العراق يبدأ أول تعداد للسكان منذ 37 عاماً مخاوف سياسية وهواجس لدى الأقليات
انتقادات لإدراج أسئلة حول المقتنيات المنزلية تحت بند «السلع المعمّرة»
وسط حظر للتجول، يبدأ اليوم أول تعداد للسكان في العراق منذ 37 عاماً، وسط مخاوف من انعكاسات سياسية في بلد شهد حرباً طائفية منذ نحو عقدين، ومخاوف أبدتها بعض الأقليات.
ودعا رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، أمس، مواطني بلاده إلى التعاون مع الفرق المكلفة إجراء التعداد العام للسكان الذي يفترض أن يستكمل غداً، والالتزام بحظر التجوال والإدلاء بالمعلومات الصحيحة.
وقال السوداني، في خطاب إلى العراقيين بمناسبة انطلاق «عملية التعداد السكاني التنموي في العراق 2024»: «نخطو غداً خطوة حضارية وتنموية مهمة بإجراء التعداد العام للسكان والمساكن بعد مضي 37 عاما على آخر تعداد سكاني شامل نفّذ عام 1987 وتعداد عام 1997 الذي لم يشمل إقليم كردستان العراق، لاستكمال أولويات البرنامج الحكومي وضمان حقوق المواطنين في الخدمات العامة».
وأضاف السوداني: «نجري التعداد لضبط التنمية الاقتصادية الاجتماعية وفق رؤية علمية حديثة، وسد الفجوات المعلوماتية في العمل الخدمي والتخطيط وصناعة القرار الوطني ونؤسس لمعايير رقمية رصينة، وأن يصبح التعداد العام للسكان والمساكن أداة علمية في التخطيط، ووسيلة للتطوير، بعيداً عن التقديرات والاجتهاد غير المستند للحقائق».
وقال: «ستكون قاعدة البيانات بخدمة مؤسسات الدولة، كما ستسهم في دعم الشرائح الأكثر حاجة للخدمات، وتشخيص بؤر الأزمات، ورسم خريطة العراق التنموية وأن التعداد السكاني ليس مجرد أرقام تتراكم، بل وسيلة لتحديد القرارات الفعالة كضمان توزيع الموارد والخدمات بين المحافظات وفق قواعد أكثر عدالة».
من ناحيته، نبه زعيم «التيار الوطني» الشيعي مقتدى الصدر، أمس، الى أنه «على الحكومة العراقية السير نحو تعداد سكاني شفاف ونزيه، بعيداً عن التدخلات الخارجية والحزبية، وعلى الشعب إعطاء إحصاءات دقيقة، لبيان الحقائق على وجهها الصحيح والدقيق، فهناك من يريد تزييفها».
وبزرت تقييمات متناقضة من الأقليات حول إضافة خانة «الانتماء القومي» ضمن الاستمارة الخاصة بالتعداد.
وقال البطريرك الكلداني، لويس روفائيل ساكو، إن الفقرة كان يجب أن تضاف، لأن «التنوع والاختلاف غنى للبلد»، وعبّر عن أسفه لأن نحو 100 ألف مسيحي عراقي يقيمون في دول الجوار لن يشملوا بالتعداد.
وفي رسالة إلى السوداني دعت أربعة أحزاب سياسية مسيحية إلى «إضافة خانة وفقرة خاصة بالانتماء القومي لأبناء شعبنا المسيحي بعد خانة الديانة، فبعد أن يقوم الموظف المختص باختيار خانة الديانة المسيحية تضاف خانة القوميات والهويات التاريخية والحضارية التي يتكون منها شعبنا المسيحي (الكلدان، الآشوريين، السريان، الأرمن)».
في المقابل، قال وزير شؤون المكونات العرقية والدينية في حكومة إقليم كردستان بشمال العراق السياسي التركماني آيدن معروف، إنه «تم حذف مادة العرق والدين من التعداد، لأن العراق حالياً غير مؤهل لتعداد على أساس العرق والدين»، مشدداً في الوقت نفسه على أن التعداد «ينبغي ألا يستخدم لأغراض سياسية في المستقبل».
وكان النائب عن «الجبهة التركمانية» في البرلمان العراقي أرشد الصالحي، حذر من «محاولات تغيير ديمغرافي بمحافظة كركوك»، وأبدى مخاوفه من «تسجيل المجموعات السكانية التي تم توطينها لاحقاً، في إحصاء كركوك»، معتبراً ذلك «تهديداً للهوية التركمانية للمدينة».
وأثارت بعض الأسئلة الواردة في التعداد انتقادات، خصوصاً تلك المتعلقة بـ «المقتنيات المنزلية» والأجهزة الكهربائية والإلكترونية.
وحسب وزارة التخطيط العراقية، فإن التعداد السكاني 2024 سيشمل إحصاء 18 مادة منزلية، منها السيارة، الثلاجة، مكيف الهواء والتلفاز، وغيرها.
وتتألف استمارة التعداد «الإلكترونية» من 12 صفحة، تضم معلومات تعريفية عن المنطقة ونوع السكن، إضافة إلى معلومات أخرى عن السكّان وأعمارهم وصلة القرابة وحالتهم الصحية وتحصيلهم الدراسي وعملهم، وغيرها.
لكن المعلومات الواردة في الصفحة الأخيرة من قائمة التعداد، هي التي يدور حولها الجدل، لكونها تضم أسئلة للأشخاص مدرجة تحت بنّد «السلع المعمّرة» تتعلق بامتلاكهم أم لا «سيارة، دراجة نارية، ثلاجة، براد ماء، مبردة، مجمدة، غسالة ملابس، سخان ماء، مكيف هواء، مولدة كهربائية، تلفاز، مكنسة كهربائية، حاسبة شخصية، أجهزة لوحية، هاتف ذكي، منظومة إنترنت منزلية، غسالة صحون، منظومة تصفية مياه كهربائية».
وسرعان ما تساءل المدوّنون وصفحات على منصّات التواصل «بتهكّم» عن الحاجة إلى مثل هذه الأسئلة، ومدى الجدوى من إدراجها ضمن قائمة التعداد العام.
ويخشى العراقيون من استعانة الحكومة بهذه المعلومات، في قطع المعونات المالية عن المسجلين ضمن شبكة الرعاية الاجتماعية، فيما يقول آخرون، إن الهدف من ذلك هو فرض ضرائب جديدة.