أسرار في العلاجات الطبيعية
يلهث الكثيرون وراء الاستطبابات بالأدوية الكيميائية السريعة المفعول والعالية في المضاعفات الجانبية، ويتعلل ب«متعود عليه»! وأحياناً كثيرة تكون هذه المضاعفات خطيرة جداً، وقد لا يستطيع المريض وأهله الإنقاذ، وبالمقارنة بالعلاجات الطبيعية للأمراض نفسها أثبتت الكثير من الدراسات أمان وصلاحية هذه العلاجات كالحجامة والتدليك والمشي بدون حذاء على التراب، كما أن استعمال السواك والعسل والتمر وغيرها الكثير من الأطعمة والأعشاب في الاستعمال الصحي اليومي، أثبتت فعاليتها في تطهير الجسم العليل من أمراضه وأوجاعه، والعودة بالمريض إلى طريق السلامة والعافية بدون مضاعفات سيئة، وخصوصا إذا صحبتها الحمية الغذائية والنوم الصحي ليلاً.
ومن العلاجات الطبيعية الناجعة ما جاء عن النبي، عليه الصلاة والسلام، وما أوصى به وبدأ باستعماله بنفسه لفوائده العظيمة ألا وهو السواك، وجاء عن أم المؤمنين عائشة قالت عنه: «عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وإعْفاءُ اللِّحْيَةِ، والسِّواكُ، واسْتِنْشاقُ الماءِ، وقَصُّ الأظْفارِ، وغَسْلُ البَراجِمِ، ونَتْفُ الإبِطِ، وحَلْقُ العانَةِ، وانْتِقاصُ الماءِ. قالَ زَكَرِيّا: قالَ مُصْعَبٌ: ونَسِيتُ العاشِرَةَ إلَّا أنْ تَكُونَ المَضْمَضَةَ»، وهنا سنشير لأهمها.
والسواك الصحي هو مِن خشب الأراك وليس غيره، يمنع التسوس والتهاب ونزيف اللثة، ويبيض الأسنان ويقضي على الجير، كما ينشط الهضم ويحسن عمل الأمعاء ويطرد الروائح ويطلق اللسان وينقَّى الدماغ ويجلو البصر، ويصفِّي الصوت، خصوصا إذا استعمل عند الانتباه من النوم وللعبادات بعد الوضوء، فيعالج التهابات ورائحة الفم إذا استعمل في كل وقت، ويستحبُّ للمفطِر والصائم.
ثم جاءنا في طب الحبيب عليه الصلاة والسلام عن العلاج بالحجامة، وأنه احتجم من السم الذي وضع له في الطعام، وقال أيضاً في الصحاح: «إنَّ أفضل ما تداويتم به الحجامةُ، أو هو مِن أمثل دوائكم»، فاحتجم النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثلاثةً على الكاهل، وأمر أصحابه أن يحتجِموا، فاحتجموا.
ويقول الرازي في كتابه عن العلاج بحليب الإبل وأبوالها إن لبن اللقاح (الإبل) يَشفي بإذن الله تعالى من أوجاع الكبد «مثل مرض الاستسقاء الكبدي»، وفساد المزاج، وإطلاق البطن، وتفتيح السدد، وتحليل صلابة الطِّحال إذا كان حديثا، ويعالج الاستسقاء خصوصا إذا استعمل لحرارته التي يخرُج بها من الضرع مع بولِ الفصيل، وهو حارٌّ كما يخرج مِن الحيوان، وبفضل أن يؤخذ بعده زيت الخروع لإطلاق البطن من سمومه، هذا إذا لم يطلق مباشرة بعد اللبن!
بينما العلاج بالعسل المبارك من الله تعالى كما جاءنا في كتابه الكريم «يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ». (النحل: 69). ومن السنة الشريفة ما لا شبهة فيه، والأمثلة كثيرة جداً في كل البجوث العلمية العربية والأجنبية! فالعسل فيه منافعُ عظيمة، كمطهر للدم والأمعاء، ويزيل آلام العين قطرة ويجليها ويثبت النظر، وهو منقٍّ للكبد والصدر ومدرٍّ للبول، ويعالج السعال مع زبدة السمسم ومذيب للبلغم، كما يعتبر كماء زمزم، غذاء مع الأغذية، ودواء مع الأدوية، وشرابا مع الأشْرِبة، وكان النبيُّ عليه الصلاة والسلام يشربه بالماء على الرِّيق، وفي ذلك حفظ للصحة مثلاً كما جاء في قوله: «صَدَق الله وكذَب بطنُ أخيك»، إشارة إلى تحقيق نفع العسل في طرح السم المسبب للإسهال.
ولا ينكر عدم انتفاع كثيرٍ مِن المرضى بطبِّ النبوة والطب العشبي والطبيعي إجمالاً من مساج وحميات غذائية مدروسة، فالمعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء، وذلك معروف من غابر الأزمان بلا منازع!