من صيد الخاطر: من جميل ما قيل

نشر في 22-11-2024
آخر تحديث 21-11-2024 | 19:58
 طلال عبدالكريم العرب

كثيراً ما تصل إلينا من أصدقائنا أقوال وحكم ونوادر، ونحن على يقين بأنها لن تصل إلى كل الأيدي، ونرى أنه من الجميل أن نشارك غيرنا بها، ومنها:

سُئِل الخليفة علي بن أبي طالب، رضي الله عنه وأرضاه، وكرّم وجهه:

ألعلم أفضل أم المال؟ فردّ قائلاً: إن العلم أفضل، فسُئِل: وبأي دليل؟ فقال: لأن العلم ميراث الأنبياء، والمال ميراث قارون وهامان وفرعون، ولأن المال أنت تحرسه، أما العلم فهو الذي يحرسك، ولأن لصاحب المال أعداء كُثراً، أما صاحب العلم فأصدقاؤه كُثُر، ولأن المال إذا تصرّفت فيه ينقص، أما العلم فإذا تصرفت فيه يزيد، ولأن صاحب المال يُدعى باسم البخل واللؤم، أما صاحب العلم فيُدعى باسم الإكرام والإعظام، ولأن المال يُخشى عليه من السارق، أما العلم فلا يُخشى عليه، ولأن صاحب المال یُحاسَب علیه یوم القیامة، أما صاحب العلم فيشفع به لإخوانه يوم القيامة، ولأن المال يندثر بطول المدة ومرور الزمان، أما العلم فلا يندثر ولا يبلى، ولأن المال يُقسي القلب، أما العلم فينيرُ القلب.

***

وقيل: كلما طهُر القلب رقّ، فإذا رقَّ راق، وإذا راق ذاق، وإذا ذاق فاق، وإذا فاق اشتاق، وإذا اشتاق اجتهد، وإذا اجتهد هبَّت عليه نسائم الجنة فيفرح بالطاعة، ومن ذاق عرف، ومن عرف اغترف، ومن اغترف نال الشَّرف.

***

وسأل هشام بن عمر فتى أعرابياً عَن عمره، فدار بينهما الحوار التالي:

هشام: كَم تَعدّ يا فتى؟ فردّ الفتى: أعد مِن واحدٍ إلى ألف وأكثر، فسأله هشام: لَم أُرِدْ هذا، بل أردت كم لك من السنين؟ فردّ الفتى: السنون كلها لله عز وجل، وليس لي منها شيء، فقال هشام: بل قصدت أسألك: ما سنَك؟ فرّد الفتى: سنّي مِن العظم، فقال هشام: يا بني إنما أقصد ابن كم أنت؟ فردّ الفتى: ابن اثنين، أب وأم، فقال هشام، وقد دُهش من ردوده الغريبة: إنما أردتُ أن أسألك كم عمرك؟ فقال الفتى: إنما الأعمار بيد الله وحده، لا يعلمها إلا هو سبحانه، عندها قال هشام: ويلك يا فتى، لقد حيرتني، فماذا أقول؟ فقال الفتى: قل: كم مضى من عمرك؟

فيا لجمال هذه اللغة! اللهم اجعلنا ممن راقوا وذاقوا وفاقوا واشتاقوا واجتهدوا بطاعتك، اللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علّمتنا وزدنا علماً وعملاً متقبلاً.

back to top