مع ارتفاع منسوب التوتر في الحرب الأوكرانية، اتّهمت كييف، أمس، موسكو بإطلاق صاروخ بالستي عابر للقارات على أراضيها للمرة الأولى مستخدمة إياه في ردعها النووي لكن بدون رأس ذري.

وقال سلاح الجو الأوكراني، في بيان، إن القوات الروسية استخدمت الصاروخ القادر على حمل رؤوس نووية في هجوم بالصباح الباكر على مدينة دنيبرو (وسط) شمل أنواعاً عدة من الصواريخ واستهدف منشآت حيوية.

Ad

وأضاف سلاح الجو أن «الصاروخ العابر للقارات أطلق من منطقة أستراخان في روسيا الاتحادية»، مبيناً أن وحداته أسقطت ستة صواريخ من دون توضيح ما إذا كان الصاروخ البالستي قد أُسقط أيضاً.

وأكد مصدر أن هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها موسكو هذا السلاح منذ غزو أوكرانيا العام 2022، مضيفاً أنه «من الواضح» أن الصاروخ، المصمم لحمل رؤوس حربية تقليدية ونووية على حد سواء ويمكنه ضرب أهداف تبعد آلاف الكيلومترات، لم يكن يحمل شحنة نووية.

ويمثل هذا الاستخدام، تصعيداً جديداً، في حين قالت روسيا، إنها تجهز رداً «مناسباً» على استخدام أوكرانيا للصواريخ الغربية على الأراضي الروسية، وتجاوزها الخط الأحمر.

وقال المسؤول المحلي في دنيبرو سيرغي ليساك «أصيب شخصان، رجل يبلغ 57 عاماً عولج على الفور فيما نقلت امرأة تبلغ 42 عاماً إلى المستشفى». وأصيب 15 شخصاً آخر بهجوم آخر في كريفي ريغ، المدينة الواقعة على مسافة مئة كيلومتر جنوب غرب دنيبرو بحسب ليساك.

ودوت صفارات الإنذار من إمكانية وقوع هجمات جوية وصاروخية في جميع أنحاء أوكرانيا في الساعات الأولى من صباح أمس.

وذكرت وكالة الأنباء الوطنية (يوكرينفورم) أنه تم إطلاق صاروخ فرط صوتي روسي طراز «كينغال» من مقاتلة ميغ31 واستهدف منطقة دنيبروبيتروفسك.

وأصدرت الدفاعات الجوية الأوكرانية، بعد فترة وجيزة، إنذاراً بشأن احتمال إطلاق عدة صواريخ كروز من طراز «كيه إتش101» المجهزة بتقنية التخفي، من قاذفات استراتيجية طراز تو95- قرب مدينة إنغلز في منطقة ساراتوف بجنوب روسيا.

ورفض الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف التعليق على اتهام أوكرانيا. وقال: «ليس لدي ما أقوله حول ذلك». واعتبر الاتحاد الأوروبي أن إطلاق هذا الصاروخ «يشكل تصعيداً واضحاً» من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس، إن روسيا «الجارة المجنونة» تستخدم أوكرانيا «ساحة تجارب». وقال في مقطع مصور عبر تلغرام «كل خصائص الصاروخ البالستي العابر للقارات متوافرة فيه من سرعة وارتفاع. ونجري راهناً تحليلاً»، موضحاً أن هذا الهجوم غير المسبوق «يظهر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خائف».

صواريخ «العاصفة»

ومع بلوغ التوترات أعلى مستوياتها بعد قراري الرئيس الأميركي جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى لقصف العمق الروسي ورفع الحظر عن تزويدها بألغام مضادة للأفراد، قبل أسابيع من عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير المقبل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، أن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت صاروخين بريطانيي الصنع من طراز «ستورم شادو» (ظل العاصفة) و6 صواريخ «هيمارس» الأميركية و67 طائرة مسيرة كانت تستهدف أراضيها، بدون أن تحدد مكان وزمان هذا الاعتراض.

وذكرت وسائل إعلام بريطانية أن كييف استخدمت صواريخ بعيدة المدى من طراز «ستورم شادو» للمرة الأولى بعد حصولها على إذن من لندن.

ويؤكد الهجوم استخدام أوكرانيا لأول مرة صواريخ «ستورم شادو» البريطانية ضد الأراضي الروسية، بعد يومين استخدمها صواريخ «أتاكمز» الأميركية التي يبلغ مداها 300 كيلومتر، لأول مرة ضد منشأة عسكرية في منطقة بريانسك، بعد حصولها على تفويض من بايدن الذي شارفت ولايته على الانتهاء.

وزودت دول غربية عدة أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى لكنها لم تسمح باستخدامها على الأراضي الروسية خوفاً من رد فعل موسكو.

وعزّزت روسيا تحذيراتها النووية في الأيام الأخيرة، واتهمت الغرب بـ «السعي إلى التصعيد»، وحدثت عقيدة استخدام النووي لتشمل الرد على أي هجوم «ضخم» من دولة غير نووية مدعومة بقوة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة.

مواجهة نووية

وتأتي هذه التطورات في وقت اتخذت الحرب بعداً دولياً بشكل أكبر مع وصول قوات من كوريا الشمالية لدعم روسيا في ساحة المعركة وبدء استخدام أوكرانيا للصواريخ الأميركية والغربية بعيدة المدى.

لكن الكرملين أكد أن روسيا ستبذل «أقصى الجهود» لتجنب صراع نووي، معرباً عن أمله أن تتخذ «دول أخرى» «هذا الموقف المسؤول».

ودعا بيسكوف تعليقاً على تأكيد ممثل القيادة الاستراتيجية في البنتاغون الأدميرال توماس بيوكانن إمكانية تبادل الضربات النووية مع روسيا، إلى التخلي عن الاستفزازات، وتبنّي موقف مسؤول لمنع اندلاع مواجهة نووية في العالم، معرباً عن استعداد روسيا لبذل كل الجهود لمنع مثل هذا السيناريو.

دونيتسك والقرم

وعلى الأرض يواصل الجيش الروسي التقدم نحو شرق أوكرانيا وأعلن أمس، سيطرته على بلدة صغيرة قرب كوراخوفي، ليصبح الآن قريبة من تطويق هذه المدينة الصناعية التي هجرها قسم كبير من سكانها بسبب الخطر. ويقترب الروس أيضاً من بوكروفسك، وهي مدينة استراتيجية أخرى في منطقة دونيتسك بالنسبة إلى لوجستيات الجيش الأوكراني.

هذا التقدم مقلق لكييف التي تخشى أن تدفع الى طاولة المفاوضات في موقف ضعف. وتسيطر روسيا حالياً على نحو خمس الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، التي ضمتها بالقوة في عام 2014.

جزيرة القرم

في سياق آخر، أقر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه لا يمكن استعادة شبه جزيرة القرم إلا من خلال الدبلوماسية، مؤكداً أنه لا يستطيع تحمل خسارة عدد الأرواح اللازم لاستعادة شبه الجزيرة بالوسائل العسكرية.

ورفض زيلينسكي مرة أخرى أي حديث عن التنازل عن أي أرض تحتلها بالفعل روسيا، قائلاً إن أوكرانيا «لا يمكنها قانوناً الاعتراف بأي أرض محتلة في أوكرانيا على أنها روسية». وهناك تخوف من أن يضغط ترامب على كييف للتخلي عن المناطق الأوكرانية الأربع التي أعلنت موسكو ضمها والتي تشكل نحو 20% من البلاد.