أجرى المبعوث الرئاسي الأميركي إلى لبنان آموس هوكشتاين، أمس، في بيروت مفاوضات «بناءة» حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و»حزب الله»، مشيراً إلى أن هناك فرصة كبيرة للاتفاق الذي بات بمتناول اليد، في خطوة تعكس إصرار إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على تحقيق إنجاز على الجبهة اللبنانية قبل مغادرتها في يناير المقبل، في حين يبدو التوصل إلى اتفاق مماثل على جبهة غزة أشد تعقيداً.
وعقد هوكشتاين وفريقه أكثر من جولة تفاوضية تقنية وسياسية مع فريق عمل رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، المكلف من «حزب الله» بالتفاوض، في سبيل الوصول إلى صياغة ملائمة للجانبين.
وأبدى هوكشتاين استعداده للبقاء في لبنان حتى اليوم للانتهاء من كل النقاط العالقة والوصول إلى صيغة نهائية يتم اعتمادها وبعدها ينتقل إلى تل أبيب لنقل الصيغة والتفاوض مع الإسرائيليين عليها.
وتقول مصادر لبنانية متابعة لمسار المفاوضات إن جو التفاوض والنقاش مع هوكشتاين كان إيجابياً، وتم إحراز تقدّم في عملية ردم الفجوات، وجميعها تتمحور حول تطبيق القرار 1701، من دون إدخال أي نص جديد.
وبحسب المعلومات، فإن أكثر النقاط التي حظيت بنقاش وجدل وكانت بحاجة إلى إعادة صياغة، هي النقاط المتعلقة بخطة انتشار الجيش في الجنوب وأين سينفذ انتشاره وفي أي مواقع متقدمة، وهي مسألة مرتبطة بأمور لوجستية وعسكرية، وآلية عمل «قوات اليونيفيل» بمعنى عدم توسيع صلاحياتها لتبدو وكأنها تعمل وفق البند السابع.
أما النقطة المتعلقة بالدفاع عن النفس من قبل الطرفين، فبحسب المعلومات جرى تجاوزها بصيغة أن أي طرف يحق له الدفاع عن نفسه في حال تعرّض لاعتداء، مع ضمانات أميركية بعدم إقدام إسرائيل على عمليات استباقية، وهذا أكثر ما احتاج إلى توضيحات في الصياغة. وفي الوقت نفسه، واصل الأميركيون الضغط في سبيل إدخال بريطانيا إلى لجنة مراقبة تطبيق الاتفاق ليكون هناك توازن بين البريطانيين والفرنسيين فتبقى واشنطن «الحكم والحاكم».
أكثر النقاط الشائكة كانت تلك المتعلقة بالصيغة حول عمل الجيش اللبناني وحصر السلاح بيد الدولة وتفكيك الجيش للبنى التحتية العائدة لـ «حزب الله»، حيث أصرّ فريق بري على اعتماد الصيغة التي جاءت بالقرار 1701 لجهة حصر السلاح بيد الدولة والقرار 1559، لأن الصياغة التي وردت في المقترح الأميركي حول الجيش تستخدم عبارة «تدمير» مواقع الحزب، كما أن هناك ملاحظة على كيفية اعتماد الإشارة إلى القرار 1559، وهو ما احتاج المزيد من النقاش في سبيل إنضاج صياغته.
على الضفة الإسرائيلية هناك اتجاهات مختلفان، الأول يعتبر أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لن يستجيب لكل هذه المحاولات وهو مصرّ على مواصلة الحرب، والآخر يعتبر أن الظرف سانح لإبرام الاتفاق، وأن الفرصة مواتية لإسرائيل للخروج من هذه الحرب، ومن الواضح أن هوكشتاين من مناصري وجهة النظر الثانية والمعتقدين بها.
وكان نتنياهو قال أمس الأول أمام الكنيست إن «الأمر الأهم ليس (الاتفاق الذي) سيوضع على الورق... سنكون مجبرين على ضمان أمننا في شمال (إسرائيل) وتنفيذ عمليات بشكل منهجي ضد هجمات حزب الله... حتى بعد وقف إطلاق النار»، لمنع التنظيم من إعادة بناء قواته.
وفي تفاصيل الخبر:
قال المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين في بيروت أمس، إن ثمة «فرصة حقيقية» لإنهاء النزاع المستمر بين حزب الله وإسرائيل، مشيراً إلى أن قرار التوصل إلى وقف لإطلاق النار أصبح «في متناول أيدينا».
وفور إعلان هوكشتاين أن محادثاته مع رئيس البرلمان نبيه بري المكلف من الحزب التفاوض باسمه، كانت «بنّاءة»، أعلن حزب الله في بيان عن كلمة مرتقبة لأمينه العام الجديد نعيم قاسم أمس، لكن سرعان ما أكد تأجيلها.
وتأتي زيارة هوكشتاين إلى بيروت بعدما باشرت إسرائيل في 23 سبتمبر تكثيف ضرباتها في لبنان من خلال حملة جوية واسعة تستهدف خصوصاً معاقل حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها، وإعلانها منذ نهاية الشهر ذاته بدء عمليات توغل بري في جنوب لبنان.
وعقب اجتماع استمر نحو ساعتين مع بري، قال هوكشتاين للصحافيين: «إنها لحظة اتخاذ القرار... أنا هنا في بيروت لتسهيل اتخاذ القرار، لكن في نهاية المطاف، فإن القرار بالتوصل الى حل للنزاع يعود إلى الأطراف» المعنية. وأضاف «لقد أصبح الأمر الآن في متناول أيدينا».
ووصف هوكشتاين محادثاته مع بري بأنها «بنّاءة جداً»، موضحاً «واصلنا تقليص الفجوات من خلال المناقشات على مدى الأسابيع القليلة الماضية».
وعقب لقائه بري، زار هوكشتاين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي أكد وفق مكتبه الإعلامي أن، «الأولوية لدى الحكومة هي وقف إطلاق النار والعدوان على لبنان وحفظ السيادة اللبنانية على الأراضي اللبنانية كافة».
وأتى ذلك غداة تأكيد مصدر رسمي مطلع على الاتصالات أن لبنان يتعامل «بإيجابية كبيرة» إزاء مقترح أميركي لوقف إطلاق النار يتألف من 13 نقطة، ويعمل على صياغة «ملاحظات نهائية» قبل نقل الرد إلى الجانب الأميركي.
وقال المصدر الرسمي الذي فضّل عدم الكشف عن هويته «يمكن القول إننا قطعنا شوطاً كبيراً»، مضيفاً أن «التوجه إيجابي ولبنان يتعاطى بإيجابية كبيرة مع المقترح» الذي يضع «ملاحظاته النهائية» عليه.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، أمس الأول، إن الولايات المتحدة عرضت «مقترحات على كل من الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية. لقد رد الطرفان على المقترحات التي قدّمناها».
وأوضح في تصريح للصحافيين «جرى تبادل للأفكار» حول آلية «التطبيق الكامل للقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي نعتبر أنه يصب في مصلحة الجميع»، مؤكداً أن واشنطن «ملتزمة هذه العملية».
وينصّ القرار الدولي 1701 على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.
وأبرز النقاط العالقة في الاتفاق حسب المصادر إصرار إسرائيل على منحها حرية التحرك ضد حزب الله في حال فشلت لجنة عسكرية ينص عليها الاتفاق لمراقبة تنفيذ الـ 1701 في مهامها.
ونقلت شبكة سي إن إن عن مصدر إسرائيلي قوله إن رفض طلب إسرائيل بضرب حزب الله في حال انتهاك وقف إطلاق النار قد يعرّض المفاوضات للخطر.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، امس الأول، امام «الكنيست»: «الأمر الأهم ليس (الاتفاق الذي) سيوضع على الورق... سنكون مجبرين على ضمان أمننا في شمال (إسرائيل) وتنفيذ عمليات بشكل منهجي ضد هجمات حزب الله... حتى بعد وقف إطلاق النار»، لمنع التنظيم من إعادة بناء قواته.
وتشير تقارير ايضا الى أن لبنان يرفض توسيع اللجنة العسكرية التي قد يقودها جنرال أميركي ويفترض أن تضم لبنان وإسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة لتضم دولا أخرى بينها المانيا وبريطانيا.
ونقلت قناة الحدث عن مصادر أن واشنطن تريد موافقة لبنان على إشرافها أمنيا على مرفأ ومطار رفيق الحريري الدولي في بيروت.
وبعد لحظات من تصريحات هوكشتاين، قال حزب الله إنه أجّل كلمة كانت مقررة لأمينه العام نعيم قاسم بعد وقت قصير من الإعلان عنها.
وبعد تقارير عن طلب المرشد الأعلى علي خامنئي من حزب الله في رسالة حملها مستشاره علي لاريجاني الى بيروت إبداء المرونة بخصوص وقف إطلاق النار، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أمس، إن «الميدان والمقاومة هما الجهة الحاسمة في التصدي للاعتداءات الإسرائيلية»، مضيفا أن «المقاومة متواصلة، وحزب الله أعاد تنظيم قوته ومنع تقدم الكيان الصهيوني في جنوب لبنان».
وغداة مقتل امرأة جراء سقوط صاروخ على مدينة شفا عمرو في شمال إسرائيل وقصف لحزب الله على تل ابيب تسبب بحرائق ووقوع إصابات، أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، إطلاق 5 صواريخ من لبنان على وسط البلاد. وذكرت القناة 13 الإسرائيلية أنه تم تفعيل صفارات الإنذار من الخضيرة إلى هرتسليا بشمال تل أبيب.
وأعلن حزب الله استهداف قاعدة تل حاييم في تل أبيب بدفعة من الصواريخ النوعية وسرب من المسيّرات الانقضاضية، مشيرا الى أنها تبعد عن الحدود اللبنانية 120 كيلومترا في مدينة تل أبيب.
وفي بيان آخر، ذكر الحزب أن عناصره استهدفوا، مساء أمس الأول، مسيّرة إسرائيلية من نوع هيرمز 450 في أجواء بلدة الطيبة (شرق جنوب لبنان) بصاروخ أرض/جو، وتم إسقاطها وشوهدت تحترق، كما تم استهداف مستوطنة كريات شمونة برشقة صاروخية.
وقالت مصادر عسكرية لبنانية لوكالة أنباء شينخوا إن اشتباكات عنيفة اندلعت أمس بين عناصر من حزب الله وقوات إسرائيلية كانت قد تقدمت على محوري الخيام شرق جنوب لبنان وشمع في القطاع الغربي من المنطقة الحدودية. وأقر حزب الله بوصول الجيش الاسرائيلي الى منطقة البياضة، مضيفا أنه استهدف آليات إسرائيلية هناك.
وذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية الرسمية للإعلام أن حزب الله تصدى لمحاولات تقدم إسرائيلية باتجاه بلدة الخيام، فيما افادت مصادر رسمية إسرائيلية بإصابة 1000 عسكري إسرائيلي منذ بداية العملية البرية في جنوب لبنان.
وفيما أكد المتحدث باسم قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، أندريا تينينتي، أمس، سحب الأرجنتين ضباطها العاملين ضمن القوات البالغ قوامها 10 آلاف جندي تابعين لأكثر من 50 دولة، قال وزير الجيوش الفرنسي، سيباستيان لوكورنو، الذي يقوم بجولة خليجية، في أبوظبي، أمس، إنه ناقش مع نظرائه في المنطقة ضرورة دعم الجيش في لبنان.
وقبل زيارة الإمارات، حيث التقى الرئيس الشيخ محمد بن زايد ووزير دفاعه، زار لوكورنو قطر والسعودية.
وأضاف: «لقد كررت لنظرائي أننا بحاجة إليهم لدعم القوات المسلحة اللبنانية، سواء في الدور المركزي الذي تؤديه في المسائل الاجتماعية أو في الجانب الأمني»، لافتاً إلى أنه «سيكون من الضروري تصوّر المزيد من الدعم العملياتي على الصعيد العسكري».