سجل الدولار الأميركي صعوداً قوياً وسريعاً أمام العملات الأخرى خلال الأيام الماضية، وهو ما فتح الباب أمام تساؤلات حول أسباب هذا الصعود الكبير، على الرغم من استمرار التوقعات في أوساط الاقتصاديين والمصرفيين بأن يقوم مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي بخفض قريب لأسعار الفائدة.

وحاول تقرير نشرته جريدة نيويورك تايمز الأميركية، واطلعت عليه «العربية Business»، تفسير الصعود الكبير والسريع الذي سجله الدولار الأخضر خلال الأيام القليلة الماضية، وهو ما أدى بالمقابل إلى تراجع أسعار الذهب والعملات الرئيسية الأخرى وتقلب في أسعار الكثير من السلع المقومة بالدولار.

Ad

وأوضح التقرير أن ارتفاع الدولار ارتبط بفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، مضيفاً: «في اليوم التالي للانتخابات، ارتفع الدولار إلى أعلى مستوى له منذ سنوات مقابل سلة من العملات الرئيسية الأخرى، واستمر في الارتفاع، حيث وصل إلى أعلى مستوى جديد لهذا العام يوم الأربعاء الماضي، حيث نظر خبراء الاقتصاد والتجار في السياسات التي اقترحها الرئيس المنتخب وراجعوا توقعاتهم للعملة المهيمنة في العالم».

وهذا الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار هو تحول حاد من ثلاثة أشهر من الضعف المستمر، حيث بلغ الدولار أدنى نقطة له لهذا العام في نهاية سبتمبر الماضي.

لكن «نيويورك تايمز» تقول إن هذه التقلبات والتحركات الحادة في سعر صرف الدولار يمكن أن يكون لها تأثير مزعزع لاستقرار الاقتصاد العالمي، لأن العملة الأميركية تدخل فيما يقرب من 90% من جميع معاملات الصرف الأجنبي بالعالم، بما في ذلك تداولات السلع الأساسية، مثل النفط.

ويوفر الدولار القوي قدرة شرائية أفضل لدى الأميركيين، حيث يصبح من الأرخص بالنسبة لهم شراء السلع الأجنبية والسفر إلى الخارج، ولكن الشركات الأميركية، التي تصدر المنتجات، قد تصبح أقل قدرة على المنافسة، حيث خارج الولايات المتحدة يعمل الدولار القوي على تأجيج التضخم في البلدان ذات العملات الأضعف، ويجعل من الصعب سداد الديون المقومة بالدولار، مما يثقل كاهل الاقتصاد العالمي.

وأفادت الصحيفة بأن الارتفاع الأخير في سعر صرف الدولار يبدو غريباً، لأن دونالد ترامب قال إنه غالباً ما يفضل أن يرى الدولار ضعيفاً من أجل تنشيط الصادرات الأميركية، لكن معظم خبراء الاقتصاد يتوقعون أن تؤدي خططه لفرض الرسوم الجمركية على الواردات وخفض الضرائب إلى رفع الدولار وليس خفضه.

وقال ستيفن إنجلاندر، محلل النقد الأجنبي في «ستاندرد تشارترد» إن «ترامب هو المحرك الرئيسي للدولار»، مشيراً إلى أن التعريفات الشاملة، وهي وعد حملة ترامب المميز، ستفرض في الواقع ضرائب على جميع السلع المستوردة، حيث يقول المؤيدون إنه من خلال جعل الواردات أكثر تكلفة، تعمل التعريفات الجمركية على تعزيز البدائل المحلية.

وذكر مات بوش، الخبير الاقتصادي الأميركي في «جوجنهايم إنفستمنتس»، أن قوة الدولار تعكس «استثنائية الولايات المتحدة» من حيث اقتصادها الأقوى، فضلاً عن إمكانية ارتفاع التضخم.

لكن المحللين في «سوسيتيه جنرال» لا يعتقدون أن الدولار يمكن أن يرتفع كثيراً في الأشهر المقبلة، ويتوقعون أن يصل إلى ذروته بحلول نهاية عام 2024.

وكتب المحللون، في تقرير بحثي حديث، «طالما أن النمو الأميركي الأقوى، وأسعار الفائدة الأميركية الأعلى وثقة العالم في وضع الدولار كلها سليمة، فإن الدولار سيظل مقدراً بدرجة عالية جداً، لكننا نشك في أنه يمكن أن ترتفع قيمته إلى مستويات أعلى بكثير».