قبل الحديث عن مفهوم التغير المناخي، لا بد من الإشارة إلى بعض المسلّمات التي تبين علاقة الاستدامة البيئية بالاقتصاد ومنها:

1- لا يوجد أي نشاط بشري أو اقتصادي إلا ينتج عنه نفايات.

Ad

2- قدرة البيئة على استيعاب وامتصاص كمية محددة من التلوث دون أن تتغير جودتها بشرط ألا تتجاوز الملوثات المستوى المحدد لها لضمان استمراريتها على الاستيعاب والتكيف.

3- منذ انطلاق الثورة الصناعية الكبري التي بدأت منذ عام 1850 إلى وقتنا الحالي ارتفعت بمقدار 1.3 درجة مئوية، وذلك نتيجة لزيادة عدد سكان الأرض ولتنوع الأنشطة الاقتصادية بمفهومها الشامل ولدخول مفاهيم جديدة للرفاهية الاجتماعية.

وكنتيجة طبيعية لتلك المسلمات شهد وسيشهد العالم تغيرات كبيرة للمناخ، حيث حذرت الأوساط العلمية مرارا وتكرارا من خطورة ارتفاع درجة الحرارة لأكثر من 1.5 درجة مئوية قد يؤدي إلى إطلاق العنان لتأثيرات أشد خطورة لتغير المناخ والطقس المتطرف.

هذا التغير المناخي قد بدأت ملامحه عند مستويات درجة الحرارة المسجلة حاليًا، حيث ارتفاع موجات الحر والفيضانات والأعاصير والجفاف وتسارع ارتفاع مستوى سطح البحر، وتسخين المحيطات أكثر شدة مما كانت عليه قبل عام 1850.

القيادة السياسية في دولة الكويت أدركت خطورة تداعيات التغير المناخي، لذلك حرص سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد الصباح، أطال الله في عمره، منذ توليه مهام وزارة الخارجية على حضور مؤتمر الأطراف الإطارية بشأن تغيير المناخ الذي ترعاه الأمم المتحدة، وما هذا إلا دليل على اهتمام دولة الكويت بضرورة تضافر الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز التعاون الدولي لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060.

هذه المرة عقد مؤتمر المناخ بدورته الـ29 تحت عنوان «التضامن من أجل عالم أخضر» في العاصمة باكو بأذربيجان والذي يهدف إلى جمع ترليون دولار سنوياً بدلاً من 100 مليار بهدف تمويل المشاريع التي من شأنها الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري العالمي، ومساعدة الدول النامية على مواكبة متطلبات تلك المواجهة.

وإذا ما تجاوزت مستويات درجة الحرارة على كوكب الأرض 1.5 مئوية فإن تداعياتها ستكون قاسية، وقد تكون كارثية إذا ما تجاوزت درجة الحرارة 2 درجة مئوية على العالم، وخصوصا الدول ذات البيئات الهشة، ومنها الكويت ودول الإقليم والمنطقة العربية، لذلك لا بد من إيجاد الحلول اللازمة لمواجهة هذا التحدي الكبير على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، ولا بد من مضاعفة الجهود لتنفيذ البرامج والمشاريع المعززة لمفهوم التنمية المستدامة.

وبالرغم من العناية والاهتمام الذي توليه القيادة السياسية لقمم المناخ فإنها تمر على إدارة الهيئة العامة للبيئة مرور الكرام، في حين في المقابل نجد لدى دول مجلس التعاون الخليجي رؤى واضحة، وإنجازات يمكن لأي متابع مشاهدة نتائجها على الأرض ومن خلال مؤشرات جودة الأداء البيئي.

في المقابل توجه الأمم المتحدة برفع قيمة المساهمات البيئية إلى تريليون دولار قد يراه البعض أنه رقم كبير، لكنه في الحقيقة مبلغ صغير إذا ما نظرنا إلى أهمية المحافظة على جودة الحياة، وأن جميع الأنشطة الاقتصادية والبشرية تقوم على الموارد البيئية، لذلك كان من الضروري تغيير كلمة مساهمات إلى كلمة استثمارات.

مفهوم الاستثمار البيئي يتجاوز المساعدات المالية والعقوبات إلى فضاء الاستثمار في الموارد الطبيعية والمتجددة والتقنيات والتكنولوجيا الحديثة وإدارة النفايات والحلول الهندسية.

أخيرًا كلمة سمو ولي العهد تمثلني كأحد المختصين في مجال البيئة، والتي تمحورت حول ضرورة تمكين الدول المتقدمة الدول النامية في مقاومة آثار تلك الظاهرة، وإن دولة الكويت ملتزمة بالجهود الرامية لمواءمة النمو الاقتصادي المنخفض الكربون، وداعمة لمبادرتي «النداء للهدنة» و«المياه من أجل التغير المناخي»، وتسعى إلى الوصول للحياد الكربوني بحلول عام 2060 عبر تبنيها مشاريع إنتاج نصف الكهرباء من الطاقة الشمسية، وتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 80%.

في الختام أتساءل وأخص بالذكر الجهات المعنية وفي مقدمتها الهيئة العامة للبيئة المسؤولة عن تنفيذ الخطط ومتابعة تنفيذها وما سبب تراجع دولة الكويت على مؤشر جودة الأداء البيئي من المرتبة 87 إلى المرتبة الـ95؟

ودمتم سالمين.