بات مصير اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان تحت التشكيك، بعدما تسارعت وتيرة العملية العسكرية البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان، على المحاور الثلاثة الشرقي والأوسط والغربي، في وقت صعّد «حزب الله» قصفه الصاروخي مستهدفاً مدن تل أبيب وحيفا ونهاريا ومناطق في شمال ووسط إسرائيل بأكثر من 160 صاورخاً.

وكتبت صحيفة «النهار» اللبنانية أن القوات الإسرائيلية تندفع خلافاً للتوقعات مع تساقط الأمطار إلى مزيد من التوغلات، مضيفة أن الساعات المقبلة قد تكشف مساحات توغل واسعة. ففي القطاع الغربي اشتدت وتيرة الاشتباكات بين مقاتلي حزب الله والقوات الإسرائيلية التي تحاول أن تتقدم باتجاه البياضة القريبة من الطريق الساحلي إلى مدينة صور، مما سيعزل مساحات واسعة من منطقة الناقورة. في المقابل، قالت وسائل إعلام مقربة من حزب الله، إن الحزب هاجم القوات الإسرائيلية على محور شمع ـ طيرحرفا الذي يقع خلف مقدمة القوات الإسرائيلية المتقدمة إلى البياضة.

Ad

على المحور الشرقي، تسارعت وتيرة الهجمات الإسرائيلية البرية على مدينة الخيام على وقع الغارات والتفجيرات والقذائف. وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية بأن الخيام شهدت ليل السبت ـ الأحد واحدة من أصعب الليالي وأعنفها منذ بدء الاجتياح البري ضدها، مضيفة أن «جيش الاحتلال استمر بعملية توغله في الخيام تحت غطاء ناري كثيف، إذ قصفت مدفعيته مختلف أحيائها وشن طيرانه الحربي أكثر من غارة مسبباً دماراً هائلاً في الأحياء والممتلكات، كما فخّخ المنازل والمحال التجارية وفجّر حياً كاملاً في الجهة الغربية من البلدة».

وكانت القوات الإسرائيلية قد أعادت قطع طريق الخردلي بالكامل، الذي يوصل النبطية بمرجعيون، من خلال الإغارة عليه والتسبب بفجوة كبيرة، لمنع مرور أي من السيارات والآليات.

وبوتيرة أقل، كثف الجيش الإسرائيلي غاراته وقصفه لمدينة بنت جبيل في القطاع الأوسط.

وأعلن الجيش اللبناني أمس، مقتل عسكري وإصابة 18 آخرين بجروح جراء استهداف الجيش الإسرائيلي مركزاً له في منطقة العامرية التابعة لمدينة صور جنوبي البلاد.

وقالت مصادر أمنية لبنانية لوكالة أنباء «شينخوا» الصينية، إن الحادث وقع عندما أطلقت المدفعية الإسرائيلية عدة قذائف مدفعية عيار 155 ملليمتراً على حاجز الجيش، مشيرة إلى أن الحاجز استهدف مباشرة مما أدى إلى إصابة العسكريين واندلاع حريق في مخزن تابع للحاجز.

في المقابل، أعلن حزب الله أمس، قصف عشرات المواقع العسكرية الإسرائيلية بما فيها قاعدة غليلوت للاستخبارات العسكرية في ضواحي تل أبيب وقاعدة أشدود البحرية جنوب إسرائيل التي تبعد 150 كيلومتراً عن الحدود اللبنانية. وأظهرت أشرطة مصورة تصاعد أعمدة الدخان من مبان في تل أبيب وحيفا وغيرها.

وكتب خليل نصرالله المحلل السياسي المقرب من حزب الله على موقع «اكس»، إن «الضربة الصاروخية الأخيرة من لبنان، كان منسوبها أعلى من سابقاتها من حيث التنوع والمساحة. الضربة أثبتت أن قدرات حزب الله عالية، وأنه قادر على رفع المنسوب بما يشكل أذى كبيراً».

وكان الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم هدد بقصف تل أبيب رداً على قصف بيروت، في محاولة من الحزب لتثبيت معادلة ميدانية، رغم الفارق الكبير في الدمار التي تحدثه إسرائيل في بيروت مقارنة بصواريخ حزب الله. وفيما دعا بيني غانتس الوزير السابق في حكومة الحرب الإسرائيلية إلى قصف أصول الحكومة اللبنانية رداً على صواريخ حزب الله متحدثاً عن «تواطؤ» بين الحكومة والحزب، نقلت صحيفة «معاريف» عن مصدر أمني قوله إن «حزب الله» يعمل على إطلاق أكبر عدد من الصواريخ قبل الاتفاق ويفرغ مستودعاته تمهيدًا لاتفاق وقف النار.

على شفير الانهيار

إلى ذلك، حثّ مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من بيروت أمس، على «وقف فوري» لإطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل.

ودعا بوريل، خلال مؤتمر صحافي بعد لقائه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إلى «تطبيق كامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701» الذي أرسى وقفاً لإطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل في عام 2006.

وحذّر المسؤول الأوروبي من أن لبنان بات «على شفير الانهيار»، مضيفاً: «ندعم لبنان شعباً وجيشاً ومؤسسات وجاهزون لتقديم مئتي مليون يورو للقوات المسلحة اللبنانية»، كما دعا إلى ممارسة الضغوط على إسرائيل والحزب لقبول المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار.

الراعي وبري

وبعد انتقادات لتفرد بري وحزب الله بالتفاوض باسم لبنان، في ظل شغور منصب رئاسة الجمهورية والغموض الذي يحيط بموقع الحكومة من هذه المفاوضات، سأل البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الأحد: «من يفاوض على وقف إطلاق النار؟ وباسم من ولصالح من؟ وهذه هي أولى صلاحيات رئيس الجمهورية غير الموجود عن عمد، وبالتالي يبقى عملهم ناقصًا وغير شرعي».