«الشال»: الانفلات المالي بيع رخيص لمستقبل صغار المواطنين
• استمراره سيضطر الدولة إلى اللجوء للاقتراض أو استهلاك مدخراتها
• برنامج عمل الحكومة لم يتضمن فك الارتباط بين الشهادة والوظيفة
• أي مشروع لإصلاح التعليم العالي بمستوى المدخلات الحالية مجرد وهم
• التعليم يتطلب إصلاحاً ثورياً بعدما بات في وضع مزرٍ قيماً ومستوى
• الغش أصبح واقعاً مقبولاً بالتعليم بدليل خروج تظاهرة علنية لإعادة المراقبين المتساهلين
• الامتياز المالي شجع الكثيرين على الالتحاق بالقطاع العام بشهادات مزورة وبعضهم معلمون
قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي إن استمرار انفلات السياسة المالية للدولة نتيجة الارتفاع المؤقت لأسعار النفط سيضطرها حتماً إما إلى اللجوء إلى الاقتراض أو استهلاك مدخراتها، وهو ما يحدث دون أدنى شعور بالمسؤولية تجاه الأغلبية من صغار المواطنين، «إنه لبيع رخيص لمستقبلهم».
وأكد «الشال» أن النهوض بمستوى التعليم بشقيه العام والعالي كان حاضراً في كل أدبيات خطط التنمية وبرامج الحكومات المتعاقبة، وأسوة بالفساد ورداءة البنى التحتية والإسكان وتركيبة السكان والعمالة، سار الإصلاح مساراً عكسياً خلافاً للنوايا المعلنة.
وأضاف أنه ضمن محور آخر خاص بالتعليم في برنامج الحكومة، هناك نوايا لإصلاحه، بعد أن أصبح في وضع مزرٍ، قيماً ومستوى، مما جعله يتطلب إصلاحاً ثورياً، ولكن نوايا إصلاحه في البرنامج الحالي مازالت في حدود «الهون أبرك ما يكون».
وذكر أن الغش أصبح واقعاً مقبولاً بدليل خروج أولياء أمور الطلبة علناً في تظاهرة احتجاج على تغيير طاقم مراقبة الامتحانات المتسامح مع الغش، لافتاً إلى أن المناهج مازالت متخلفة كثيراً عما حدث للتعليم في العالم من تطور جوهري.
وأوضح أن مخرجات التعليم العام هي مدخلات التعليم العالي، وبمستوى الطموح المتواضع لإصلاحه، إن تحقق، مؤكداً أن أي مشروع لإصلاح التعليم العالي بمستوى تلك المدخلات مجرد وهم.
وشدد على أن هناك ربطاً خاطئاً ما بين مزايا وظيفة القطاع العام، والشهادة التعليمية، ولذلك بلغت نسبة العاملين في القطاع العام من حملة الشهادة الثانوية وما فوق نحو 85 في المئة، ولا توجد أي نسبة تضاهيها في العالم، مضيفاً: «كلنا نعرف المستوى الضعيف لإنتاجية ذلك القطاع، ليس ذلك فقط، وإنما شجع امتياز الشهادة الكثير على التقدم للعمل في القطاع العام بشهادات مضروبة أو مزورة، ولا شك أن بعضهم بات يُعلّم في قطاعي التعليم العام والعالي الحكوميين».
وتابع «الشال»: «لم نرَ في برنامج الحكومة مقترحاً لفك الارتباط بين الشهادة والوظيفة، ولا إخضاع الوظيفة للتخصص المرغوب والتفوق وحاجة سوق العمل»، مؤكداً أن «التعليم يعني بناء رأس المال البشري لا تخريبه، وأي إصلاح اقتصادي حقيقي لا يمكن أن ينجح دون رأسمال بشري متفوق تعليماً وقيماً».
وفي تفاصيل الخبر:
يستمر تقرير «الشال» الاقتصادي في تناول برنامج الحكومة، ويتطرق هذا الأسبوع الى محور التعليم، مؤكدا أن النهوض بمستوى التعليم بشقيه العام والعالي كان حاضراً في كل أدبيات خطط التنمية وبرامج الحكومات المتعاقبة، وأسوة بالفساد ورداءة البنى التحتية والإسكان وتركيبة السكان والعمالة، سار الإصلاح مساراً عكسياً خلافاً للنوايا المعلنة.
وضمن محور التحديات، ومحور آخر خاص بالتعليم ضمن برنامج الحكومة، هناك نوايا لإصلاحه، بعد أن أصبح في وضع مزرٍ، قيماً ومستوى، مما جعله يتطلب إصلاحاً ثورياً، ولكن نوايا إصلاحه في البرنامج الحكومي الحالي لا تزالت في حدود «الهون أبرك ما يكون».
معدل تكلفة الطالب في التعليم العام في مراحله الأربع - الروضة إلى الثانوية - بحدود 3800 دينار سنوياً، وهي من أعلى التكاليف في العالم، ومستوى خريج الثانوية العامة ضمنه دون مستوى طالب الرابع المتوسط، وبلغت فجوة تعليمه وفقاً لبرامج الحكومات السابقة نحو 4.8 سنوات، وقيمه تؤكد انتشار الغش، الذي أصبح واقعاً مقبولا كأن يخرج أولياء أمور الطلبة علناً في تظاهرة احتجاج على تغيير طاقم مراقبة الامتحانات المتسامح مع الغش، ومناهجه لا تزال متخلّفة كثيراً عما يتطلبه ما طال التعليم في العالم من تطور جوهري، مدفوعاً من اختلاف الوظائف المطلوبة في سوق العمل.
وفي بند التحديات ببرنامج الحكومة، ومن دون التعرّض للعلاقة العكسية بين ارتفاع تكاليف التعليم وتدهور مستواه، تأمل الحكومة بخفض فجوة تخلّفه إلى 3 سنوات أو أدنى بحلول عام 2026، أي أننا لا نزال في حاجة إلى نحو 6 سنوات إضافية للعودة به إلى المستوى المتواضع السابق لتعليمنا.
ومخرجات التعليم العام هي مدخلات التعليم العالي، وبمستوى الطموح المتواضع لإصلاحه، إن تحقق، وأي مشروع لإصلاح التعليم العالي بمستوى تلك المدخلات مجرد وهم، وتخلّف التعليم العام أكثر حدة في التخصصات العلمية، وهي مستقبل التعليم وسوق العمل في المستقبل.
وفي التعليم العالي الحكومي نحو 77 ألف طالب مواطن، أو نحو 66 بالمئة من إجمالي طلبة التعليم العالي ويدرسون في كل من جامعة الكويت والمعهد التطبيقي، وتكلفة الطالب في جامعة الكويت تبلغ نحو 13 ألف دينار سنوياً، وفي حين تبلغ تكلفة طالب المعهد التطبيقي نحو 8 آلاف سنوياً.
وتبلغ تكلفة الطالب في جامعة الكويت نحو ضعف معدّل تكلفة الطالب الجامعي في الجامعات الخاصة المحلية، وبينما خرج تصنيف جامعة الكويت للعام الحالي من قائمة ال 1000 الأفضل في العالم، وهناك جامعتان محليتان فقط ضمن تلك القائمة، وليس للكويت أي جامعة ضمن أفضل 700 جامعة، في المقابل، هناك 14 جامعة سعودية و11 إماراتية، و8 لبنانية، و4 أردنية، و3 جامعات بحرينية ضمن أفضل 1000 جامعة في العالم.
ونوايا الإصلاح في برنامج الحكومة هي في تأسيس مؤسسات تعليمية حكومية جديدة، وتفعيل مؤسسات تعليم عالٍ حكومية قائمة، وفتح جامعة حكومية مسائية في مباني جامعة الكويت، وإكمال مدينة صباح السالم الجامعية، أي مزيد من تعليم حكومي يتخلف، وزيادة غير محتملة في التكاليف. وفي خلاصة، هناك ربط خاطئ بين مزايا وظيفة القطاع العام، والشهادة التعليمية، أي شهادة، لذلك بلغت نسبة العاملين في القطاع العام من حملة الشهادة الثانوية وما فوق نحو 85 بالمئة، ولا توجد أي نسبة تضاهيها في العالم، وكلنا نعرف المستوى الضعيف لإنتاجية ذلك القطاع، ليس ذلك فقط، وإنما شجع امتياز الشهادة الكثير على التقدم للعمل في القطاع العام بشهادات مضروبة أو مزورة، ولا شك في أن بعضهم بات يُعلّم في قطاعي التعليم العام والعالي الحكوميين.
ولم نرَ في البرنامج مقترحا لفك ذلك الارتباط بين الشهادة والوظيفة، ولا إخضاع الوظيفة للتخصص المرغوب والتفوق وحاجة سوق العمل، التعليم يعني بناء رأس المال البشري وليس تخريبه، وأي إصلاح اقتصادي حقيقي لا يمكن أن ينجح دون رأسمال بشري متفوق تعليماً وقيماً.
الانفلات المالي
وأفاد «الشال» بأن حركة أسعار النفط خارج نطاق تأثير أي حكومة في بلد مصدر للنفط، والواقع أن تأثير التكتلات عليها مثل أوبك أو أوبك+ له حدود، وربما الأقوى في التأثير هي تكتلات المستهلكين، مثل الوكالة الدولية للطاقة والقوى الداعمة لها، ويظل تأثيرها ليس مطلقاً.
وما بين أواخر فبراير 2022 ومنتصف ديسمبر الجاري، تحركت أسعار النفط بتذبذب حاد لأسباب جيوسياسية، أهمها الحرب الروسية الأوكرانية، وتذبذب الأسعار، ولأن عامل التأثير على الأسعار استثنائي، ما لبث أن خف تأثيره وعاودت الأسعار الهبوط بوتيرة سريعة.
ولم يمنع هبوط أسعار النفط مجموعة من العوامل التي كان من المفترض أن تشكل دعما لارتفاع الأسعار، أولها كان قرار أوبك+ في 5 أكتوبر 2022 بخفض إنتاجها بالحد الأعلى المتوقع، أي 2 مليون برميل يومياً، وكانت أسعار النفط في 6 أكتوبر 2022 نحو 97.11 دولارا، وبلغت في 14 ديسمبر الجاري 79.95 دولارا، أي فقدت -17.7%.
ثانيها اشتداد وليس خفوت الحرب الروسية الأوكرانية ونفاذ عقوبة تحديد سقف أسعار أوروبية منخفض للنفط الروسي وضغوطه على جانب العرض متزامناً مع فصل شتاء بارد.
وثالثها خطاب رئيس البنك الفدرالي الأميركي بداية الشهر الجاري بما يوحي بخفوت القلق حول التضخم الذي انخفض فعلاً الأسبوع الفائت إلى 7.1% لشهر نوفمبر مقابل 7.7% لشهر أكتوبر. وانخفاض ذلك القلق أدى بالفدرالي الأميركي الأربعاء الفائت إلى رفع أسعار الفائدة الأساس على الدولار ب0.50% بدلاً من 0.75%، ما يعني ارتخاء في سياسات التشدد النقدي وانحسار مخاوف ولوج الاقتصاد العالمي حقبة من الركود العميق.
وفي الكويت، بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي في أبريل 2022، أي بداية السنة المالية الحالية 2022-2023 نحو 107.3 دولارات، أي حقق سعر البرميل فائضاً بحدود 26.9 دولارا عن سعر التعادل الرسمي للموازنة البالغ 80.4 دولارا، بعدها بثمانية أشهر، حقق معدل سعر برميل النفط الكويتي للنصف الأول من ديسمبر الجاري 79.9 دولارا للبرميل، أي حقق عجزاً عن سعر التعادل بحدود 0.5 دولار.
وبتاريخ 21 أبريل 2020 بلغ سعر مزيج برنت 9.12 دولارات، أي أقل من تكلفة إنتاج البرميل في الكويت، وفي يوم 9 مارس 2022 بلغ سعر برميل النفط الكويتي أعلى مستوياته أو 130.31 دولارا، وفي المستقبل، سوف يبقى معدل سعر برميل النفط دون سعر التعادل الرسمي للموازنة العامة، أي سوف تتكرر تجربة عجوزات السنوات المالية 2014-2015 إلى 2021-2022.
ومع بداية السنة المالية الحالية والارتفاع المؤقت لأسعار النفط، تم نسيان تلك التجربة الأليمة وانفلتت السياسة المالية لتعود بالبلد ذي الاعتماد الأعلى في العالم على النفط بأسعاره المتأرجحة إلى الأدنى، وغير المستدامة، واستمرار ذلك الانفلات سوف يضطره حتما إما إلى اللجوء إلى الاقتراض أو استهلاك مدخراته، وذلك يحدث دون أدنى شعور بالمسؤولية تجاه الأغلبية من صغار المواطنين، إنه لبيع رخيص لمستقبلهم.