أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب سيواجه في ولايته الثانية شرق أوسط مختلفاً تماماً، بعد عدة تغييرات شهدتها المنطقة منذ ولايته الأولى بين عامي 2016 و2020.

وعدد التقرير 5 أسباب وراء هذا الاستنتاج، وهي: هجمات 7 أكتوبر، اختلال التوازن بين إسرائيل وإيران، وانتقال السعودية وإيران من الحرب الباردة إلى الوفاق، وتراجع فرص التوصل لاتفاق إسرائيلي - سعودي، واستراتيجية الرجل المجنون التي يتبعها ترامب، والتي تجعل من شبه الصعب جداً التنبؤ بخطواته في الولاية الثانية.

Ad

أولاً: هجمات 7 أكتوبر

اعتبرت «نيويورك تايمز» أن هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 كان واحدا من تلك اللحظات التي تقسم التاريخ إلى «ما قبل» و«ما بعد»، مشيرة الى أنه خلال ولاية ترامب الأولى ومعظم ولاية جو بايدن، لم تحظَ المطالب الفلسطينية بإقامة دولة بالكثير من الاهتمام، لكن الهجوم والحرب التي اندلعت بعده غيرت كل شيء، وباتت الولايات المتحدة مرة أخرى منخرطة بعمق في المنطقة، حيث قدمت دعما عسكريا لإسرائيل في حربها ضد حماس في غزة وحزب الله في لبنان.

والغضب الواسع بسبب تصرفات إسرائيل، التي قتلت عشرات الآلاف من الأشخاص، وشردت أكثر من مليون، أعاد تسليط الضوء على قضية إقامة دولة فلسطينية.

ثانياً: اختلال التوازن بين إسرائيل وإيران

تشير الصحيفة الى أنه قبل هجمات 7 أكتوبر، كانت إسرائيل وإيران في حالة توازن مستقر، وإن كان عنيفا في بعض الأحيان، وكانتا منخرطتين في حرب ظل، لكن كلاهما تجنب الدخول في صراع شامل، وحافظتا على توازن رادع متبادل. هذا التوازن اختل وتعرض لمزيد من التدهور، بعدما أطلقت إيران هجومين صاروخيين واسعي النطاق على إسرائيل، الأول من نوعه، وردت إسرائيل بضربات دقيقة ضد الدفاعات الجوية الإيرانية ومنشآت إنتاج الصواريخ. وإذا لم تتمكن إسرائيل وإيران من الوصول إلى توازن جديد للرادع بينهما، فقد يتصاعد الصراع، مما قد يجذب دولا أخرى إلى المواجهة.

ثالثاً: الاتفاق بين السعودية وإيران

يلفت التقرير الى أنه خلال ولاية ترامب الأولى، بل في معظم العقد الثاني من القرن الحالي، كانت السعودية وإيران في حرب باردة، وأحيانا خاضتا حرباً بالوكالة، لكن هذا بدأ يتغير، بعد توقيع اتفاق بين البلدين في 2023، بوساطة الصين، ما أدى إلى تحسن العلاقات بينهما ما «يوجه رسالة قوية جدا، خاصة مع إعادة انتخاب ترامب، مفادها أن المنطقة تختلف كثيرا عن فترته الأولى. العلاقة بين السعودية وإيران تغيرت بشكل كبير الآن».

رابعاً: انتكاسة الاتفاق الإسرائيلي - السعودي

يذكر التقرير أنه قبل 7 أكتوبر 2023، كانت السعودية وإسرائيل تبدوان على وشك التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما، كان من الممكن أن يعيد تشكيل الشرق الأوسط، حيث كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يأمل أن يؤدي إلى إنشاء نوع من «الناتو الشرق أوسطي»، مما يعزز الروابط الأمنية بين إسرائيل ودول الخليج ويزيد من عزلة إيران وحلفائها.

لكن الآن، يبدو الوضع مختلفا تماما. الحروب التي تخوضها إسرائيل في غزة ولبنان جعلت من الصعب على السعودية ودول أخرى إبرام صفقة مع إسرائيل دون تحقيق تنازلات كبيرة تشمل التزاما بقيام دولة فلسطينية، وهو أمر تواجهه معارضة إسرائيلية أقوى من أي وقت مضى منذ عقود. ومع الوفاق بين إيران والسعودية، يبرز احتمال ظهور نظام إقليمي جديد تصبح فيه إسرائيل، وليس إيران، أكثر عزلة.

خامساً: عدم القدرة على التنبؤ بترامب «الثاني»

تقول «نيويورك تايمز» إنه خلال ولاية ترامب الأولى، جادل الكثيرون بأنه كان يتبع «استراتيجية الرجل المجنون» في الشؤون الخارجية، وتتمثل هذه الفكرة في أن الخصوم إذا اعتقدوا أنك غير مستقر بما يكفي لتنفيذ تهديد رغم العواقب الكارثية المحتملة، فإنهم سيكونون أكثر ميلا للتراجع. في حين أن هناك منطقا استراتيجيا لمتابعة هذه الاستراتيجية مع الخصوم، فإن التصرف بشكل غير متوقع مع الدول الصديقة قد يؤدي إلى انسحابها وسعيها إلى تحالفات أخرى.

على سبيل المثال تلفت الصحيفة الى أن رفض ترامب الرد على الهجوم الذي ضرب في عام 2019 منشآت النفط الرئيسية بالسعودية في بقيق وخريص، واتهمت واشنطن طهران بالوقوف خلفه قد يكون ساهم في قرار السعودية السعي لإعادة ضبط العلاقات مع إيران.

ومن المحتمل أن تجلب إدارة ترامب الثانية إشارات مختلطة، خصوصاً مع تعيين ترامب داعمين أقوياء لإسرائيل في طاقمه للسياسة الخارجية، وتضيف أنه على الرغم من الموقف القاسي الذي تبناه ترامب تجاه إيران منذ فترة طويلة، فإن هناك مؤشرات على أنه يرغب في مناقشة سبل تهدئة التوترات معها.