جلسة أهل ثقافة من باريس إلى الشويخ
جلسة أهل ثقافة وقراءة كانت تلك الليلة التي استضافنا فيها الزميل إبراهيم فرغلي بمنصة الفن المعاصر (CAP) ليقف الصديق علي الحسن صاحب مقهى كافيين الثقافي أمام نخبة من المهتمين بالقراءة ويقدم إلينا وجبة من المعرفة طال انتظارها.
حديث المساء كان حول فيلسوف ومؤرخ فرنسي من أصل يهودي يدعى «إيمانويل تود» أحد القلائل الذين تنبؤوا بسقوط الاتحاد السوفياتي قبل 14 سنة من وقوعه.
عالم الأنثروبولوجيا أثار موجات من الجدل والنقد وحظي كتابه «سقوط الغرب» بحوارات ساخنة أبرزها انتقاد صحيفة «لوموند» له معتبرة إياه «متنبئاً مغمض العينين»، والآن في كتابه الجديد يتنبأ «بسقوط الغرب» وقبلها كان كتابه «ما بعد الإمبراطورية» عام 2002 توقع فيه انهيار النظام الأميركي!
استعرض الشاب علي الحسن والقادم إلينا من بيئة جامعية عاشها في أميركا واختبرها جيداً، جيداً أهم الأفكار التي وردت في هذا الكتاب وكان اختياره للمحاور والقضايا موفقاً بحيث أعطانا عصارة المحتوى بأسلوب شيق مدعوماً بمقولات وإحصاءات وجداول.
بحسب قراءته للكتاب أوجز عشر مفاجآت وراء كل منها قصة وهي: هناك حرب في أوروبا، والثانية أن حرب أميركا ضد روسيا تعني تحييد الصين، والمفاجأة الثالثة تكمن في المقاومة التي أبدتها أوكرانيا، والرابعة أظهرها قوة الاقتصاد الروسي، والخامسة بتبعية أوروبا، ثم السادسة بعدوانية المملكة المتحدة، يليها عدوانية الدول الإسكندنافية ثم ضعف الاقتصاد الحربي للغرب والتاسعة النرجسية الغربية وعزلتها الأيديولوجية.
آخر المفاجآت التي يتنبأ بها هي «هزيمة أو سقوط الغرب».
يستخدم المفكر الفرنسي «إيمانويل تود» الأدوات الإحصائية نفسها في كتابه الجديد ويرتكز على:
1- تفكك الروابط العائلية (الهيكل العائلي) وهذا ما جعل من روسيا دولة قوية، وسمح لها بالحفاظ على سيادتها في نظام العولمة، تمثل ذلك بقدرتها على منع تطور الفردية المطلقة.
2- انحدار التعليم، يمكن معرفة ذلك من قراءة مستقبل الطبقات الحاكمة في ثلاث جامعات عريقة (هارفارد– ييل –برينستون) حيث تبين الإحصاءات أن 6% من السكان الآسيويين يشكلون 28% في هذه الجامعات، كذلك اللاتينيون وهم 20% من السكان يشكلون 16% من الجامعات في حين يشكل البيض 61% من السكان نسبتهم 46% في الجامعات.
3- السقوط الديني الذي أعطاه عنواناً مختلفاً وهو «نهاية الدين» من خلال إحصاءات لها علاقة بحرق الجثث، علماً أن المجتمع غالبيته من البروتستانت ففي عام 1880 كانت نسبة حرق الجثث 0.01 وصلت عام 2021 إلى 78.4 في المئة.
يعتبر المفكر الفرنسي «تود» والمثر للجدل أن الغرب بات غير مستقر ويعاني المرض، والغرب عنده ولد من رحم الدين البروتستانتي، ويذهب بعيداً بأفكاره ويطلق على الطبقات الحاكمة من أميركا تسمية «عصابة واشنطن» متنبئاً بسقوطها، هذه العصابة تعاني من:
1- نزيف الذكاء brain drain.
2- المرض الهولندي.
3- وداعاً للديموقراطية وهلا بالأوليغاركية، أي حكم الأقلية، وهو شكل من أشكال الحكم تستحوذ عليه سلطة محصورة بيد فئة صغيرة من المجتمع تتميز بقوة المال أو العائلات النافذة أو العسكر.
أما المرض الهولندي الذي يشير إليه، فهو العلاقات بين ازدهار الاقتصاد بسبب وفرة الموارد الطبيعية وانخفاض الصناعة وغيرها، وفي حالة أميركا يقول «تود: المولود من أسرة باريسية إن أميركا تنتج «الدولار» وهو عملة العالم، لكن قدرتها على استخراج الثروة النقدية من لا شيء يعني الحكم عليها بالشلل لأن المورد الطبيعي الذي يعوق اقتصادها هو الدولار، فإنتاج العملة العالمية بتكلفة ضئيلة أو بدون تكلفة يجعل كل الأنشطة الأخرى غير مربحة وغير جاذبة».
ما الديموغرافيا؟
الديموغرافيا فرع من علم الاجتماع والجغرافيا البشرية، يقوم على دراسة علمية لخصائص السكان المتمثلة في الحجم والتوزع والكثافة والتركيب والأعراق ومكونات النمو مثل معدلات المواليد والوفيات والهجرة، ونسب الأمراض، والظروف الاقتصادية والاجتماعية، ومتوسط الأعمار والجنس، ومستوى الدخل وغيرها الكثير.