وثيقة لها تاريخ: الشيخ مبارك للإنكليز بخصوص الأسلحة: مَنْ يخالف أوامرنا من رعيتنا نؤدبه
في المقال السابق نشرنا وثيقة التعهد التي كتبها الشيخ مبارك الصباح في 24 مايو 1900، والتي أكد فيها للإنكليز أنه سيلتزم بمنع نقل الأسلحة من موانئ الخليج إلى الكويت، ومنع نقل السلاح عبر ميناء الكويت، إضافة إلى السماح للبحرية البريطانية بتفتيش السفن الكويتية التي يشتبه في أنها تنقل السلاح من دون إذن الشيخ مبارك وموافقة الإنكليز.
وقد كان الإنكليز يراقبون السفن في الخليج بشكل دقيق في تلك الفترة، التي استمرت مدة طويلة، وتزامنت مع الحرب العالمية الأولى، لكن ذلك لم يمنع تجار السلاح من التوقف عن ممارسة تجارتهم، ووقعت عدة حوادث تؤكد هذا الأمر.
وثيقتنا اليوم كتبها الشيخ مبارك بعد عشر سنوات تقريباً من توقيعه وثيقة التعهد، وفيها أكد للإنكليز مجدداً استمرار التزامه بالتعهد الذي وقَّعه، موضحاً لهم أنه أرسل تنبيهات بهذا الشأن للرعايا الكويتيين. كما أفادهم بأن تاجر السلاح الكويتي الشهير نجف بن غالب لديه علم بتفاصيل الموضوع، وأن نجف تواصل مع التاجر العماني الكبير يوسف بن أحمد الزواوي، لمنع تحميل السفن الكويتية بالسلاح في الموانئ الخليجية.
وإليكم نص الوثيقة:
«من مبارك الصباح إلى حضرة ذو الشوكة والاجلال ميجر تراور نايب أول الباليوز وجنرال قنصل الدولة البهية القيصرية الإنكليزية في خليج فارس دام بقاه...
غب السؤال عن خاطركم هو أنه بيد المودة اخذة (اخذت) كتابكم المؤرخ 12 صفر سنة 324 ومطابق 23 فبروري سنة 1910 وما أبديتم من تصريح خاطركم لما بلغكم انحراف المزاج الذي صار معي، ذلك من شفقتكم اني الآن لله الحمد بغاية الصحة. حضرة بردور وصاحب نايب الثاني تشرف لطرفنا وبلغنا في جميع توصيتكم لنا ونحن في جميع الأحوال ما نخالف أمركم، واما تجارة طرفنا جميع معاملاتهم بالتجارة ولا لهم مداخلاة (أي تدخلات) في تجارة الأسلحة ولابد محسوبنا الحاج نجف بلغ حضرتكم في صورة التيل الذي أطرقه باسمه إلى السيد يوسف الزواوي من أمري على منع تحميلات الأسلحة في خشبنا والنوخذا الذي يتفاضل أو يجي لطرفنا لابد نأدبه من حيث نحن ما نبي رعيتنا يراجعون في جميع أمورهم إلا عند قناصل الدولة البهية القيصرية الإنكليزية، هذا وعلى الدوام نحن حاظرين لما يقتضي لأوامركم العالية والمأمول دوام المحبة والمخابرة فيما يلزم ودمتم سالمين محروسين 19 صفر سنة 328».
ولا بد من الإشارة إلى أن التاجر يوسف الزواوي كان وكيلاً للشيخ مبارك الصباح، وكان مستشاراً للسلطان فيصل بن تركي آل بوسعيد، وله تجارة واسعة، خصوصاً في مجال الأسلحة. أما التاجر نجف بن غالب، فهو تاجر كويتي تخصص في مجال السلاح مع أخيه التاجر ماتقي، وكانا يرتبطان بعلاقة وثيقة بالشيخ مبارك الصباح، وينقلان السلاح من مسقط إلى الكويت، ومن ثم إلى بوشهر وموانئ خليجية أخرى، بالتنسيق والترتيب مع الشيخ مبارك.
وقد وردت قصص جميلة في وثائق منشورة تتعلّق بالتاجر نجف، ودوره في نقل السلاح والمخاطرة بنفسه من أجل المصلحة العامة للكويت ومصلحة الشيخ مبارك.