«قوقوش» والحكم الدولي البناي
بعد انتهاء الانتخابات بالتزكية في اتحاد كرة القدم تدخل الرياضة برأينا في اختبارات صعبة لمواجهة التعثر، وقد تطرقنا إلى أداء نفس الإدارة، ولكن منذ تسعة عشر عاماً في مقال نشر يونيو 2005 بعنوان:... الرياضة «باح» والبطولات «أح دودو»! والذي أشرنا فيه إلى كيفية توالي الهزائم خلال خمس سنوات، فالبحرين فازت علينا على أرضنا 2001، وخسرنا «خليجي 15»، وفازت علينا فلسطين ببطولة العرب، وفي «خليجي 16» كانت أم الهزائم وعلى أرضنا أيضاً، وفي بطولة فازت علينا السعودية بثلاثة أهداف وفازت كوريا الجنوبية أربعة - صفر، فقيل عنا حينها «حيوا الكويتي بأربعة...»، والآن وبعد عشرين عاماً تقريباً نتعثر بذات الإدارة لتفوز علينا كوريا الجنوبية مرة أخرى 3 - 1.
لقد توقفنا عند تشكيل مجلس إدارة الاتحاد من أعضاء، نحترم شخوصهم، ولكن لا نعرف أغلبهم ولم نسمع عنهم رغم وجود عمالقة في الكرة والتدريب والتحكيم كان بإلامكان الاستعانة بهم، ممن بنوا الأندية والمنتخبات ورفعوا علم الكويت خليجياً ودولياً، كلاعبي كرة القدم المخضرمين، إضافة إلى رموز الرياضة كشيخ المدربين صالح زكريا الذي حقق البطولات واكتشف الأبطال.
ورمز آخر هو الحكم الدولي عبدالوهاب البناي، أحد أعضاء وأعمدة اتحاد كرة القدم 1967، الذي تم تشكيله بترتيب خالد المضف وزير الشؤون آنذاك ليكون أحمد السعدون رئيساً، وعبدالعزيز الرشيد نائباً له، وبراك المرزوق أميناً للسر، ومساعده عبدالعزيز المخلد، وبعضوية خليفة الفليج وآخرين، حيث نهدي تشكيلة هذه الأسماء إلى رئيس الاتحاد الحالي ليأخذ فكرة عن نوعية أعضاء اتحاد الكرة آنذاك ويقارنها!
كان البناي ضمن مجموعة رياضيين وطنيين، برئاسة السعدون، أسسوا بطولة دورة الخليج بعد إقناعهم رئيس الاتحاد الدولي ستانلي راوس لغرض الوقوف مع البحرين ضد إيران، فانطلقت الدورة مؤكدة انتماءها الخليجي. وكان البناي عضواً بالاتحاد الدولي ولقّب بالملك والوسيم واللورد، واستدعاه زعماء دول وملوك للتحكيم في مباريات أنديتهم، فحكّم في أوروبا وروسيا وآسيا، وفي مرة ألّف بين أعداء الكوريتين، الجنوبية والشمالية، حين دمج في إحدى المباريات لاعبي المنتخبين ليقفوا عنوة على خط واحد للترحيب بالجمهور، وأجبرهم على المصافحة، فاشتعلت المدرجات وصفقت له، وأعجب بجرأته رئيس تايلند، وأسمته الصحافة حكم ورجل السلام.
لقد اختار الاتحاد الدولي البناي، وكاد يحكّم بكأس العالم لولا وقوف رئيس الاتحاد الكويتي عام 1982 حجر عثرة لخلاف شخصي معه، وأرسل كتاباً إلى اللجنة الدولية يرفض مشاركته في التحكيم، فواجهه البناي مؤنباً، بالكويتي، «سويتها؟!»، فبمشاركتي كان علم الكويت سيرفع دولياً في وقت عجزت أنت ومنتخبك.
إن الرياضة من وسائل الحفاظ على الشباب وصحتهم من الانحراف والإدمان، وتحفيز لهم للتعاون والمنافسة الشريفة، وهي رسالة لاتحاد الكرة بأن القيادة تكون «بالروح الرياضية» لا بالتسلط على اللاعبين.
***
دعا بلاط شاه إيران البناي إلى التحكيم بين فريقي برسبولس وتاج، أغنياء وفقراء، وفي آخر دقيقتين احتسب ضربة جزاء للفقراء، فاشتعلت المدرجات وتعادلا، فاستدعاه ولي العهد وأسرته بالمقصورة وشكره لمصداقيته، حيث لا يجرؤ عليها حكم إيراني، فأصبح حكمهم المفضل لمبارياتهم.
عند وصول البناي إلى مطار طهران، سأله مرافقه الخاص: ماذا تريد؟ فقال مازحاً المغنية «قوقوش»، لشهرتها آنذاك، فأخذ ديوان الشاه الأمر محمل الجد، ونقلوه لأكبر استعراض لها، وفور وصوله الحفل قيل اسمه بالميكروفونات: «الحكم الدولي البناي»!
***
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.