كيف تواجه الحكومة تحريض وتشكيك الذباب الإلكتروني ومنصات التضليل؟

نشر في 22-11-2024
آخر تحديث 21-11-2024 | 19:05
 ناجي الملا

هناك مسلمات (دوغمائيات) مدمرة ثاوية في اليقين الشعبي والحكومي، كنا نظن أن توالي الأزمات وتوالي مؤشرات العجز في الموازنة العامة كفيل باقتلاعها، ولكن للأسف كان البرلمان والحكومات المتعاقبة تحت ضغط الرِّهاب الشعبوي الذي يتخذ مظهرين:

البرلماني يصعِّد المطالبات الشعبوية كاسترضاء انتخابي والحكومة ترضخ للضغوط فتُطَمئِن على لسان مسؤوليها أن الحكومة لا تفكر بأي إجراءات تمس المواطن، ويعتقد المواطن أن مكتسباته لم تمس ولكن الحقيقة أن خسائره مضاعفة، إذ تستمر الأمور دون تطوير ويتم هضم العجز والقصور في الخدمات والبطالة، وتظهر أعراض هذه المناورة البرلمانية والحكومية على السطح في شكل أزمات كارثية من حفر الشوارع وزحام المستشفيات وسوء الخدمات الصحية وهبوط مستوى التعليم وانقطاع الكهرباء بفرض القطع المبرمج في الصيف الملتهب وتراكم طلبات الإسكان وارتفاع الإيجارات وعدم وجود الوظائف وتضخم البطالة المقنعة نتيجة سياسة حشو القطاع الخاص المتورم بالعمالة الزائدة... إلخ.

وكنتيجة لما سبق ستبرز كمتلازمة كارثة الخلل في التركيبة السكانية وكل إفرازاتها السلبية الظاهرة والباطنة، فتزيد في تأبيد المأزم المجتمعي لنصل الى حافة اليأس من شفاء هذه الحالة، فتستغل ضدنا من الحانقين وتطلق خطابات الترهيب الإعلامي العدائي من الخارج بإشاعة أن البلد على وشك الانهيار، وبخبث يتم حث المواطنين على التصرف بأموالهم وممتلكاتهم قبل وقوع الكارثة وانخفاض قيمة الدينار وبلوغ الموازنة مستوىً لا تستطيع معه الحكومة دفع الرواتب، في خطاب يزرع حالة من الخوف واليأس والشعور كما قال أحدهم بأننا سنصل الى وضع أشبه بفنزويلا الدولة النفطية المفلسة.

هذه الحملة الممنهجة والشرسة لا تقابلها الحكومة ببرنامج إصلاحي تطويري يقلب الأمور رأساً على عَقِب، كيف؟

لابد، كما أشرنا في مقالات سابقة، من أن تزحف عقولنا وفاعليتنا الى منطقة اللامفكَّر فيه ونغادر المنطقة المحروسة بسلطة استيهامات المعارضة المجتمعية... بعيداً عن التنظير كنا قد ذكرنا في مقالات سابقة بأن تخصيص محطات توليد الكهرباء وتقطير الماء وبعض الصناعات النفطية سيوفر 3 مليارات دينار وتخصيص القطاع الصحي باستبداله بتأمين صحي قيمته 1200 دينار لكل مواطن سنوياً سيوفر 800 مليون دينار.

والمذهل لو تم تخصيص القطاع التعليمي بدفع الحكومة رسوم المدارس الخاصة لكل مراحل التعليم وأصنافه شاملاً التعليم الديني وتعليم الكبار سيكلف الدولة 1.433 مليار دينار فتوفر الدولة 962 مليون دينار إذا دفعت الدولة رسوم الطلبة الكويتيين حسب التالي:

رياض الأطفال 2000 دينار، تعليم الكبار 3500، سائر التعليم ومراحله 4000، مع الأخذ بالاعتبار أننا خصمنا مصاريف وزارة التربية التي ستتكون من 3000 موظف فقط بدل 130 ألف موظف، فيرتقي التعليم وكل الخدمات الصحية وفق المعايير العالمية وتتبخر قصة البصمة وواسطات النقل وكل فنون التعيينات وخلل توزيع المدرسين، ناهيكم عن تحول المدارس الى أن تكون مصدرا للدخل من خلال الضرائب وكذلك الحال في محطات الكهرباء والماء والصناعات النفطية والمستشفيات.

وعالجنا توظيف العمالة الفائضة أفضل علاج يزيد الرواتب ولا ينقصها مع تخفيض في بند الرواتب والأجور، أما الإسكان فوضعنا تصوراً مستوحى من التجربة السعودية تختزل التكلفة لمئة ألف وحدة سكنية 4.5 مليارات بدلا من 10 مليارات راجع مقالنا بعنوان «التابو الاقتصادي والحلول المسكوت عنها!»، بتاريخ 2024/7/5.

هذا أبرز ما يجب على الحكومة أن تسرع في تنفيذه للخروج من المأزق الراهن ولحرق الخطاب التحريضي الزائف لأن الإبطاء في ذلك سيوفر لخطاب التحريض هذا أخصب بيئة للنمو وطرح ثماره المرة على الوعي والواقع.

back to top