بعد نحو 3 سنوات من الحرب في أوكرانيا، يبذل الكرملين جهوداً حثيثة لتفادي «تعبئة شاملة»، فإضافة إلى المغريات التي يقدمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمتطوعين للقتال، آخرها قانون «قاتل وسدّد ديونك أنت وزوجتك»، نسجت روسيا مع الحوثيين «شبكات تهريب غامضة» لتجنيد المئات من اليمن، والزجّ بهم على الجبهة، وفق ما كشفت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية.

وقال مجندون يمنيون، معظمهم مجندون قسراً، إنهم وعدوا بوظائف ذات رواتب عالية حتى بالحصول على الجنسية الروسية، لكنهم أُجبروا عند وصولهم على الانضمام للجيش الروسي، وإرسالهم إلى الخطوط الأمامية في أوكرانيا، فيما يعكس ظهور مجموعة من المرتزقة اليمنيين في أوكرانيا اتساع الصراع لجذب جنود من الخارج مع تزايد الخسائر، وسعي الكرملين لتجنب التعبئة الشاملة، حسب تقرير «فايننشال تايمز».

Ad

وتشمل هذه المجموعة مرتزقة من نيبال والهند حوالي 12 ألف جندي كوري شمالي وصلوا للمشاركة في القتال ضد القوّات الأوكرانية في مقاطعة كورسك الروسية، التي سيطرت كييف على جزء كبير منها في هجوم مضاد كبير شنته منذ أشهر.

كما يعكس تجنيد اليمنيين التقارب بين روسيا وإيران والجماعات المسلحة المتحالفة معها في الشرق الأوسط، وذلك بعد أن عرقل الحوثيون، بدعم من طهران، سلاسل الإمداد العالمية من خلال حملة صاروخية استهدفت الشحن في البحر الأحمر بعد بدء الحرب في غزة العام الماضي.

وكانت «الجريدة» كشفت الأسبوع الماضي ان روسيا وافقت على تزويد الحوثيين بأسلحة حديثة عبر إيران شرط استخدامها ضد الولايات المتحدة ودول أعضاء في حلف الناتو.

وقال دبلوماسيون أميركيون إن التحالف بين الكرملين والحوثيين، الذي كان غير وارد قبل الحرب في أوكرانيا، يعكس مدى استعداد روسيا لتوسيع هذا الصراع ليشمل مناطق جديدة بما في ذلك الشرق الأوسط. وأكد المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، في هذا الصدد، أن موسكو تجري محادثات مع الحوثيين تشمل نقل أسلحة، مشيرا إلى أن «هناك أفرادا روساً في صنعاء يساعدون في تعزيز هذا الحوار».

وفيما أعرب كينغ عن قلقه إزاء «أنواع الأسلحة التي تتم مناقشتها، حيث تمكن الحوثيين من استهداف السفن في البحر الأحمر وربما أبعد من ذلك»، أوضح رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ماجد المذحجي، أن روسيا تهتم «بأي جماعة في البحر الأحمر أو الشرق الأوسط تعادي الولايات المتحدة».

وأضاف أنه يتم تنظيم المرتزقة من قبل الحوثيين كجزء من جهد لبناء علاقات مع موسكو، بينما قال عضو المكتب السياسي لأنصار الله محمد البخيتي لموقع «ميدوزا» الروسي هذا الشهر، إنهم على «تواصل دائم» مع القيادة الروسية لتطوير العلاقات في جميع المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والسياسة والعسكرية، في حين رفض متحدث باسم الحوثيين التعليق على هذه التقارير.

تجنيد قسري وظروف مروعةأمّا خبير شؤون الخليج في مركز شاثام هاوس، فارع المسلمي، فأفاد بأن المرتزقة اليمنيين ليس لديهم أي تدريب، وأن الكثير منهم لا يريدون المشاركة في القتال، معتبرا أن «الحوثيين يقومون بتجنيد الجنود لصالح روسيا كمبادرة للتقرب من موسكو»، ويستفيدون من «الفقر في اليمن الذي يجعله مكانًا سهلًا للتجنيد».

وتظهر عقود تجنيد، اطلعت عليها الفايننشال تايمز، أن السياسي الحوثي عبدالولي عبدو حسن الجابري أسس شركة مسؤولة عن تنظيم العملية تحت مسمى «شركة الجابري للتجارة العامة والاستثمار»، في صلالة بسلطنة عمان كوكيل للسياحة وتوريد المعدات الطبية.

وبدأ تجنيد اليمنيين على ما يبدو في وقت مبكر من يوليو الماضي، وقال أحد المجندين، الذي طلب الإشارة إليه باسم نبيل، إنهم خدعوا بوعود وظيفية مربحة، مؤكدا أنه وجد نفسه في غابة بأوكرانيا بعد أسابيع قليلة، حيث أجبر على العمل في ظروف قاسية دون تدريب عسكري.

وشارك نبيل وزملاؤه مقاطع فيديو تظهرهم في غابة مليئة بالألغام، يحاولون بناء ملاجئ وسط القصف. وقال أحدهم «لا نحصل حتى على خمس دقائق للراحة»، في حين عاد بعض المجندين إلى اليمن بعد ضغوط مارسها الاتحاد الدولي للمهاجرين اليمنيين على الحكومة اليمنية.

شطب ديون

في هذه الأثناء، وقّع الرئيس الروسي بوتين قانونا يسمح لمن يتطوعون للقتال في أوكرانيا بشطب ديونهم غير المسددة التي تصل قيمتها إلى نحو 100 ألف دولار، بحسب ما أعلنت الحكومة، في خطوة رجح خبراء أن تكون دافعا قويا لبعض الأشخاص للانضمام إلى الجيش والقتال في أوكرانيا.

ويسمح القانون الجديد لمن يوقعون عقدا لمدة عام للقتال في أوكرانيا بالتخلص من ديونهم وديون زوجاتهم غير المسددة، والتي لا تتجاوز 96 ألف دولار. وسيستفيد من هذا القانون عدد كبير من الشباب الروس في سن القتال، لأن الأشخاص في الثلاثينيات من العمر وأصغر هم الأكثر ميلا للحصول على قروض، خصوصا أن معدلات الفائدة على القروض مرتفعة للغاية في روسيا.

وبحسب تقرير صادر عن البنك المركزي الشهر الماضي، فإن أكثر من 13 مليون روسي حصلوا على ثلاثة قروض أو أكثر في زيادة بنسبة 20 في المئة مقارنة بالعام الماضي.وفيما انكب محققون أوكرانيون على فحص حطام صاروخ «أوريشنيك» (شجرة البندق) فرط الصوتي الروسي الجديد الذي أطلقته موسكو على مدينة دنيبرو، للمرة الاولى منذ بدء الحرب، رأى المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن تحاول الانتقام من الرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترامب عبر قراراتها التصعيدية بشأن أوكرانيا، وذلك بسبب هزيمة الديمقراطيين في الانتخابات. وقال بيسكوف، ردا على سؤال حول ما إذا كان ترامب سيستمر في سياسة إدارة بايدن بشأن أوكرانيا، «لا يزال يتعين علينا أن نفهم ما إذا كان ترامب سيواصل هذا النهج، أو ما إذا كان سيغيره. نحن لا نعلم».