الأغلبية الصامتة: البدلات... نظرة مغايرة

نشر في 27-11-2024
آخر تحديث 26-11-2024 | 20:07
من المؤكد أن وجود مهندس كمبيوتر للصيانة وتوفير الحماية للبيانات وإدخالها بشكل دائم ومستمر، وبما يتجاوز ساعات العمل الرسمية في إدارة مغايرة لطبيعة عمله، أمر ضروري لن يقوم به موظف غير متخصص، كما لا يصح توقيع عقود مع شركات للقيام بتلك المهام، وهو ما يخالف سياسة ترشيد الإنفاق التي تسير عليها الدولة.
 إبراهيم المليفي

فيما مضى، كان منح البدلات يستخدم كورقة ضاغطة في الصراعات السياسية ومعارك تثبيت المراكز السياسية والانتخابية، وصدرت بعدها قرارات تنظم قواعد صرف تلك البدلات، من أبرزها وهي جوهر هذا المقال، اشتراط عمل أصحاب التخصص في الإدارة المعنية بتخصصه وغير ذلك لا يصرف لهذا البدل.

للوهلة الأولى يبدو ذلك الشرط سليماً وصوته مقنعاً للمستمع، فالقانوني مكانه الإدارة القانونية، والمهندس في الإدارة الهندسية، والمحاسب في الإدارة المالية وهكذا، ولكن عندما نتمعن في التفاصيل والنتائج التي ظهرت بعد سنوات قليلة، سنجد أن ما حدث هو تفريغ لكثير من الإدارات من العناصر التي ترفد أعمالها بأصحاب التخصصات المغايرة لطبيعة عمل تلك الإدارات، ناهيك عن تكدس أصحاب التخصص في مكان لضمان صرف بدلاتهم التي تعينهم على مصاعب حياتهم المعيشية.

لقد ربط ذلك الشرط الخانق بين الحصول على البدل ووجود صاحب التخصص في مكان محدد، واستبعد أهم شيء في هذه المسألة وهي طبيعة المهام الموكلة لذلك الموظف، فطالما كان يؤدي ما له علاقة بتخصصه ولكن في إدارة أخرى، استحق الحصول على البدل، وحتى تتضح الصورة سنقدم بعض الأمثلة التي توضح الصورة أكثر.

توجد لدى أغلب الجهات الحكومية مواقع الكترونية وبعضها يخدم خدمات حيوية للمواطنين لا يمكن الاستغناء عنها، وتختلف تبعية الإشراف على تلك المواقع على اختلاف الجهات، فهي هنا تتبع نظم المعلومات، وهناك تتبع العلاقات العامة أو الشؤون الهندسية وغيرها، ولكن من المؤكد أن وجود مهندس كمبيوتر للصيانة وتوفير الحماية للبيانات وإدخالها بشكل دائم ومستمر وبما يتجاوز ساعات العمل الرسمية، أمر ضروري لن يقوم بها موظف غير متخصص، كما لا يصح توقيع عقود مع شركات للقيام بتلك المهام، وهو ما يخالف سياسة ترشيد الإنفاق التي تسير عليها الدولة.

مثال آخر، توجد الكثير من الإدارات تبرم لصالحها عقودا بمئات الآلاف من الدنانير، صحيح أن الإدارة القانونية ستقوم بواجبها في هذا الشأن ولكن نقطة البداية في صياغة بنود العقد ومتابعة التزام الشركات بأعمالها لن تكون إلا من الإدارة المعنية، وقد يقول قائل ليبقى ذلك الموظف تابعاً لإدارته المختصة، وليكلف بتقديم خدماته للإدارة المحتاجة، سأرد ببساطة بأن انتظام العمل والانضباطية لن يتحققا بدون سلطة مباشرة للإدارة المستفيدة على الموظف صاحب الاختصاص المطلوب.

في الختام وبناء على ما سبق من عرض لأمر نعتقد أنه خلل أصاب الجهاز الإداري للدولة، أرجو أن تصل كلماتي لصاحب القرار لمراجعة شروط الحصول على البدلات، وأبرزها إلزام صاحب التخصص بالعمل في الإدارة المعنية بتخصصه.

back to top