كشفت الحسابات الختامية الصادرة أخيراً عن وزارة المالية، تحسّن الوضع المالي خلال السنة المالية 2021/ 2022 بشكل ملحوظ، إذ سجلت الحكومة عجزاً بواقع 3.0 مليارات دينار (7.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي)، فيما يعد أقل بكثير من العجز القياسي البالغ 10.8 مليارات (33.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي)، الذي سجلته ميزانية العام المالي السابق، التي تأثرت نتائجها بجائحة كورونا.

وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، يعزى تحسُّن الوضع المالي بصفة رئيسية لارتفاع أسعار النفط التي تضاعفت تقريباً مقارنة بالسنة المالية 2020/ 2021، وتزامن ذلك مع نمو محدود في النفقات، إذ أعطت الحكومة الأولوية للإنفاق على «البنود الضرورية وخاصة الرواتب والإعانات، مقارنة بالنفقات الموجهة للاستثمارات الرأسمالية، نظراً لقلة السيولة بسبب الاقتراب من استنفاد سيولة صندوق الاحتياطي العام وقلة خيارات التمويل البديلة (إذ لم يتم إقرار قانون الدين العام حتى الآن).

Ad

• وارتفعت الإيرادات بنسبة 77 بالمئة، لتصل إلى 18.6 ملياراً، متجاوزة بفارق كبير التقديرات الرسمية لموازنة السنة المالية 2021/ 2022 (10.9 مليارات).

ويعزى ذلك لارتفاع العائدات النفطية (+85 بالمئة إلى 16.2 ملياراً) بفضل ارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ، والتي وصلت في المتوسط إلى 80.7 دولاراً للبرميل (تقريباً ضعف تقديرات الميزانية البالغة 45 دولاراً للبرميل) وزيادة إنتاج النفط (+6.4 بالمئة إلى 2.5 مليون برميل يومياً في المتوسط).

ومثلت العائدات النفطية نحو 87 بالمئة من إجمالي الإيرادات.

كما ارتفعت الإيرادات غير النفطية بأكثر من الثلث، لتصل إلى 2.4 مليار، ما يرجع بشكل كبير إلى بند «الإيرادات الأخرى»، الذي تضمن تسلّم الكويت الدفعة الأخيرة من تعويضات حرب الخليج من العراق عن طريق لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة.

وبلغ إجمالي قيمة التعويض 2.1 مليار دولار (638 مليون دينار). وباستثناء هذا البند، ارتفعت الإيرادات غير النفطية بنحو 28 بالمئة.

• كما ارتفعت النفقات إلى 21.6 ملياراً، أي بنسبة 1.5 بالمئة مقارنة بالعام السابق، مع انخفاض النفقات الجارية بنسبة 2.6 بالمئة إلى 19.0 ملياراً، وزيادة النفقات الرأسمالية 16 بالمئة، لتصل إلى 2.6 مليار.

ويعزى انخفاض النفقات الجارية بنسبة كبيرة للتراجع الملحوظ في بند «النفقات الأخرى» (-17.5 بالمئة إلى 2.6 مليار دينار).

وفي المقابل، ارتفع كل من بندَي الرواتب والأجور والإعانات بنسبة 3.5 و2 بالمئة على التوالي، والتي تمثل 76 بالمئة من إجمالي النفقات.

ويعكس النمو المرتفع للنفقات الرأسمالية التحسن في الأداء مقارنة بالسنة المالية 2020/2021 التي سجلت مستويات ضعيفة جداً نتيجة التأثر بالجائحة، لكنها ما زالت أدنى من المستويات التاريخية.

وجاءت النفقات الرأسمالية أقل من الميزانية التقديرية بنسبة 26 بالمئة، في ظل مواصلة بحث السلطات عن أوجه للتوفير في ذلك القطاع، وسط ارتفاع التكاليف بسبب نقص العمالة والمواد الأولية.

كما تأثر الإنفاق الرأسمالي بالتأخيرات البيروقراطية والجمود السياسي الذي شهدناه خلال الأعوام 2021/ 2022.

• وفي نوفمبر الماضي، أقر مجلس الأمة الجديد أخيراً موازنة السنة المالية 2022/ 2023، بعد مرور أكثر من 6 أشهر على بدء السنة المالية.

وزادت القيمة المخصصة للنفقات بنسبة 2.1 بالمئة عن موازنة العام السابق (السنة المالية 2021/ 2022)، لتصل إلى 23.5 مليارا، كما ارتفعت توقعات الإيرادات بنسبة 114 بالمئة إلى 23.4 ملياراً، نتيجة لارتفاع أسعار النفط (80 دولاراً للبرميل).

ونتج عن ذلك تقدير تسجيل الموازنة لعجز بسيط قدره 124 مليوناً. ويتضمن ذلك إضافة 423 مليون دينار للمدفوعات الاستثنائية لموظفي القطاع العام من الصفوف الأمامية عن فترة الجائحة - وصرف بدل الإجازات والتعويض عن الخدمات المقدمة، على التوالي.

• وبصفة عامة، تتوقع الموازنة العامة زيادة الإنفاق الجاري (+5.1 بالمئة مقارنة بالميزانية السابقة لتصل إلى 20.6 ملياراً)، لتغطية زيادة أسعار البنود المدعومة والمخصصات، والتحويلات لمصلحة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.

من جهة أخرى، تم خفض مخصصات النفقات الرأسمالية (-15.3 بالمئة إلى 2.9 مليار دينار)، ربما بمنزلة إقرار بالتحديات الأخيرة التي واجهت التنفيذ.

• وفي واقع الأمر، قد تكون نتيجة السنة المالية 2022/ 2023 أفضل بكثير من تقديرات الموازنة العامة، إذ بلغ متوسط سعر خام التصدير الكويتي 104.8 دولارات للبرميل في الفترة الممتدة من أبريل إلى نوفمبر، أي أعلى بكثير من الأساس المفترض في الموازنة بواقع 80 دولاراً للبرميل.

ومن المرجح أن يصل الفائض في الموازنة العامة إلى 5.2 مليارات دينار، أو ما يعادل 9.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ليكون بذلك أول فائض تسجله الكويت منذ عام 2014.