منذ فجر التاريخ كان تشكيل الوعي المجتمعي والأفكار والقناعات يتم من خلال الحوار بين الأفراد أحيانا والمجتمعات والثقافات البعيدة عن المجتمع ذاته، ومع التطور المطرد في وسائل التواصل أصبح تكوين القناعات والأفكار ممكناً من خلال وسائل التواصل الحديثة، وقد تم توظيف تلك الوسائل في العديد من الاتجاهات منها الجيد والمفيد لتثقيف وتنوير المجتمع ومنها السيئ الذي يهدف إلى زرع البغضاء والكراهية بين أبناء المجتمع الواحد وأحيانا إلى الصدام.

ومن الملاحظ أننا نتعرض في الكويت لموجه من الحسابات الوهمية التي تتناول الكثير من المواضيع العامة وأحيانا الحساسة بشكل يوحي للمتلقي بأن مسؤول الحساب أو المحتوى المنشور ذو أهمية أو ذو مصداقية عالية، في حين لا ترقى معظم تلك الأخبار أو المعلومات التي ينشرها الى مسمى معلومة، مما يدفعنا للتساؤل: ما هدف الحساب الوهمي؟

Ad

الواضح للمتلقي أنه يهدف أولاً إلى كسب ثقة المتلقي بنشر أخبار لا يتم تداولها عادة في الوسائل المحلية، وثانيا التأثير على الرأي العام ودفعه لتبني قضايا لا تكون ذات أولوية أصلا للمجتمع، أما الأهداف البعيدة المدى فيبدو لي أنها لزعزعة الثقة بين المواطن والمؤسسات العامة والخاصة وصولا إلى زعزعة الثقة بين المواطنين.

والملاحظ في تلك الحسابات أنها تعمل على مختلف توجهاتها بطريقة أشبه ما تكون بعمل مؤسسي بعيد عن قدرات فرد عادي، ومن المثير للاهتمام أيضا أن فن تداول الإشاعات والأخبار المضللة هو فن حربي عريق والمصطلح العلمي له هو الحرب النفسية، وقد استخدم منذ القدم للتأثير في الشعوب والسيطرة على المجتمعات في حالات الطوارئ وإرباك المجتمعات المستهدفة في حالات النزاع والحروب.

أعتقد أن تلك الظاهرة التي نعانيها تحتاج إلى دراسة عميقة من المختصين وتحليل المعلومات التي يتم نشرها من خلال تلك المنصات، فالأمر ليس مجرد عبث أو تسلية لبعض الهواة، وأتمنى من الجهات المعنية دراسة عميقة وتحليلية لمعرفة الجهات التي قد تكون خلف تلك الحسابات، ولا بد من العمل على تحصين المجتمع من تلك الحسابات بنشر الوعي المجتمعي، والاعتماد على مصادر موثوقة لتبادل المعلومات ونشرها، ومن الضروري جدا أن تنتبه وزارة الإعلام وتقطع الطريق على تلك الحسابات من خلال سرعة الاستجابة والتعليق على الأحداث العامة والخاصة بسرعة وسهولة من أجل أن تحصن المجتمع من تناقل أخبار قد تؤثر على المجتمع بشكل عام.