نتنياهو مطلوب للعدالة الدولية
المحكمة الجنائية تأمر باعتقاله لارتكابه جرائم حرب في غزة
• 124 دولة ملزمة بتنفيذ القرار... وأوروبا تبدي تجاوباً
• إسرائيل غاضبة ومستشار ترامب يعِدها بالانتقام لها
في خطوة تزامنت مع احتدام الكارثة الإنسانية بقطاع غزة الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي أسفر عن مقتل نحو 44 ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال، منذ 412 يوماً، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، والقيادي بحركة حماس محمد الضيف، بتهم تتعلق بـ«ارتكاب جرائم حرب».
وأوضحت المحكمة الدولية المستقلة، التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، في بيان أمس، أنها أصدرت مذكرتي الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت بعدما «وجدت أسباباً معقولة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب منذ 8 أكتوبر 2023 على الأقل حتى 20 مايو 2024»، من بينها «استخدام التجويع سلاح حرب والقتل والاضطهاد»، لافتة إلى أن قبول إسرائيل باختصاص المحكمة غير ضروري.
وأعلنت المحكمة، في بيان منفصل، أنها أصدرت مذكرة اعتقال بحق الضيف، الذي أعلنت إسرئيل مقتله رغم عدم إقرار «حماس» بذلك، بعدما «وجدت أسباباً معقولة بأنه ارتكب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في أراضي دولة إسرائيل ودولة فلسطين على الأقل منذ 7 أكتوبر 2023».
ورغم محاولة أوساط عبرية التهوين من أثر خطوة المحكمة، التي تهدد بعزل نتنياهو وحرمانه من التحرك في الدول الأعضاء بها والبالغ عددها 124 بلداً، عبّر ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي عن رفض تل أبيب باشمئزاز للاتهامات السخيفة والكاذبة، معتبراً أن «قرار المحكمة الجنائية الدولية معادٍ للسامية».
وكتب وزير الخارجية جدعون ساعر عبر «إكس» أن «هذه لحظة سوداء للمحكمة الدولية فقدت فيها كل شرعية لوجودها ونشاطها. وأنها أداة سياسية في خدمة العناصر الأكثر تطرفاً التي تعمل على تقويض السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط»، مضيفاً أنها «أوامر عبثية بدون أي سلطة».
كما وصف الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ قرار أعلى هيئة قضائية تتبع الأمم المتحدة بـ «السخيف»، بعد تحذيره من موجة عنف داخلية ضد عدد من كبار المسؤولين، في مقدمتهم رئيس الوزراء، ورئيس الأركان، وأهالي الرهائن والأسرى، تهدد بتفكك الدولة العبرية وتدميرها.
واتهم وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتشدد إيتمار بن غفير المحكمة المختصة بمحاكمة الأفراد بأنها «تثبت مجدداً أنها معادية للسامية»، معتبراً أن «الرد على قرارها بحق نتنياهو وغالانت يكون بفرض السيادة على كل أرجاء الضفة الغربية والبناء الاستيطاني في كل أرض إسرائيل».
ورأى زعيم المعارضة يائير لابيد أن مذكرة الاعتقال مكافأة للإرهاب، في حين اعتبر الوزير السابق بمجلس الحرب المصغر بيني غانتس أنها «عمى أخلاقي».
على الجهة المقابلة، ثمنت حركة فتح، التي يتزعمها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قرار المحكمة ضد نتنياهو وغالانت، واصفةً إياه بـ«الخطوة الشجاعة»، إلا أن البعض حذر من أن التحرك القضائي قد عرقل جهود وقف الحرب، وإن بشكل غير مباشر، عبر منح ذرائع لإسرائيل للتشدد في المفاوضات المتوقفة أساساً بشأن تبادل الأسرى.
ورحبت «حماس» بـ «مذكرات اعتقال الإرهابيين التي حاولت الإدارة الأميركية المتواطئة مع جرائم الحرب الصهيونية تعطيلها أشهراً»، مشددة على أن الخطوة «تشكل سابقة تاريخية مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طوال ستة وسبعين عاماً من الاحتلال الفاشي».
ودعت الحركة الإسلامية كل دول العالم للتعاون مع المحكمة في جلب مجرمي الحرب، والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق العزل في غزة، لكنها لم تعلق على مذكرة توقيف الضيف.
على الصعيد الدولي، أكد وزير خارجية هولندا فيلد كامب، الذي تستضيف بلده مقر المحكمة، أنها مستعدة للتحرك بناءً على أمر الاعتقال ضد نتنياهو، في حين علق مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بأن «قرار المحكمة ملزم، ويجب أن يُحترم، وجميع الدول ملزمة بتنفيذه بما في ذلك أعضاء التكتل»، كما أكدت الخارجية الفرنسية أن باريس ستلتزم بمبادئ المحكمة بشأن مذكرة الاعتقال.
وأكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، خلال مؤتمر مع بوريل، ضرورة احترام قرارات المحكمة الدولية التي تبعث برسالة إلى المجتمع الدولي حول ضرورة وقف الحرب، وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.
وفي الولايات المتحدة، التي ترفض الانضمام للهيئة القضائية الدولية المستقلة، نُقل عن مستشار الأمن القومي للرئيس المنتخب دونالد ترامب توقعه بأن يقوم الأخير برد قوي ضد المحكمة عقب توليه السلطة في 20 يناير المقبل.