عِشت وتربيت في بيت يعشق كرة القدم بكل تفاصيلها، وكان حب منتخب بلدي الكويت هو عشقي الأول أنا ووالدي، كل هذا الحب ما كان يقتصر على مشاهدة مباريات المنتخب فقط، بل كان يشمل تحليلها بين كل شوط، ومناقشة قرارات المدرب، أذكر ذاك الوقت كان (ماتشالا)، وبما أني من جيل الثمانينيات فكنت أنا ووالدي من عشاق لعب وأداء اللاعب الدولي السابق والمدرب الحالي كابتن هاني الصقر.

نحلل أداءه في كل شوط، نلاحظ هدوءه، ضبط انفعالاته، أدبه في الملعب، ثقته، ومع تسارع الأيام نسمع خبر اعتزاله عام 2005، حتى اعتزاله مر بهدوء من غير أي «شو إعلامي زايد»، سمعنا وقرأنا أنه صار مدرباً في نادي خيطان وعقبها نادي اليرموك لمدة ثماني سنوات، ما سمعنا حتى بعد استقالاته أي تصريح مستفز منه، كانت نهاياته مع كل نادٍ نهايات خلوقة لا ينتابها أي عداء.

Ad

ونستنكر كمتابعين عدم تصريحه في أي موضوع يخص أسباب الاستقالة، يسألني والدي «هيا ما سمعتي شي بالسوشال ميديا ليش طلع هاني من اليرموك؟!»، أرد عليه «لا يُبا ماكو شي كتمان غريب!»، ومع انحدار مستوى الكره الكويتية فنياً وإدارياً والصخب والإزعاج اللي حاصل بالسوشال ميديا عرفت أن من الشهامة الانسحاب.

كبرت وفهمت أن من الشهامة والأدب وخاصة في هذي الظروف الدقيقة ألا يصرّح الشخص بأي شيء ما يفيد البلد، كبرت وأيقنت أن اللي تهمه رياضة الكويت واللي عنده أي نقد بنّاء يجب أن ينقله للشخص المعني... وعيت وآمنت أن الانسحاب والتّجنب في أغلب الأحيان هو الشهامة بكل معانيها.

أنا لا أبخس حق أي لاعب ومدرب حالي أو سابق، كلهم والنعم فيهم ونتعلم منهم، ولكن كل اللي في بالي من ذكريات هي أني من الجيل اللي شاف لعب وأخلاق «هاني الصقر»... أوجه تقديري واحترامي لكل المسؤولين ومحبي كرة القدم الكويتية وخاصةً بهذي الظروف الدقيقة، أنا أشوف إن «هاني الصقر» يستحق أن يكون في مكان حيوي، وأقصد بِحَيوي أن يكون في مكان صُنع القرار ليُعيد بريق الكرة الكويتية بكل تفاصيلها.

كابتن هاني لم يفجر في الخصومة، وما نذكر أصلاً أن عِنده خصِم، كابتن هاني لا يُجامل على حساب مصلحة البلد، كابتن هاني ولد نادي القادسية اللي أصلاً من أقوى نوادي الدوري الكويتي، كابتن هاني لم يُساوم على محبته للقلعة الصفراء لما سمحت له الفرصة لينتقل إلى نادٍ آخر انتقالاً سلساً، بل رَفَض العرض بسبب حس المسؤولية العالي... العالي جداً.

ليش ننطر اللحظة اللي ابن البلد يقرر يوجه عطاءه لعروض في دول مجاورة؟ ليش؟! ليش أصلاً ما نستثمر بهذه الطاقات لمصلحة الكويت... ليش؟!

شكراً «بومحمد» على الشّهامة، هدوؤك وانسحابك أخلاق يجب أن تُدَرّس.