غادر المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين لبنان، أمس، متجهاً إلى إسرائيل حيث سيعرض على المسؤولين الإسرائيليين التعديلات والملاحظات التي اقترحها حزب الله على المسودة الأميركية لاتفاق يوقف إطلاق النار على جانبي الحدود. وقبل مغادرته، أجرى هوكشتاين لقاء ثانياً مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، المفوّض من حزب الله للتفاوض، وتحدث عن إحراز «مزيد من التقدم»، مشيراً إلى أن «الأجواء إيجابية».
وأضاف هوكشتاين: «سوف نمشي خطوة تلو الأخرى ونعمل عن كثب مع الإدارة في لبنان وإسرائيل».
ورغم الجهود الدبلوماسية المتعثرة إلى حد كبير لإنهاء حرب غزة، فإن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تستهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في صراع لبنان الموازي لحرب غزة قبل تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه في يناير المقبل.
وأكد هوكشتاين أنه يعمل وينسق مع فريق ترامب. وقال في هذا السياق: «سنعمل مع الإدارة القادمة، وسنناقش الأمر معهم. وسيكونون على دراية كاملة بما نفعله».
ووسط غموض حول دور حكومة نجيب ميقاتي في المفاوضات، وعدم وجود رئيس للجمهورية منذ 2022، بدا أن حزب الله هو المفاوض الوحيد على الاتفاق بالتنسيق مع بري الذي واجه انتقادات من نواب المعارضة وبعض القوى السياسية، التي قالت إن نتائج المفاوضات يجب أن تعرض في المجلس النيابي.
وربما لهذا السبب، أجرى هوكشتاين أمس سلسلة زيارات واسعة، شملت خصوصاً الرئيس السابق ميشال عون، «الأب الروحي» لـ«التيار الوطني الحر» بزعامة جبران باسيل، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، حيث يشكل «التيار» مع «القوات» الأغلبية المسيحية المطلقة في مجلس النواب وفي الشارع المسيحي.
وكما بات معروفاً أبدى حزب الله ملاحظات على المسودة الأميركية المؤلفة من 13 بنداً. وقالت «سكاي نيوز عربية» نقلاً عن مصدر لبناني مقرب من بري، إنه تم إنجاز 80 بالمئة من الاتفاق. وهذا يعني عملياً أن 20% من الاتفاق لا يزال من دون حل، وأن زيارة هوكشتاين الحالية قد لا تكون كافية لردم الهوة.
وإحدى النقاط العلاقة هي توسيع عضوية لجنة لمراقبة تنفيذ الاتفاق الذي سيعتمد على القرار الأممي رقم 1701 والذي أنهى حرب العام 2006.
ورفض حزب الله وبري توسيع لجنة المراقبة لتضم بريطانيا وألمانيا التي رفضت علمها بأنها مدعوة للمشاركة في اللجنة.
ومن المرجح أن يقود اللجنة التي تشرف على تطبيق الاتفاق جنرال أميركي وهو ما يعتبر بشكل أو بآخر ضمانة لإسرائيل. كما أبدى الجانب اللبناني تحفظاً على بند يسمح بحق الدفاع عن النفس للطرفين في حال خرق الاتفاق.
وتم تفسير هذا البند على نطاق واسع من إسرائيل على أنه يعطي حرية الحركة للجيش الإسرائيلي ضد حزب الله في حال خرق الحزب الاتفاق الذي يمنعه من التواجد في جنوب نهر الليطاني ومن التسلح. وتمت مناقشة تفاصيل تقنية أخرى لها علاقة بسرعة وأماكن انتشار الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل.
وكان محمود قماطي، القيادي في «حزب الله»، قال أمس الأول، إن أي اتفاق لوقف إطلاق النار يجب أن ينهي القتال بسرعة، ويحفظ سيادة لبنان، في إشارة -على ما يبدو- لموقف إسرائيل المتمثل في أنها ستواصل ضرب الجماعة حتى في ظل الهدنة.
في المقابل، بدا أن إسرائيل ستستقبل هوكشتاين بالتشدد. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس: «شرطنا لأي تسوية سياسية مع لبنان هو الحفاظ على حق الجيش بالتحرك لحماية مواطني إسرائيل».
بدوره، أشار وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إلى أنه «في أي اتفاق سيتم التوصل إليه سنحافظ على حرية العمل عند حدوث أي خروقات»، مؤكداً أنه «من المهم التأكيد على أننا نريد اتفاقاً مع لبنان يصمد لوقت طويل»
وقال مصدر سياسي في إسرائيل، إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يدعم تماماً «ورقة هوكشتاين»، مضيفاً أن الجانب الإسرائيلي ساعد وساهم في صياغة الورقة.
لكن المصدر قال إنه يجب انتظار اللقاء بين هوكشتاين ونتنياهو المتوقع اليوم لمعرفة رأي الأخير بالملاحظات التي وضعها حزب الله، وإذا كانت الصياغات المرنة التي أقنع بري هوكشتاين بإدخالها ستنال موافقة تل أبيب أو لا.
ونقل موقع «المونيتور» عن مصادر دبلوماسية، أن «نتنياهو مستعد لتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان يتضمن دوراً عسكرياً أميركياً».
وكانت تقارير تحدثت عن دور أميركي مفترض في ميناء بيروت ومطارها الدولي إلى جانب دورها في لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
في غضون ذلك، قال نعيم قاسم الأمين العام الجديد لحزب الله، إن جماعته قادرة على مواصلة القتال لفترة طويلة وعلى إطلاق المسيرات والصواريخ باتجاه إسرائيل، متوعداً بالرد على اغتيال المسؤول الإعلامي للحزب محمد عفيف في منطقة مدنية ببيروت باستهداف منطقة مدنية في تل أبيب. وقال قاسم، في كلمة مسجلة تم تأجيلها أمس الأول: «سنتفاوض ونقاتل في نفس الوقت»، معتبراً أن «وقف القتال يعتمد على الرد الإسرائيلي وجدية نتنياهو». وتابع:«كنا نتوقع أن العملية على الحافة الأمامية ستستمر لمدة 15 يوماً لكنها طالت أكثر من ذلك بسبب مقاومة أولي البأس، وليس مهماً أن يُقال أن العدو دخل إلى هذه القرية أو تلك القرية بل كم قُتل له اليوم وأين تصدى له المجاهدون»، مضيفاً: «المقاومة لا تعمل بطريقة عمل الجيوش وليس من مهمتها منع تقدم العدو بل واجبها أن تقاومه أينما يتقدم، وفي النهاية الأرض لنا والشباب شبابنا والعدو سيدفع الثمن في الأماكن التي استدرج إليها». وشدد قاسم على أنه «لدى المقاومة القدرة على الاستمرار على هذه الوتيرة ولمدة طويلة، ولا يمكن أن تهزمنا إسرائيل وتفرض شروطها علينا». وقال: «نتفاوض على وقف العدوان بشكل كامل وحفظ السيادة اللبنانية، ومستمرون في الميدان سواء نجحت المفاوضات أم لا، وليس لدينا إلا قرار واحد هو الصمود والاستمرار مهما طال الزمن». وفي رسالة إلى الداخل حيث تطالب أحزاب عدة بنزع سلاح الحزب، قال قاسم إنه «بعد وقف العدوان سنبني بالتعاون مع الدولة والدول الصديقة وسيعود كل لبنان أجمل وأفضل، وسنكون حاضرين في الميدان السياسي وخطواتنا الداخلية ستكون تحت سقف الطائف بالتعاون مع القوى السياسية، كما سنقدم مساهمتنا الفعالة في انتخاب رئيس الجمهورية».