في إطار التزامه بدعم الانتقال إلى اقتصاد مستدام ومنخفض الكربون، وضمن مساندته لرؤية الكويت الشاملة للاستدامة والجهود العالمية للحد من آثار التغير المناخي، شارك بنك الكويت الوطني في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP29، الذي انطلق في 11 نوفمبر بالعاصمة الأذربيجانية باكو، وتختتم أعماله اليوم.
ووسط حضور دولي واسع، ضم رؤساء دول وحكومات، ووزراء وقياديين في القطاعين العام والخاص، وأكاديميين وممثلين للمجتمع المدني من جميع أنحاء العالم، احتل موضوع تمويل المناخ والحاجة إلى تعبئة الموارد المالية والاستثمارات لمواجهة التغير المناخي، صدارة الموضوعات التي ناقشها هذا الحدث العالمي المهم، وأكد المشاركون في المؤتمر ضرورة تكثيف وتسريع الجهود لتوفير تريليونات الدولارات اللازمة سنوياً من أجل التكيف مع تغير المناخ وبما يمكّن دول العالم، خصوصاً البلدان النامية، من مكافحة آثار التغير المناخي.
وخلصت المناقشات إلى أن تمويل المناخ يتطلب ابتكارات في آليات التمويل، إضافة إلى مساهمات كبيرة من القطاع الخاص، سواء من خلال الإقراض المستدام أو السندات الخضراء أو تمويل المشاريع الصديقة للبيئة، وهو ما ينسجم مع استراتيجية الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية التي تتبناها مجموعة بنك الكويت الوطني، والتي ترتكز إلى نهج قائم على أربع ركائز رئيسية، ويكمن جوهرها في دعم التحول إلى اقتصاد مستدام وتعزيز التمويل المستدام في المنطقة.
في هذا السياق، نجح بنك الكويت الوطني خلال النصف الأول من العام الحالي في إصدار أول سندات خضراء لمؤسسة مالية كويتية وأول الإصدارات الخضراء لبنوك المنطقة في عام 2024، بقيمة 500 مليون دولار، كما كان «الوطني» في مقدمة البنوك الكويتية التي اتخذت خطوات للاستفادة من التوجه العام نحو التمويل المستدام، من خلال إطلاق خدمات ومنتجات في عملية التحول الأخضر عبر كل فروعه، منها قروض الرهن العقاري الأخضر، والتمويلات المرتبطة بالاستدامة، والقرض الاستهلاكي للسيارات الكهربائية، وقروض الإسكان منخفض الانبعاثات.
يوم التمويل
وفيما يتعلق بموضوع تمويل المناخ أيضاً، شارك بنك الكويت الوطني في جلسة عقدت في «يوم التمويل» لمؤتمر COP29 الموافق 14 نوفمبر الجاري تحت عنوان «تمويل التحول إلى الطاقة منخفضة الكربون في آسيا والمحيط الهادئ»، نظمتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ التابعة للأمم المتحدة (UN ESCAP)، والوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، والوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، والمبادرة المالية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEPFI)، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD).
وجمعت الجلسة مجموعة متنوعة من المتحدثين من القطاعين العام والخاص حول العالم لاستكشاف الطرق المحتملة لسد فجوة الاستثمار في المناخ. ويواجه العالم فجوة في الاستثمار بالمناخ تصل إلى 2.7 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2030. وفي منطقة الشرق الأوسط، يتوقع أن تحتاج الدول إلى توفير 168 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030 لمواجهة تحديات التكيف مع التغير المناخي والتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون.
وتطرقت المناقشات إلى «الانتقال العادل» كأحد المواضيع المحورية للاستثمارات المستدامة والعادلة، حيث إنه مع انتقال الاقتصادات نحو مستقبل أخضر وأقل كربوناً، تبرز أهمية ضمان شمولية التحول، مع التركيز على دعم الدول النامية وحماية الوظائف وتقليص الفجوات الاجتماعية. وانطلاقاً من دورها كوسيط مالي رئيسي، تواصل البنوك أداء دور حيوي في تسهيل هذا التحول المناخي العادل، وقد أظهرت الكويت تقدماً ملحوظاً من خلال مساهمتها بأكثر من 23 مليار دولار لدعم البلدان النامية في الحد من آثار التغير المناخي عبر الاستثمار في مشاريع الطاقة الخضراء وحماية البيئة.
الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر
ومن الموضوعات المهمة التي ناقشها مؤتمر COP29 أيضاً ضرورة تسريع اعتماد تقنيات الطاقة النظيفة وتكثيف الجهود لتعزيز الاستثمارات في هذا النوع من الطاقة بالأسواق الناشئة.
وفي هذا الإطار، كان بنك الكويت الوطني حاضراً في «قمة التحول إلى الهيدروجين» التي نظمتها منظمة العمل المناخي على هامش المؤتمر، وتناولت تقنيات الهيدروجين منخفضة الانبعاثات كعنصر حاسم في تحولات الطاقة النظيفة.
وأكدت المناقشات خلال القمة أهمية إنشاء البنية التحتية وتطوير اتفاقيات شراء قوية، وتعزيز التعاون الدولي ومعالجة الحواجز التنظيمية والسياسية لتوسيع استخدام تقنيات الهيدروجين منخفضة الانبعاثات بشكل فعال، علماً أن الهيدروجين الأخضر يوفر فرصاً هائلة للحد بشكل كبير من انبعاثات الكربون في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
وأصبح الهيدروجين الأخضر من أبرز نقاط النقاش المحورية في استراتيجية تحول الطاقة في الكويت، إذ تسعى البلاد إلى تطوير خطة رئيسية تهدف إلى توفير 25 غيغاوات من الطاقة الإنتاجية للهيدروجين الأخضر بحلول عام 2050، ما يعكس التزامها القوي بالاستثمار في الطاقة النظيفة وتعزيز جهودها لتحقيق مستقبل مستدام.
وشدد المشاركون في القمة على ضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص وتعزيز الشراكات بينهما، من أجل سد فجوة التمويل المستدام. وتُظهر الدراسات أن هناك عجزاً في الاستثمار بقيمة 380 مليار دولار في صناعة الهيدروجين، ما يؤكد الدور الحاسم للتمويل المستدام في سد هذا العجز. ويؤمن بنك الكويت الوطني بأنه من خلال استخدام رأس المال الخاص لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة واسعة النطاق، مثل مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فضلاً عن الهيدروجين الأخضر ومشاريع كفاءة الطاقة، يمكن لهذه الشراكات أن تضمن استدامة البنية التحتية وقابلية هذه التقنيات للتطبيق اقتصادياً، وخاصة في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
التزام ثابت
وتؤكد مشاركة بنك الكويت الوطني في هذا الحدث العالمي المهم التزامه بتعزيز تكاتف الجهود عالمياً، سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، من أجل تقليل أضرار التغير المناخي ودعم خطط مكافحته.
وقام بنك الكويت الوطني بخطوات مهمة لدمج معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في أنشطته وأعماله الرئيسية، لتصبح ركيزة أساسية في جميع نماذج أعماله وعملياته التشغيلية وثقافته المؤسسية، ويشمل ذلك سعي البنك إلى وصول محفظة الأصول المستدامة إلى نحو 10 مليارات دولار بحلول عام 2030، إضافة إلى وضع أهداف مرحلية لخفض الانبعاثات التشغيلية بنحو 25% بحلول عام 2025.
وفي إطار التزامه بدمج معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في أنشطته الاستثمارية، حقق بنك الكويت الوطني إنجازات ملحوظة، شملت الانضمام إلى قائمة الميثاق العالمي للأمم المتحدة (UNGC)، الذي يعد أكبر مبادرة على مستوى العالم تخص الاستدامة للشركات لممارسات الأعمال المسؤولة، إضافة إلى انضمامه لمبادرة الشراكة من أجل المحاسبة المالية للكربون (PCAF)، ليصبح بذلك أول بنك في الكويت، ومن بين 13 مصرفاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فقط تنضم إلى المؤسسات المالية الرائدة حول العالم في قياس والكشف عن انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بمحفظة الإقراض والاستثمار.