هل تذكرون تعلقنا ومتابعتنا للبطل محمد علي كلاي لسنوات ثم تلاشى حماسنا للملاكمة من بعده؟ وهل تذكرون حبنا وملاحقتنا لنجوم الكرة الكويتية في الستينيات والسبعينيات وكيف خفت ونزرت الآن وانتقلت معظم المتابعة للنجوم العالميين؟ وهل تذكرون نجوم مجلس الأمة في السابق الذين مارسوا الطرح البرلماني البناء والحريات المنضبطة بالقيم الدستورية والأخلاقية حتى مع أشد حالات الخلاف، وكيف كسبوا الشعبية بالعمل من أجل الكويت بمكافحة الفساد وبالقوانين المنضبطة والمدرة للدخل؟ وهل تذكرون سلاسة التوظيف وسهولة تخليص المعاملات الحكومية في السابق والحالة التي أصبحتا عليها الآن؟ وهل تذكرون متابعتنا للبرامج التلفزيونية والصحف ذات الحوار العلمي السياسي والاجتماعي؟ وكيف تحولت المتابعة الآن إلى الرويبضات في وسائل التواصل؟ وهل تذكرون كيف كانت دول الخليج تعتبرنا في المقدمة ثم أصبحت بلادنا اليوم تلاحق هذه الدول في كثير من المجالات حتى أصبحت أهم أمنياتنا التخلص من الغش والتزوير وإصلاح الشوارع؟

كثير من المراقبين والكتاب يسمي أيامنا السابقة (الزمن الجميل)، في إشارة إلى أوضاع اليوم حيث الهزائم الرياضية المتواصلة، وتكدس نسبة%85 من قوة العمل غير المنتجة في الحكومة، ومازلنا نعتمد على مصدر وحيد للدخل لا يغطي مصروفات الميزانية المتخمة، وكيف أصبحت الشعبية تكتسب بقدر ما توزع الأموال العامة وبقدر الواسطة في التجنيس والتعيين والنقل والترقية، كما فقدنا القيادات الشعبية الحقة بسبب الاغتيال المعنوي الذي تم لبعضهم وتناقض مواقف البعض الآخر ومتابعتهم للشارع بدلاً من قيادتهم له، وأخيراً فقدنا مجلس الأمة في ظل سكوت أو تأييد شعبي أحياناً لممارسات خاطئة كثيرة.

Ad

وأرى، والله أعلم، أن الإنسان الكويتي هو العامل المشترك في كل هذه الظواهر، وهو الذي يصنع الفارق ابتداء من الرياضة إلى مجلس الأمة، مروراً بالاقتصاد والإعلام، لذلك يجب اليوم إعادة بناء الإنسان القدوة الذي يعطي بلا حدود ولا ينتظر الجزاء أو المكافأة في المنصب والرياضة، والحكومة وهي المسؤول الأول حسب الشرع والقانون، يجب أن تنظر إلى المستقبل وما يخبئه من أخطار بقدر نظرتها إلى أخطاء الماضي، وكذلك النائب الذي يعلم أن توزيع المال دون إنجاز مقابل هو هلاك له، مثل هلاك الواسطة والفساد للعدالة والإنتاجية.

الآن، يجب على الجميع إعادة بناء الإنسان، لأن النهوض والإبداع لا يأتيان إلا مع إنسان متعلم ومخلص ومعطٍ في جميع المجالات، والتفوق لا يتحقق إلا مع الحاجة والمنافسة ومكافحة الفساد ومواجهة الأخطاء والأكاذيب والشائعات بقوة القانون.

قال الله تعالى: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ...».