في إطار فعاليات مهرجان الموسيقى بدورته الـ 24، شهدت القاعة المستديرة في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، جلسة حوارية مميزة عنوانها «مشوار محمد البلوشي».
قدّم الجلسة وأدار حوارها د. فهد الفرس، وسلّطت الضوء على مسيرة المحتفى به الفنان محمد البلوشي، بحضور الأمين العام المساعد لقطاع الفنون، رئيس المهرجان، مساعد الزامل، ومدير إدارة الموسيقى والتراث الشعبي بالإنابة، مدير إدارة الاتصال والإعلام في المجلس، يوسف الجمعان، والفنان علي عبدالستار، ود. خلف الخالدي، وغيرهما من أكاديميين وفنانين وشعراء.
فترة الثمانينيات
في بداية حديثه، شكر د. الفرس المجلس الوطني للثقافة على هذه المبادرة، وعلى هذا المهرجان في دورته الـ 24، ومن ثم قال: «الأغنية الكويتية مرّت بالعديد من المراحل، ولكل مرحلة أسلوبها وفنانوها»، مبيناً أن محمد البلوشي ظهر في فترة الثمانينيات، ومعه جيل جديد مثل الفنانين عبدالله الرويشد، ونبيل شعيل، ومحمد المسباح، ونوال، وقد شهدت تلك الفترة تطوراً ملحوظاً من خلال الجُمل الجديدة، تأثراً بإيقاعات الدول المجاورة، وخصوصاً السعودية، والبحرين، مشيراً إلى ظهور أفكار جديدة لملحنين ومطربين في تلك الفترة.
وعلى هامش الجلسة الحوارية، تحدث د. الفرس عن علاقته مع البلوشي، فقال: «كنا معاً في المعهد العالي للفنون الموسيقية عام 1978، وكان هدف البلوشي من دخوله المعهد الغناء، ولا يعرف كيفية العزف على العود في البداية، وكنت والزملاء نعزف له، وكان كثير الغناء، لكنّه تعلّم العزف على العود في فترة قياسية.
من جانبه، قال البلوشي، إنه زامل د. الفرس خلال الدراسة وخارجها، وأنه صديق وأخ، وتحدث عن طفولته وحبّه للغناء، مستذكراً البدايات، فقال: «كنت أسمع الأغاني وأرددها، أي أغنية حلوة أسمعها وأقوم بغنائها».
وذكر أنه كان يفكر في دخول المعهد العالي للفنون الموسيقية أثناء دراسته، ليكون له دافعاً للنجاح، وبالفعل التحق بالمعهد، لكنّه قبل دخوله التحق بفرقة التلفزيون الشعبية، ومن ثم تحدث عن بداية دراسته في المعهد، فقال: «أعطوني آلة التشيللو، وكنت لا أحبها، فقد كنت أريد التعلم على آلة العود، وفي بداياتي بالمعهد لم أكن أعرف العزف على العود، وعزفت على آلة القانون 4 سنوات»، مبينا أنه ذهب بعدها إلى الأستاذ أحمد باقر، وأقنعه بالتبديل من آلة القانون إلى آلة العود، وقال: «الأستاذ باقر كان يعلّمنا الفن والأغاني الشعبية، واستفدت منه الكثير في الأغاني والألحان التي قدّمها».
فرقة التلفزيون
وتطرّق البلوشي إلى ذكرياته مع فرقة التلفزيون، وكيف استفاد منها خلال معاصرته كبار الملحنين الذين عملوا في الفرقة، وتعرّفه على الإيقاعات الكويتية الشعبية والأصوات والفنون، حيث أوضح أنه استفاد من الإيقاعات، وأن الملحن غنام الديكان يُنجز اللحن ويجرّبه، إلى جانب أنه كان يتمرّن على الأصوات، فقد كان يدربهم أحمد القطامي، وكانوا يشاركون في مهرجانات كثيرة خارج الكويت، وهذا ما ساعده على الاحتكاك بالإيقاعات الخليجية، فقد كان يحب جميع الألوان الغنائية، وكان يحمل معه مسجلته طول الوقت، يسجّل بها أي شيء جديد من عمان، والبحرين، من عازفي الطنبورة، حيث استفاد منهم ومن جُملهم الشعبية.
وأضاف أنه كان يحضر الحفلات كاملة الموسيقات الخليجية، وكان يتذوق أغانيهم، لافتاً إلى أن ذلك ساعده على أن
وتحدث د. الفرس عن أغنية «أم السلام»، ليؤكد أنها تركت بصمة للبلوشي، وأنها كانت البداية الحقيقية له، وهي من كلمات وألحان الفنان الكبير أحمد باقر، فالكل يعتبر هذه الأغنية الانطلاقة الرسمية له. وعلّق البلوشي بقوله: «شرف كبير أن أغنّي من ألحان الموسيقار أحمد باقر، فهو اسم كبير في الكويت والخليج والوطن العربي، ومن مؤسسي المعهد الموسيقي، وعمل مع الفنانين عوض دوخي، وشادي الخليج، وغرّيد الشاطئ، ومطربين كبار»، وأشار إلى أن أغنية «أم السلام» حاضرة حتى الآن، وتبث في الإذاعة والتلفزيون.
وعن بداية مشواره الغنائي وأول إصدار له، قال البلوشي: «أول إصدار لي كان عام 1983، ويتضمن 3 أغانٍ من ألحانه». ليعلّق د. الفرس أن الجمهور عرف البلوشي من خلال أغنية لحنها له الملحن البحريني يوسف الغانم، هي «لا تحاول».
وحول الإصدارات وعددها أجاب البلوشي: «قدمت تقريباً 14 إصداراً»، مضيفاً: «في عام 1985 عرفني الملحنون، أمثال الراحلين سليمان الملا، ومحمد الرويشد، وراشد الخضر»، أما أول حفل له خارج الكويت كمطرب، فبيّن البلوشي أنه كان في البحرين مع الفنانين أحمد الجميري، ورباب، ود. عبدالرب إدريس، وتطرّق إلى الأغاني التي حققت استحسانا ونجاحا، ومنها «يعين الله»، التي حققت صدى في البحرين، موضحاً أنه منذ عام 2006 لم يقدّم أي شريط أو «سي دي» إلى يومنا هذا، لكنه موجود من خلال الأغاني الوطنية، ومشاركاته مع المطربين. وقال الفرس: «البلوشي ميّز نفسه بجمل لحنية وإيقاعات تأثر بها من منطقة الخليج، ووظّفها بطريقة جميلة ومدروسة وعلمية، وفيها طرب وقبول من المستمعين.
مداخلات وشهادات
وقد تضمّنت الجلسة الحوارية العديد من المداخلات والشهادات، التي تطرقت إلى الإنجازات العديدة التي حققها البلوشي على مدى مشواره الفني، ومنها أنه كان متمرساً في عطائه، وعُرف بإسهاماته في الأغنية الكويتية والخليجية.
ومن المداخلات، وصف الزامل البلوشي بأنه محبّ للفنون التراثية الفولكلورية، التي تميّز بها بجميع ألحانه، وأنه فنان شامل في الإيقاع، واللحن، والتذوق، والصوت، والاختيار، والأهم من ذلك فخامة أخلاقه، ليقول: «نفتخر بك يا أبا عبدالله، فأنت إنسان رائع»، مضيفاً: «مشوارك كبير وحافل، وأنا مستعد لأن يكون هذا المشوار والعمل الكبير الذي قمت به طوال سنوات، مطبوعاً في كتاب، ونحن في قطاع الفنون سوف نُعدّ لك هذا الكتاب، حتى يكون متاحاً لجميع الطلبة في معهد الموسيقى، وهذا أقل تقدير نقدّمه لك».