تُشارك الكويت دول العالم إحياء اليوم العالمي لمرضى السكري الذي يُصادف 14 نوفمبر سنوياً ويحمل هذا العام شعار «كسر الحواجز وسد الفجوات».
ويهدف الاحتفال بهذا اليوم العالمي إلى زيادة الوعي بالدور المحوري الذي تؤديه الكوادر الطبية في حياة مرضى السكر والتوعية بطبيعة المرض وكيفية التعامل معه لمواجهة الأعداد المتزايدة للإصابات وتقليل مخاطر حدوث مضاعفات.
ووفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية التي اعتمدت موضوع «مرض السكري وجودة الحياة» للفترة بين عامي 2024-2026 يتم تشخيص شخص بمرض السكري كل دقيقتين وأن واحداً من كل عشرة أشخاص مصاب بمرض السكري وسجل العام الماضي 463 مليون مصاب بالسكري ويتوقع ارتفاع العدد إلى 578 مليوناً بحلول العام 2030.
وذكرت الإحصائيات ذاتها أن 50% من البالغين المصابين بالسكري لا يتم تشخيصهم ومعظمهم مصابون بالنوع الثاني من داء السكري وأن 80% من مرضى السكري تقل أعمارهم عن 65 عاماً فيما كان مرض السكري مسؤولاً عن 10% من إجمالي الإنفاق العالمي على الرعاية الصحية في عام 2019.
وبهذه المناسبة، قال استشاري الباطنة والغدد الصماء والسكري في المستشفى الأميري د. يوسف بوعباس لـ «كونا» اليوم الخميس إن السكري مرض مزمن يُصيب الملايين حول العالم ومع الأسف الشديد فإن الكويت من أعلى الدول في العالم بأعداد الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
وأضاف بوعباس طبقاً لآخر الإحصائيات فإن نسبة الإصابة بالسكري من النوع الثاني بلغت 25.5% بزيادة عن السنوات السابقة التي كانت 17%، لافتاً إلى ارتباط نحو 90% منهم بالسمنة وزيادة الوزن وأن 80% من الكويتيين يعانون من السمنة أو زيادة الوزن.
وأوضح أن النسبة قد ترتفع ما بين 10 و20% لوجود أشخاص لديهم السكري من النوع الثاني لكنهم لا يعلمون به إضافة إلى ما يسمى مرحلة ما قبل السكر حيث تكون نسبة السكر التراكمي بين 5.6 و6.4.
وذكر أن ارتفاع السمنة لدى الأطفال التي بلغت 50% طبقاً لتقارير صادرة عن الوزارة أدى إلى ارتفاع نسب الإصابة وبروز ظاهرة جديدة تتمثل في ظهور السكري من النوع الثاني عند المراهقين في الشريحة العمرية بين 14 و18 عاماً.
وأكد أن السكري من النوع الثاني في هذا العمر المبكر يكون عنيفاً خصوصاً إذا علمنا أن مضاعفات السكر تظهر خلال 5 إلى 8 سنوات وتشمل تضرر العين أو الكلى أو أمراض القلب والشرايين والأعصاب مقارنة بمن يصيبه السكري من النوع الثاني بعد سن الـ 50 حيث تظهر بعد 20 إلى 30 سنة.
من جانبه، تحدث استشاري الغدد الصماء وسمنة الأطفال في مستشفى الصباح الدكتور زيدان المزيدي لـ«كونا» عن مرض السكري من النوع الأول الذي يُصيب الأطفال قائلاً إنه اضطراب مزمن يحدث عندما لا ينتج البنكرياس كمية كافية من الأنسولين أو يتوقف عن إنتاجه بالكامل.
وأضاف المزيدي أن الأنسولين هو الهرمون المسؤول عن تنظيم مستوى السكري في الدم وبدونه يرتفع مستوى الجلوكوز بشكل مفرط في الدم مما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة وغالباً ما يظهر السكري من النوع الأول لدى الأطفال والمراهقين وقد يتطلب إدارة دقيقة على مدار الحياة.
وحول أعراض المرض أوضح أنها تتطور بسرعة وغالباً خلال عدة أسابيع ومنها العطش المفرط وكثرة التبول والجوع المفرط وفقدان الوزن غير المبرر والإرهاق والتعب ورؤية ضبابية والتهيج وتغيّرات المزاج والعدوى المتكررة مثل التهابات الجلد أو الجهاز البولي أو الفطريات.
وذكر أنه يتم تشخيص السكري من النوع الأول عبر اختبارات دم مختلفة لتحديد مستوى السكر وتقييم عمل البنكرياس وتشمل اختبار الجلوكوز في الدم العشوائي وبعد الصيام واختبار الهيموجلوبين السكري واختبار الأجسام المضادة الذاتية لتحديد وجود أجسام مضادة تهاجم خلايا البنكرياس.
وبيّن أن علاج السكري من النوع الأول يتطلب مراقبة دقيقة لمستوى السكر في الدم بانتظام باستخدام جهاز قياس الجلوكوز وجرعات منتظمة من الأنسولين يُعطى عن طريق الحقن أو مضخة الأنسولين والتغذية السليمة.
ولفت في هذا الشأن إلى ضرورة اتباع نظام غذائي متوازن يتضمن الكربوهيدرات المعقدة والدهون الصحية والبروتينات وأخيراً النشاط البدني بانتظام وضرورة المتابعة مع فريق طبي متخصص لتقديم الدعم والإرشادات اللازمة للأهل وللطفل لضمان إدارة المرض بشكل فعّال.
وعن النوع الثالث من السكري وهو سكر الحمل، قالت استشاري باطنة وغدد صماء الدكتورة آمنة شاغولي لـ«كونا» إن سكر الحمل هو داء السكري الذي يتم تشخيصه للمرة الأولى أثناء فترة الحمل ويحدث فقط في فترة الحمل ويذهب نهائياً بعد الولادة.
وأوضحت شاغولي أن سكر الحمل ينطوي على أهمية كبيرة لأن مستويات السكر العالية قد تؤدي لمشاكل خلال فترة الحمل وعملية الولادة لكل من الأم والجنين وهذه الحالة تشخص عادة في النصف الثاني من الحمل خلال اختبار تحمل السكر.
وعن الأسباب، أفادت بأن الأبحاث العلمية الحديثة تُشير إلى أن سكري الحمل يحدث نتيجة مجموعة من العوامل المرتبطة بالتغيرات الهرمونية والجينية وطرق استجابة الجسم للأنسولين خلال فترة الحمل.
وذكرت أن التغيرات الهرمونية من أبرز تلك الأسباب «وفقاً للدراسات الحديثة» حيث تفرز المشيمة مجموعة من الهرمونات «مثل هرمون اللاكتوجين المشيمي البشري والكورتيزول» التي تُساعد على نمو الجنين لكنها تزيد أيضاً من مقاومة الجسم للأنسولين مما يجعل من الصعب على الجسم التحكم في مستويات السكر.
وبيّنت أن من الأسباب أيضاً مقاومة الأنسولين حيث تزداد مقاومة الأنسولين بشكل طبيعي خلال الحمل وهذا يزداد بشكل أكبر في النساء اللاتي لديهن تاريخ مرضي بالسكري أو يعانين من الوزن الزائد مما يؤدي إلى عدم استجابة الجسم بكفاءة للأنسولين.
وأشارت شاغولي كذلك إلى وجود العوامل الوراثية حيث يعتقد بأن هناك دوراً كبيراً للجينات في زيادة خطر الإصابة بسكري الحمل وأن النساء اللاتي لديهن تاريخ عائلي لمرض السكري من النوع الثاني يكن أكثر عرضة للإصابة بسكري الحمل.
ونبهت إلى أن السمنة وزيادة الوزن قبل وأثناء الحمل يعتبران من عوامل الخطورة الرئيسية حيث يؤديان إلى زيادة مقاومة الجسم للأنسولين إضافة إلى التقدم في السن حيث تُشير الدراسات إلى أن النساء فوق سن 25 أو 30 سنة قد يكن أكثر عرضة للإصابة بسكري الحمل.
وأوضحت أنه قد تكون هناك علاقة بين الالتهابات المزمنة في الجسم وزيادة مقاومة الأنسولين ما قد يؤدي إلى سكري الحمل حيث ترتفع معدلات بعض العلامات الالتهابية في الجسم أثناء الحمل وقد تسهم في حدوث المرض.
وقالت شاغولي إن الأبحاث الحالية تركز على فهم التفاعلات بين العوامل الجينية والهرمونية والبيئية وتأثيرها على استجابة الأنسولين خلال فترة الحمل فيما تتضمن طرق العلاج الغذاء الصحي والرياضة المناسبة وإذا ظلت مستويات السكر عالية فقد يتطلب الموضوع العلاج بالأنسولين حتى وقت الولادة.
وأشارت إلى أنه في حال سبق الإصابة بسكر الحمل فإن المرأة تكون عرضة بشكل أكبر لخطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.