، في حين سمى الرئيس مايكل والتز مستشاراً للأمن القومي، بالإضافة الى إليز ستيفانيك سفيرة لدى الأمم المتحدة.
ويعتبر روبيو، وهو سيناتور من أصل كوبي يبلغ من العمر 53 عاما، من أبرز صقور الحزب الجمهوري المناهضين للصين وإيران وكوبا في مجلس الشيوخ، وأحد مؤيدي إسرائيل العنيدين، حيث دعا في عدة مناسبات إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الشركات الصينية، بما في ذلك هواوي، وتيك توك.
وسيصبح روبيو أول وزير خارجية من اصول لاتينية.
سياسة متشددة
وكان روبيو من أوائل الداعين إلى سحب الاستثمارات الصينية، وطالب إدارة بايدن مؤخراً بحظر مبيعات التكنولوجيا لشركة هواوي الصينية. وفرضت عليه بكين عقوبات في عام 2020 بسبب تأييده احتجاجات مطالبة بالديموقراطية في هونغ كونغ.
كما يعارض روبيو بشدة أي تطبيع للعلاقات مع كوبا، وهو من أبرز المنتقدين لنظام نيكولاس مادورو في فنزويلا، داعياً إلى فرض عقوبات أكثر صرامة على حكومته، فيما توقعت صحف أميركية أن يتخذ موقفًا صارمًا تجاه إيران، مع التركيز على منعها من تطوير أسلحة نووية وتقييد نفوذها الإقليمي.
وجرى تداول مقطع فيديو لروبيو وهو يرفض أي وقف لإطلاق النار في غزة من قبل إسرائيل، محملا حركة حماس مسؤولية كاملة مقتل المدنيين الفلسطينيين.
أما مايكل والتز، النائب عن فلوريدا والضابط السابق في القوات الخاصة، والذي خدم في العراق، فسيعين في منصب مستشار الأمن القومي الرئيسي في الإدارة، على ما ذكرت صحيفتا «واشنطن بوست»، و«وول ستريت جورنال». ورحب السيناتور الجمهوري النافذ ليندسي غراهام بهذا «الاختيار الرائع من جانب الرئيس ترامب، لقد خدم مايك بلاده بالزي العسكري كمحارب قديم مخضرم وضابط في القوات الخاصة وهو يفهم التهديدات التي تواجهها أميركا تماما».
وأضاف أن «والتز يؤمن بضرورة وجود جيش قوي لردع الجهات السيئة... وهو مطلع جيدا ومستعد لتقديم المشورة للرئيس ترامب حول كيفية الحفاظ على سلامتنا، وسيدفع حلفاءنا إلى بذل المزيد من الجهد كما ينبغي لهم».
وخلال مقابلة الشهر الماضي، اقترح والتز من أجل تحقيق الانتصار على روسيا «إغراق سوق النفط بالخام الأميركي لخفض الأسعار»، معربا عن قلقه من «البناء العسكري على غرار ألمانيا النازية في حقبة الثلاثينيات» للصين. وهو يعارض استمرار الدعم لأوكرانيا وويؤيد الضغط عليها.
وعين ترامب كذلك لي زيلدن، أحد المقربين منه، لإدارة وكالة حماية البيئة. وقال الرئيس المنتخب إن زيلدن البالغ 44 عاما والنائب السابق في الكونغرس لأربع فترات عن نيويورك «سيضمن إصدار قرارات عادلة وسريعة» يتم تنفيذها بطريقة «تطلق العنان لقوة الشركات الأميركية، وفي الوقت نفسه تحافظ على أعلى المعايير البيئية، بما في ذلك أنظف هواء ومياه في العالم».
ويتوقع أن يعين ترامب أحد كبار مستشاريه منذ حملته الانتخابية الأولى، ستيفن ميلر في منصب مساعد مدير مكتبه، فيما نقلت شبكة «سي.إن.إن» عن مصدرين أنه اختار كريستي نوم لتولي حقيبة الأمن الداخلي في إدارته الجديدة.
وتقضي نوم، التي كان يُنظر إليها في مرحلة ما على أنها مرشحة محتملة لمنصب نائب الرئيس، حاليا فترة ولايتها الثانية لمدة أربع سنوات حاكمة لولاية ساوث داكوتا بعد تحقيقها فوزا ساحقا في إعادة انتخابها في 2022. وذاع صيتها على مستوى الولايات المتحدة بعد رفضها إصدار أمر ملزم بارتداء الكمامة على مستوى الولاية خلال جائحة كورونا.
دعم إسرائيل
وتأتي هذه التعيينات بعد أن اختار ترامب تكليف ملف الهجرة غير النظامية عند الحدود إلى توم هومان، وهو من المتشددين وسيكون مكلفا تطبيق وعد المرشح الجمهوري تنفيذ أكبر عملية طرد لمهاجرين يقيمون بطريقة غير قانونية في تاريخ الولايات المتحدة.
وكان ترامب اختار النائبة عن ولاية نيويورك إليز ستيفانيك لتولي منصب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، واعتبرها «مناضلة في سبيل الولايات المتحدة أولا، وهي قوية ومثابرة وذكية إلى أبعد الحدود».
وبرزت ستيفانيك لدفاعها الشرس عن ترامب ورفضها المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز بها جو بايدن العام 2020، فيما يشير تعيينها لهذا المنصب الاستراتيجي إلى اتباع نهج أكثر عدوانية تجاه الأمم المتحدة، فقد انتقدت بانتظام المنظمة الدولية، خصوصا بسبب تعاملها مع القضية الإسرائيلية.
وفي أكتوبر الماضي، دعت ستيفانيك إدارة بايدن إلى «إعادة تقييم كاملة» للتمويل الأميركي للأمم المتحدة إذا واصلت السلطة الفلسطينية جهودها لإلغاء عضوية إسرائيل، كما لعبت دورًا نشطًا في إدانة ما تعتبره معاداة سامية كامنة في بعض المؤسسات الجامعية.
وبإعلان تعيين ستيفانيك، أغلق ترامب الباب أمام نيكي هيلي، الحاكمة السابقة لولاية كارولينا الجنوبية التي عملت سفيرة لدى الأمم المتحدة خلال فترة ولايته الأولى.
وهنأ سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون ستيفانيك على تعيينها، وكتب «في وقت يعم فيه الحقد والأكاذيب قاعات لأمم المتحدة يبدو وضوحك الأخلاقي الثابت أكثر ضرورة من أي وقت مضى».
التفاف على الكونغرس
وبينما أبدى ترامب عزمه الالتفاف على إجراءات التثبيت الطويلة من جانب الكونغرس، تم ترشيح الجمهوري تيم كوتن لرئاسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي المقبل، ما يجعل الرجل المعروف بأنه أبرز المتشددين تجاه إيران في الحزب الجمهوري، في قلب صنع القرار على صعيد الأمن القومي الأميركي.