استضافت غرفة التجارة والصناعة على هامش زيارة الرئيس الطاجيكي، إمام علي رحمان، إلى البلاد، حلقة نقاشية حول كتاب «الطاجيك التاريخ الأقدم والقديم والأوسط» للمستشرق ورجل الدولة باباجان غفوروف، وترجمه د. إبراهيم إستنبولي إلى العربية.

وخلال الحلقة النقاشية التي أدارها د. عبدالهادي العجمي، الباحث والمهتم بالاستشراق بشكل عام في جامعة الكويت، بحضور حشد كبير من الطلاب والمهتمين بالتاريخ والثقافة والاستشراق، قال استنبولي، السوري الأصل والحاصل على الجنسية الروسية، والذي يعمل في ترجمة الأدب الروسي بشكل عام في لقاء حصري مع «الجريدة»، إن «كتاب الطاجيك هذا يشكل نقطة مفصلية وعلامة مهمة في الاستشراق الروسي الذي لم يحظَ باهتمام كبير في العالم العربي، وأصلا لم يترجم الكثير من الأعمال الاستشراقية السوفياتية أو الروسية إلى اللغة العربية، لذلك رأيت أن القارئ العربي والباحث العربي سيجدان المتعة والفائدة الكبيرة للاطلاع على منجزات هذا الاستشراق الروسي، كما أن الكتاب وضع أساساً علمياً لتاريخ نشوء الأمة أو الشعب الطاجيكي مدعمة بالأبحاث».

Ad

استنبولي المقيم في داغستان والذي ترجم الكثير من الأدب الروسي والأدب الداغستاني، وقد أصدر العام الماضي كتابا مهما عن رسول حمزاتوف، شاعر الشعب الداغستاني الشهير وشاعر القوقاز الأول، والذي اشتهر في العالم العربي في كتابه «داغستان بلدي»، يقول انه ترجم كتاب «الطاجيك» بتكليف من أكاديمية العلوم في طاجيكستان، ويوضح أنه «بتوجيه من رئيس جمهورية طاجيكستان إمام علي رحمان تمّ توزيع مليون و600 ألف نسخة من الكتاب مجاناً على كلّ عائلة في طاجيكستان... وهذه سابقة لا مثيل لها في أي بلد آخر، على حد علمي» كما يقول إستنبولي.

ويضيف استنبولي: «يسعدني أن يتم هذا الحدث على هامش زيارة الرئيس الطاجيكي إلى الكويت العزيزة على قلوبنا جميعا، وفي هذا السياق رأينا إطلاق هذا الكتاب في الكويت التي كانت دائماً مركز إشعاع ثقافي في العالم العربي، وكانت دائما ملهمة ومصدراً كبيراً لإغناء المكتبة العربية بأمهات الأبحاث والكتب في مختلف المجالات، والكل يعرف أن جيلاً كاملاً وربما جيلين من المثقفين والقراء العرب تربوا على المجلات والدوريات التي تصدرها الكويت منذ أكثر من نصف قرن».

وإذ عبّر عن امتنانه العميق لعميد السلك الدبلوماسي، سفير طاجيكستان لدى البلاد، زبيد الله زبيدوف، في دعمه لإصدار الطبعة الثانية من الكتاب، وعلى تنظيم هذه المناسبة وعلى دعوته للمشاركة فيها كمترجم لكتاب «الطاجيك»، قال استنبولي إن «هذا تأكيد على الاهتمام الكبير الذي يوليه السفير زبيدوف لتاريخ الشعب الطاجيكي من ناحية، ولتعزيز الأخوة بين شعبي البلدين الشقيقين من ناحية أخرى».

وخلال الجلسة النقاشية، أكد استنبولي أن «ترجمة هذا الكتاب إلى اللغة العربية تشكِّل خطوة ضرورية ولحظة تاريخية مناسبة تماما بالنسبة لمسيرة الشعب الطاجيكي بقيادة الرئيس علي رحمان، وهي لحظة دقيقة في ظرف تاريخي عالمي، وأنا أشعر بالفخر وسعادة كبيرة، لأنني أنجزت هذه المهمة، ولكي تكون هذه هي الطبعة الثانية من كتاب الطاجيك في متناول القارئ العربي».

ويُتابع استنبولي نقلاً عن العالم الطاجيكي الشهير محمد جان شاكوري الذي قال: «لقد اكتسب عمل الأكاديمي باباجان غفوروف، الذي نُشر عام 1972، شهرة واسعة بسرعة، وقد سعى كل شخص متعلم في طاجيكستان من أجل الحصول على نسخة من الكتاب».

نقطة مهمة جداً في حياة الأكاديمي ورجل الدولة غفوروف، يتوقف عندها استنبولي ويقول: «لقد ذهب إلى مكة المكرّمة عام 1974 لقضاء فريضة الحج، رغم أنه كان مسؤولًا في الدولة السوفياتية».

ويضيف: «مهما يكن، فإن الزيارة تشير إلى أنه كان، من ناحية، شخصية فذّة وجريئة في زمن لم يكن سهلًا مجرّد التفكير بمثل هذه الخطوة، ومن ناحية ثانية، كان ثمة في أعماق روحه توقٌ إلى الخالق وحرصه على تقاليد شعبه ومعتقداته. هذا ما تؤكد عليه كلمات قالها غفوروف نفسه عند عودته إلى موسكو وأوردها المستشرق السوفياتي الشهير إيغور دياكونوف في كتابه (كتاب الذكريات): إن حقيقة أنني كنت السكرتير الأول للجنة المركزية للحزب الشيوعي في طاجيكستان هراء، وأنني كنتُ عضوًا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الطاجيكي فهو أيضًا هراء، ولكن حقيقة أنني الحاج غفوروف ستكون موضع تقدير في بلدتي».

ويستفيض استنبولي في مداخلته بالحديث عن باباجان غفوروف «الذي أولى اهتماماً كبيراً بتطوير العلوم والثقافة والهوية الوطنية في طاجيكستان، وكان افتتاح أول جامعة في طاجيكستان في عام 1948، بمبادرة منه، وقد ساهم دعمه الشخصي في تحقيق نجاح كبير على الساحة العلمية والثقافية للعديد من العلماء والشعراء والكتاب الموهوبين».

زبيدوف: المكتبة العربية ليست غنية بالمراجع والأبحاث من علم الاستشراق السوفياتي

قال عميد السلك الدبلوماسي سفير طاجيكستان لدى البلاد زبيد الله زبيدوف: «لا يخفى على أحد أن المكتبة العربية ليست غنية بما يكفي بالمراجع والأبحاث من علم الاستشراق السوفياتي، لذلك، جاء كتاب الطاجيك للأكاديمي السوفياتي العملاق، ابن طاجيكستان باباجان غفوروف، لكي يسدَّ ثغرة في هذا الباب». وأضاف: «يجب التنويه بالجهد الكبير الذي بذله المترجم القدير إبراهيم إستنبولي في نقله بلغة سلسة وبطريقة أمينة لهذا الكتاب الضخم والموسوعي»، لافتاً إلى أن «إستنبولي معروف على نطاق واسع في العالم العربي بترجماته المختلفة لأمهات الكتب الفكرية والأدبية، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر (علم الصراع) و(الجغرافيا السياسية لما بعد الحداثة)، و(قدّيس ضد أسد: يوحنا كرونشتاد وليف تولستوي)، وغيرها من الكتب التي شكلت إضافة مهمة إلى المكتبة العربية، وهو أفضل مَن ترجم رسول حمزاتوف».

وختم زبيدوف كلامه بالقول: «أنا واثق أن كتاب الطاجيك سيشكل مرجعا مهما للباحث الأكاديمي وللقارئ العادي في البلدان العربية».