نفى مصدر رفيع المستوى في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الأنباء التي تتحدث عن تأجيل إيران ردها على الهجوم الذي شنته إسرائيل عليها الشهر الماضي إلى ما بعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.

وقال المصدر لـ «الجريدة»، إن إدارة الرئيس جو بايدن هي التي سمحت لإسرائيل باستهداف إيران، وبالتالي يجب تصفية الحساب معها قبل انتقال السلطة إلى الإدارة الجديدة في 20 يناير المقبل.

Ad

وأكد أن «الأعلى للأمن القومي» لم يعقد أي اجتماع آخر لتأجيل أو تحديد موعد الهجوم الانتقامي على إسرائيل، بعد اجتماعه ليل الأحد الماضي، حيث كان هناك إجماع حينئذ على عدم تأجيل الرد، حسبما انفردت «الجريدة» بنشر تفاصيل الاجتماع في خبرها المنشور الثلاثاء الماضي.

وشدد على أن هناك إجماعاً واسعاً لدى قادة القوات المسلحة، وقسم من كبار الساسة من أصحاب القرار في «الأعلى للأمن القومي» واللجنة الاستراتيجية للسياسة الخارجية لمكتب المرشد، ولجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى (البرلمان)، على أنه من الضروري أن تنفذ إيران ردها قبل تولي ترامب السلطة، وأن يكون الرد رادعاً، لأن هذا سيقوّي موقف طهران التفاوضي مع فريق ترامب، وسيصبح إحدى أوراقها التفاوضية مع الإدارة الأميركية الجديدة، التي تُظهر إشارات عدائية، بما في ذلك التعيينات لصقور الجمهوريين المتشددين ضد طهران.

رغم ذلك، أشار المصدر إلى أن حكومة الرئيس مسعود بزشكيان تضغط لتأجيل الرد، ليس إلى ما بعد تنصيب ترامب، بل إلى ما بعد لقاء مرتقب بين مندوبين عن فريق ترامب وممثلين عن إيران، كانت «الجريدة» انفردت كذلك بالنشر عن التحضيرات لعقده في مدينة إسطنبول التركية، موضحاً أن حكومة بزشكيان ترغب كذلك في منح إدارة بايدن فرصة أخيرة للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة ولبنان. إلا أن المصدر يؤكد أن القوات المسلحة الإيرانية لا تأخذ في حساباتها أياً من هذه العوامل السياسية، وأن تنفيذ الهجوم على إسرائيل بالنسبة لها هو قرار مرتبط بالحسابات العسكرية والأمنية الخاصة بالتوقيت المناسب.

ويؤكد المرشد الأعلى علي خامنئي، والقوات المسلحة الإيرانية، أن الردّ على إسرائيل هو أمر مرتبط بتوازن الردع الإقليمي، وأن عدم الرد بالقوة المناسبة، يعني أن إسرائيل، وربما دول أخرى، ستتجرأ على توجيه ضربات أخرى لإيران وتنتهك سيادتها.

وذكر المصدر أنه ضمن حسابات توقيت الهجوم، تعكف وزارة الدفاع الإيرانية على إنتاج نحو 10 صواريخ فرط صوتية من طراز جديد، تمت تجربته بنجاح الأسبوع الماضي، ولديه قدرة تفجير هائلة مقارنة بالصواريخ البالستية العادية، كما أن بعض حلفاء إيران في المنطقة لا يزالون يعملون على التحضيرات للمشاركة بنصيبهم من خطة الرد، مضيفاً أنه في حال نجحت جهود واشنطن في التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة ولبنان، أو في أي منهما، قبل أن تحدد القيادة الإيرانية موعد الرد، فإن طهران ستكون مجبرة على تعديل خطتها بشكل متناسب حتى لا تضر بوقف النار المحتمل.

من جهة أخرى، قال المصدر إن طهران تراقب بكثير من الجدية تحركات قاذفات بي 52 الأميركية التي أرسلتها إدارة بايدن إلى قاعدة العديد في قطر، باعتبارها قادرة على استهداف المنشآت النووية الإيرانية.

وإذ ذكّر أن جميع دول الخليج العربية التي تحتضن قواعد أميركية أبلغت طهران أنها لن تقبل باستخدام أراضيها منطلقاً لأي هجوم على إيران، قال المصدر إن طهران تتخوف من جهة الشمال، وترصد تحركات إسرائيلية في أذربيجان وجورجيا، موضحاً أن الرد الإيراني على إسرائيل قد يتضمن استهداف قواعد للموساد في واحدة من هاتين الدولتين.

وفي تفاصيل الخبر:

استبقت السلطات الإيرانية تحرُّك قوى أوروبية لاستصدار قرار جديد ضدها من مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرّية للضغط عليها بشأن «ضعف تعاونها»، وما يمكن أن يشكله من دفعة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي سيعود إلى البيت الأبيض في 20 يناير المقبل، بتأكيد أنها مستعدة للتفاوض مع الوكالة الدولية لحلّ النزاع بشأن قضيتها النووية بشروط، فيما شدد رئيس منظمة الطاقة الإيرانية، محمد إسلامي، على أن أي حل لبرنامج بلده النووي يقوم على التدخل في شؤونها الداخلية، أو طرح مشروع قرار ضدها، سيُقابَل بردّ فوري وحاسم.

وقال عراقجي، بعد اجتماع مع مدير الوكالة الدولية، رافائيل غروسي، بحضور إسلامي، في طهران أمس، إن الجمهورية الإسلامية مستعدة لحل النزاعات مع الوكالة بشأن التزامها بالضمانات المتعلقة ببرنامجها الذرّي، لكنّها لن تفعل ذلك تحت الضغط.

وكتب عراقجي على موقع «إكس»، بعد محادثاته مع غروسي في طهران «الكرة الآن في ملعب الاتحاد الأوروبي/ الترويكا الأوروبية. نحن على استعداد للتفاوض على أساس مصلحتنا الوطنية وحقوقنا غير القابلة للتنازل، لكننا غير مستعدين للتفاوض تحت الضغط والترهيب».

وأضاف: «بصفتنا عضواً ملتزماً بمعاهدة حظر الانتشار النووي، فإننا نواصل تعاوننا الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرّية. من الممكن حل الخلافات من خلال التعاون والحوار».

ووصف المحادثات مع غروسي بأنها «مهمة ومباشرة».

تجنب الحرب

من جهته، قال غروسي، الذي يسعى منذ أشهر إلى حلحلة الخلافات مع طهران ودفعها نحو مزيد من التعاون بمجال المراقبة الدولية لمنشآتها الذرية وتقديم تفسيرات بشأن آثار يورانيوم تم العثور عليه في مواقع غير معلنة، إنه «من الضروري التوصل إلى نتائج ملموسة واضحة تظهر أن هذا العمل المشترك يحسّن الوضع ويبعدنا عن الصراعات، وفي نهاية المطاف، عن الحرب».

ووسط المخاوف الإقليمية المتنامية من جراء التهديدات الإسرائيلية باستهداف البرنامج الذرّي الإيراني بموازاة استمرار حربَي غزة ولبنان، رأى المسؤول الدولي، عقب إجراء مفاوضات مفصلية مع رئيس منظمة الطاقة الإيرانية بطهران، أن المنشآت النووية الإيرانية يجب ألا تتعرّض للهجوم.

ولفت غروسي إلى أنه حصل على موافقة إيرانية للقيام بزيارات مهمة جداً لمنشآت «فوردو» و»نطنز»، للحصول على صورة كاملة عن تطوّر البرنامج النووي الإيراني.

واعتبر أن الزيارات ستمثل مرحلة جديدة «وهي رسالة واضحة للمجتمع الدولي والولايات المتحدة بأن الوكالة تستطيع البحث عن طريق لحل المشاكل العالقة بين الجانبين».

لاريجاني بسورية ولبنان

إلى ذلك، أجرى علي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الأعلى علي خامنئي، وعضو مجمع تشخيص مصلحة النظام زيارة إلى سورية، حيث التقى الرئيس بشار الأسد، في وقت تتحدث تقارير عن مساعٍ لإبعاد دمشق عن طهران، قبل أن ينتقل إلى لبنان.

في المقابل، صعّد قادة الصف الأول بالمؤسسات العسكرية الإيرانية تهديداتهم بتوجيه رد انتقامي ضد أول ضربة إسرائيلية علنية استهدفت مواقع إيرانية يوم 26 أكتوبر الماضي.

الأسد مستقبلاً لاريجاني في دمشق أمس

وبينما أطلق الجيش الإيراني و»الحرس الثوري» مناورات عسكرية مشتركة، شدد قائد الجيش الإيراني، اللواء عبدالرحيم موسوي، على أن طهران ستردّ رداً مدمراً على الكيان الصهيوني، لافتاً إلى أن «نحن من يحدد توقيت وطريقة الرد، ولن نتردد في الرد عندما تقتضي الضرورة».

كما جدد القائد العام لـ «الحرس الثوري»، اللواء حسين سلامي، تأكيده أن «إيران لن تسمح للصهاينة والأعداء بأن يتحكموا بمصير المسلمين، وسننتقم من الكيان الصهيوني، وسيتلقى ضربات موجعة وسنقاتله حتى نهايته التي ستشبه ما حدث في خيبر»، لافتاً إلى أن إسرائيل واهمة إذا ظنت أن بإمكانها إخراج «حزب الله» اللبناني من الساحة باغتيال قادته.

وفي السياق نفسه، أشار نائب قائد «الحرس الثوري»، علي فدوي، إلى أن رد بلده على التصرف العدواني من الكيان الصهيوني تجاه إيران أمرٌ حتمي.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان انتخاب ترامب رئيساً لأميركا سيُحدث فرقاً بالنسبة لإيران، قال فدوي: «جبهة الشر لا تختلف في خبثها، وفيما يخص طبيعة الشيطان الأكبر، نحن لا نفرّق بينهم».

مزاعم كيمياوية

جاء ذلك في وقت كشفت «بيلد» أن إيران قامت بتزويد فصائل إقليمية متحالفة معها، بما في ذلك «حزب الله» اللبناني و«أنصار الله» الحوثية، بأسلحة كيماوية. ووفق تقرير الصحيفة الألمانية، تسعى طهران من خلال هذا التوجه إلى زيادة نفوذها الإقليمي، مع تصعيد التهديدات ضد إسرائيل ودول أخرى.

ونقلت «بيلد» عن خبراء قولهم، إنه يمكن استخدام مواد كيماوية تؤثر على الجهاز العصبي، مثل مشتقات الفنتانيل، في قنابل يدوية أو مدافع هاون، مما يجعلها مناسبة للتكتيكات الحربية على مستوى العمليات الصغيرة، معتبرين أن استخدام هذه الوسيلة سيعقّد الصراع في المنطقة.

مشكلة الطاقة

على صعيد منفصل، أقر وزير الطاقة الإيراني، عباس علي ابادي، بأن بلده يواجه أزمة في توفير الطاقة، بعد لجوء وزارة الكهرباء إلى برنامج قطع مبرمج يشمل العاصمة طهران، وتعليل الخطوة بالرغبة في السيطرة على مستويات التلوث الناجمة عن استخدام المازوت لتشغيل المولدات. وقال آبادي: «نحن ننتج حالياً 1300 ميغاواط من الطاقة النظيفة، وعلينا القيام بخطوة كبيرة لإيصال إنتاجنا من الطاقة النظيفة إلى 30 ألف ميغاواط».