بقرارٍ تاريخي، انتصرت المحكمة الجنائية الدولية للمستضعفين في غزة الذين تخلى عنهم ضمير العالم، وأصدرت مذكرتَي اعتقال بحق القاتلَين السفاحين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، ليصبحا معرّضين للاعتقال الفوري لدى عبورهما حدود 124 دولة في العالم.
والعجيب أن هذا الاحتلال الذي قتل الألوف المؤلفة من أبرياء غزة وأطفالها ونسائها ومدنييها ومنع عنهم الطعام والشراب ودخل في حرب إبادة بحقهم تفوق مزاعم محرقتهم على يد هتلر، من العجيب أن تخرج أبواق منكرة من بالوعة قياديي كيانهم المغتصب في تبجح منعدم النظير، لتستنكر هذا القرار في أصدق مثال لتلك البغيّ التي تدّعي من الطُّهر ما لم تَحُز مريم البتول، ويالها من مفارقة.
واليوم بعدما ظللنا ننادي بأن يتحرك المجتمع الدولي ليضع حداً لهذا الكيان الذي يتغذى على الوحشية والدماء والإبادة والعنصرية، بعدما قتل من أبرياء غزة ما يصل إلى 44 ألف إنسان لا ذنب لهم إلا أنهم تمسكوا بأرضهم وكرامتهم وحريتهم، ها هي أولى البشائر تبدو في الظهور، لتكون شعاع نور في ليلٍ حالك الظلام، ليتبعه كل متردد في إظهار قبح هذا الاحتلال وضرورة وقفه ووضع حد لجرائمه التي لا تنتهي ولا ترضى بغير الدمار والاعتداء على الآمنين.
وفي طلائع ما بعد مذكرتَي توقيف مجرم الحرب ووزير دفاعه السابق، ها هي كلمات صادقة مؤيِّدة لقرار المحكمة، تنبع من إحساس عالٍ بالمسؤولية، صرّح بها 11 سفيراً في الكويت تقرأ كلماتهم التي تثلج الصدور على نفس صفحة هذا المقال، ترحيباً بالخطوة التي بدأت في تحريك المياه الراكدة وإشعال شرارة نيران الغضب على ذلك الاحتلال الغاصب، وتمهيداً لتكوين رأي عام عالمي ضد عدو يمتلك من أعتى القوى العسكرية المؤيدة له الكثير.
شكراً لـ «الجنائية الدولية» على ذلك الأمل الذي بعثته في نفوس التوّاقين إلى العدالة على وجه الأرض، والذين كادوا يصلون إلى أن البشرية قد وصلت إلى أعمق مراحل انتحار ضميرها «المستتر»، بالسكوت عن تلك الفظائع التي لن يغفرها التاريخ للمشارك فيها أو المتواطئ أو المؤيد أو حتى الساكت برضا عما يحدث ليل نهار، على مرأى ومسمع من الجميع.