رياح وأوتاد: دعوها فإنها منتنة ومفرّقة
كتبت أكثر من مرة مؤيداً سحب الجناسي المزورة مهما كان أسلوب وطريقة تزويرها، وبينت أن التزوير محرم ومخالف للشرع والقانون، ولكن يبدو أن هناك من يريد أن يتوسع في مفهوم هذا السحب، ليشمل تغيير جناسي أبناء وأحفاد المتجنسين الذين تجنس آباؤهم بطريقة صحيحة لتغييرها إلى صفة التجنس، بعد أن تم التصويت في مجلس الأمة على القانون 44 لسنة 94 وأصبحوا كويتيين بصفة أصلية لأنهم ولدوا لآباء كويتيين ولم يحملوا جنسية أي بلدٍ آخر، استجابة لما جاء في المذكرة التفسيرية للدستور بنصها على أن هذا هو «الحكم الصحيح المعمول به في الدول المختلفة».
ولا شك عندي في أنه قد تم التوسع في التجنيس سواء بالأولى أو التجنس في مراحل تاريخية سابقة، مثل عامي 69 و70 استعداداً لانتخابات 1971، حيث تم تجنيس أعداد كبيرة بالجنسية الأولى، مما أدى إلى مقاطعة التجمع الوطني، برئاسة جاسم القطامي، رحمه الله، للانتخابات، واعتبارها، حسب البيانات التي أصدرها، انتخابات مزورة تزويراً غير مباشر، لأن التجنيس الذي تم كان لأسباب سياسية، كما أن منها ما تم بالتجنس في مراحل أخرى حسب المادتين الخامسة والسابعة وغيرهما، ولكن لا يجوز الانحراف في التوجه من التحقيق في الجناسي المزورة، سواء كانت أولى أو بالتجنس، إلى المطالبة بتغيير جناسي أبناء المتجنسين وأحفادهم الذين ولدوا بعد اكتساب آبائهم الجنسية الكويتية بالطرق الصحيحة، فهذا علاوة على مخالفته لصريح الدستور فإنه سيؤدي إلى التفرقة وعدم العدالة والفتنة، والإخلال بالانسجام بين أبناء الشعب، وانقسامه إلى مجموعتين كبيرتين، وحرمان مجموعة منهما من الترشح والحق في مناصب كثيرة، كالقضاء والمناصب القيادية في الوزارات والدبلوماسية، كما أنه يعني امتداد التفرقة إلى أحفاد الأحفاد.
إن التفرقة دون مبرر مشروع مذمومة، وضررها ظهر في كل بلاد العالم، التي تبنت أي شكل من أشكال التفرقة بين الشعب، لذلك نقول نعم لفقد الجناسي وسحبها إذا كانت قد اكتسبت بغير الطرق المشروعة، أو خان أصحابها البلاد، ولكن لا للتفرقة بين الجناسي الصحيحة التي اكتسبت حسب القانون.