أغلقت المدارس أبوابها في بيروت الإثنين، غداة سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت قلب العاصمة اللبنانية وأدت إلى اغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله.

ومنذ الليل، يشنّ الجيش الإسرائيلي، المنخرط في حرب ضدّ حماس في غزة وأخرى ضدّ حليفها حزب الله في لبنان، غارات على الجبهتين.

Ad

وأوردت الوكالة اللبنانية للإعلام أن الجيش الإسرائيلي شن ليل الأحد الإثنين غارات جديدة على مناطق مختلفة في جنوب لبنان.

والأحد، أعلن وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي«إقفال المؤسسات التربوية الرسمية والخاصة ومؤسسات التعليم العالي الخاصة التي تعتمد التعليم الحضوري» في بيروت وعدد من ضواحيها الإثنين والثلاثاء.

وفي المناطق التي بقيت بمنأى عن الغارات الإسرائيلية، تأخرت انطلاقة العام الدراسي على ضوء جولة التصعيد الإسرائيلية الأخيرة المستمرة منذ 23 سبتمبر.

وحولت السلطات عددا من المدارس والمعاهد إلى مراكز إيواء للنازحين مع فرار عشرات آلاف العائلات من منازلهم.

ويأتي هذا الإغلاق بعد يوم على مقتل مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف في غارة على مركز حزب البعث بحي رأس النبع.

وأكد الجيش الإسرائيلي الأحد «تصفية» عفيف، قائلا في بيان إنه نفذ «ضربة دقيقة بناء على معلومات استخبارية في منطقة بيروت وقتل الإرهابي محمد عفيف». وأضاف أنه «كان متورطا بشكل مباشر في النشاط الإرهابي لحزب الله ضد دولة إسرائيل».

وكان عفيف العضو في حزب الله منذ مطلع الثمانينات من ضمن الدائرة المقرّبة من الزعيم السابق للحزب حسن نصرالله الذي قضى في غارة جوّية شنّها الجيش الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت في أواخر سبتمبر.

والإثنين، نعى حزب الله أربعة من العاملين في مكتب العلاقات الإعلامية قال إنهم قتلوا إلى جانب مسؤول إعلامه محمّد عفيف.

كما قتل شخصان وأصيب 13 آخرون بجروح في غارة إسرائيلية استهدفت منطقة مار الياس في قلب بيروت مساء الأحد، وفق ما أفادت وزارة الصحة اللبنانية. وسمع مراسلو وكالة فرانس برس دوي انفجارين قويين.

وصباح الإثنين، بدت آثار الدمار واضحة جراء الغارة التي استهدفت محلا لبيع الإلكترونيات في الشارع التجاري والمكتظ سكنيا في بيروت.

وشاهد مصور لوكالة فرانس برس خزانات وقود متفحمة وسيارات متضررة وواجهات متاجر مكسورة قرب المحل المستهدف الذي تناثرت مقتنياته إلى الخارج وبدا أشبه بقاعة خالية ذات جدران سوداء.

وقال شكري فؤاد، أحد التجار في الشارع، بأسف: «عند الساعة 6:30 مساء، وقع الانفجار، دخل صاروخ إلى محلنا من جهة الخلف وانفجر».

وأضاف «انفجرت صهاريج النفط، واندلع حريق في متجرنا وفي المتاجر المجاورة... في ربع ساعة، ضاع جنى العمر».

في الثامن من أكتوبر 2023، غداة هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل، فتح حزب الله جبهة «إسناد» لغزة، وجرت منذ ذلك الحين عمليات تبادل إطلاق نار شبه يومية عبر الحدود.

وبعد عام، كثفت الدولة العبرية اعتبارا من 23 سبتمبر غاراتها على معاقل الحزب في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية. وأعلنت في 30 منه بدء عمليات برية «محدودة».

ومنذ بدء تبادل القصف بين حزب الله وإسرائيل في الثامن من أكتوبر 2023، قُتل 3452 شخصا في لبنان، وفق وزارة الصحة اللبنانية.

ويواصل حزب الله، بالرغم من الضربات الموجعة التي تلقّاها والتي قضت على جزء كبير من قيادته، بشنّ هجمات صاروخية يومية على إسرائيل يقضي الغرض منها بحسب قوله دحر القوّات الإسرائيلية في الجنوب.

من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي الإثنين رصده نحو 30 مقذوفا أطلقت من لبنان نحو شمال الدولة العبرية.

وقال الجيش في بيان بعد سماع سفارات الإنذار قبل قليل في منطقتي الجليل الأعلى والغربي، «تم رصد 30 مقذوفا انطلقت من لبنان في اتجاه الأراضي الإسرائيلية» موضحا أنه «اعترض بعض القذائف فيما سقطت البقية في منطقة مفتوحة».

والأسبوع الماضي، كشف مسؤولون أن لبنان يدرس مقترحا أميركيا للتوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، في حين أعربت حماس عن استعدادها لوقف لإطلاق النار في غزة. غير أن لا مؤشّرات للتهدئة حتّى الساعة على أيّ من الجبهتين.

وفي قطاع غزة المدمر، أعلن الدفاع المدني الإثنين مقتل 9 فلسطينيين في غارات جوية على مدينة غزة شمالا، وعلى جنوب قطاع غزة.

وقال الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل لوكالة فرانس برس «استشهد 9 مواطنين على الأقل في غارات جوية إسرائيلية فجر اليوم في قطاع غزة»، مشيرا إلى مقتل 3 في حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة.

وأعلن عن مقتل ثمانية أشخاص، 4 منهم من عائلة واحدة، بعد قصف «استهدف خيمة تؤوي عشرات النازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس» جنوب القطاع.

وتتواصل أعمال البحث عن مصابين وانتشال جثث الضحايا في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، حيث استهدفت غارة دموية ليل السبت الأحد مبنى من خمس طبقات انتُشل من تحت أنقاضه ما لا يقل عن 34 جثة يعود عدد منها لنساء وأطفال، فيما ما زال العشرات في عداد المفقودين، وفق ما أكد بصل لوكالة فرانس برس.

بدأ الجيش الإسرائيلي في 6 أكتوبر هجوما بريا واسعا بشمال قطاع غزة لمنع مقاتلي حماس من إعادة تنظيم صفوفهم.

وفي جنوب القطاع، قال سعيد البرعي (48 عاما) الذي يقيم مع عائلته في خيمة بمنطقة المواصي، لوكالة فرانس برس «القصف وقع في ساعات الفجر... حدث انفجار قوي جدا ومزلزل واشتعلت النيران».

ووصف الوضع قائلا «دخان وظلام والغبار والرمال ملأت الخيام، صراخ الأطفال والنساء في كل مكان».

اندلعت الحرب في غزة عقب هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.

وأسفر الهجوم عن 1206 قتلى غالبيتهم مدنيون وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية. وتشمل هذه الحصيلة مَن لقوا حتفهم أو قُتلوا في الأسر.

وخلال الهجوم، خطف المسلحون 251 شخصا، لا يزال 97 منهم في غزة، بينهم 34 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم ماتوا.

وأسفرت الحملة العنيفة التي يشنها الجيش الإسرائيلي في غزة ردا على هجوم حماس عن 43922 قتيلا على الأقل، غالبيتهم مدنيون، وفق آخر أرقام وزارة الصحة التابعة لحماس.