أكد مصدر في مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي لـ «الجريدة»، أن الرئيس مسعود بزشكيان رشح، أمس، في رسالة رسمية، علي لاريجاني، لمنصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، ومسؤول ملف المفاوضات مع الولايات المتحدة، في وقت تستعد واشنطن لانتقال السلطة من الديموقراطي جو بايدن إلى الجمهوري دونالد ترامب.
ولاريجاني الذي يشغل حالياً منصب مستشار خامنئي، والمحسوب على المحافظين الوسطيين، تولى سابقاً منصب الأمين العام للمجلس المذكور بين عامي 2005 و2007، كما تولى منصب رئيس مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) من 2008 إلى 2020، وهو ينتمي إلى عائلة سياسية نافذة، ويتولى شقيقه صادق لاريجاني منصب رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، بعد أن ترأس السلطة القضائية عدة سنوات، لكن استُبعِدت العائلة، إلى حد كبير من السلطة، خلال ولاية الرئيس الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي الذي قضى في تحطم مروحية العام الماضي.
وتؤشر خطة بزشكيان، إلى رغبة الحكومة الإيرانية، في العمل جدياً على حلّ الخلافات مع واشنطن، ما يتطلب تدعيم الفريق المكلف بالسياسة الخارجية، خصوصاً في مسألة البرنامج النووي والمفاوضات مع واشنطن، في ظل وجود تواصل أولي كشفت عنه «الجريدة» وصحف أخرى، بين طهران وفريق ترامب، الذي سبق أن مزّق اتفاق 2015 النووي خلال ولايته الأولى، كما أعطى الأمر باغتيال أبرز جنرالات إيران، قاسم سليماني في 2020.
وأبلغ المصدر «الجريدة»، أن أحد أسباب سفر لاريجاني إلى العاصمة اللبنانية بيروت كان التنسيق مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، زعيم حركة «أمل»، الذي تربطه علاقة صداقة معه منذ كان رئيساً للبرلمان الإيراني، ولقاء مسعد بولس، والد زوج تيفاني ابنة ترامب، والذي يطمح إلى لعب دور مع الإدارة الجمهورية المقبلة في الشرق الأوسط.
وفي مقابلة مع موقع المرشد الأعلى، نُشِرت أمس، قال لاريجاني إن «الولايات المتحدة انتهكت الاتفاق النووي السابق، وانسحبت منه، مما ألحق الضرر بإيران، في حين بدأت طهران بتخصيب اليورانيوم ورفعت درجة النقاء إلى أكثر من 60 في المئة».
وأوضح لاريجاني أن «الجانبين الآن أمام وضع جديد، فإذا كانت الإدارة الأميركية الجديدة ترفض فقط السلاح النووي في الملف النووي الإيراني، فعليها أن تقبل شروط إيران مقابل ذلك، وأن تقبل التنازلات اللازمة، من بینها التعويض عن خسائر إيران من أجل التوصل إلى اتفاق جديد، لا إصدار أمر من جانب واحد مثل قرارهم في الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
إلى ذلك، أشار المصدر إلى أن هناك معارضة شديدة من الأصوليين المتطرفين لتولي لاريجاني هذا المنصب، إضافة إلى معارضتهم إجراء مفاوضات مع فريق ترامب، وبمجرد أن بدأ الحديث عن نوايا بزشكيان لإعادة لاريجاني إلى الساحة، انهالت الرسائل المعارضة على خامنئي.
وبحسب المصدر فإن خامنئي لم يتخذ قراره بشأن تعيين لاريجاني، لكن حسب علمه فإن المرشد يسعى حالياً إلى حل موضوعين أساسيين لا يريد توريثهما إلى خليفته، وهما موضوع تثبيت وضعية المرشد المقبل، إما عبر انتخاب خليفة له قبل وفاته، أو الاتفاق على تشكيل مجلس قيادة يتولى صلاحيات المرشد، أما الموضوع الثاني فهو حل موضوع الخلاف مع الولايات المتحدة.
وذكر أن خامنئي عبّر أخيراً في اجتماعات مع كبار الشخصيات السياسية والأمنية والعسكرية عن هواجس جدية له من أن المرشد الذي سيخلفه لن يتمكن من حل الأزمة مع واشنطن، لأنه سيكون جديداً على الساحة ويفتقد إلى المصداقية التي يتمتع بها خامنئي، ولن يتمكن من ضبط مراكز القوة المتصارعة داخل النظام، والتي ستنقسم حول أي اتفاق محتمل مع الأميركيين.
وأضاف: عندما ذكر البعض أنه لا يجب التفاوض مع ترامب لأنه اغتال سليماني، رد خامنئي بقوله، إن إيران دخلت في مفاوضات مع الدكتاتور العراقي صدام حسين الذي تسبب في مقتل مئات الآلاف من الإيرانيين، وإذا كانت مصلحة البلاد تقتضي التفاوض مع ترامب فهو مستعد للاقتداء بمؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله الخميني و«تجرع كأس السم».
وقال المصدر إن طهران لا تزال تتلقى رسائل من إدارة الرئيس بايدن، وآخرها أمس، للتوصل إلى اتفاق قبل تسليم السلطة إلى ترامب في يناير المقبل.