نقطة: مو كل حملة بولد...
تجربتنا في الكويت مع الحملات الإعلامية الموجهة سواء كانت الرسمية أو شبه الرسمية أو حتى الشعبية لا تطمئن ولا تشجع على الالتزام بالهدف منها، وغالباً ما تكون نتائجها عكسية وتزيد من حجم الظاهرة أو المشكلة المراد حلها أو تقويمها، هذا في حال ما إذا كان لها نتائج ملموسة من الأساس.
أظن أن هناك في الأجهزة الحكومية المعنية من يعتقد أن دور الدولة ينحصر في مثل هذه الحملات فقط، حيث يكمن فيها الحل والشفاء لكل المشاكل والظواهر والأزمات، وبلا دراسات جدية وأبحاث عميقة ونقاشات عامة وعلم نفس واجتماع وكلام فاضي، وكأن لسان عقلهم يقول «كا سوينالكم حملة شتبون بعد؟!» وهذي حملتك وعلى الله شفاك والعتب مرفوع والذمة مبرية منكم.
بينما من عاصر مثلاً حملات قانون النظافة في فترة ما قبل الغزو و«لا لا هذا غلط وهذا بلدنا ما تبيه» ويرى بعدها أحوال بعض المناطق المهملة إلى اليوم كالجليب والعباسية أو تركة مرتادي الشواطئ والحدائق والملاعب والمسارح بعد انصرافهم يعرف ما تحقق من نتائج الحملة، ثم بعد الغزو عندما بدأت حملات الإعمار والبناء والتضحية في سبيل الوطن وبناء مستقبله الزاهر فلا داعي لتذكيركم بالنتائج التي نرفل بعزها حالياً، أما ازدياد عدد إصابات ووفيات حوادث السيارات فيخبركم عن مدى نجاح حملة الالتزام بقانون حزام الأمان، ولا ننسى حملات الترشيد التي صرف عليها أكثر مما تم توفيره من الكهرباء والماء، وحملة «هده خله يتحدى» الشهيرة وعلاقتها بازدياد التكدس الوظيفي والبطالة المقنعة، وعدد قضايا اتجار وتعاطي المخدرات يحكي لكم باختصار عن قصة نجاح حملات مكافحتها المتكررة.
هذا فقط ما يحضرني من حملات إعلامية موجهة بقصد تقويم سلوك ظاهر ومرصود أو حل مشكلة عامة وفاتني بالتأكيد غيرها الكثير والبركة بذاكرتكم، مما يتضح معه جلياً أن الحملات من غير هدف منطقي وعمل حقيقي موازٍ لها على أرض الواقع مع إيجاد البدائل والحلول والمخارج لن يستفيد منها بالنهاية إلا شركات الدعاية والإعلان القائمة عليها، فما بالكم بحملة مرتجلة لمقاومة سلوك شخصي محاط بالسرية والكتمان، ولا يعني إلا أطرافه، فإن كانت هناك حملة عالمية تقودها مؤسسات كبرى لنشر مثل هذا السلوكيات المشينة فنحن بالتأكيد بحاجة لعقول أرجح تواجه المد القادم، ولما هو أكبر وأعمق من إعلان «شوارعي» موقعاً ومضموناً، ولن يؤدي إلا إلى نشر الرذيلة من حيث أراد محاربتها، فزاد الفضول والتساؤلات لدى الغافلين والمراهقين، ولم يفد إلا لتقوية مناعة النفاق وقدرته على التكيف مع الأوضاع المستجدة دائماً، هذا مع استمرار خوفي من نتائجها العكسية كما تعلمنا من سابقاتها.