«التمييز»: رعاية «ذوي الاحتياجات» ليست منّة أو شفقة

ألزمت هيئة الإعاقة صرف مستحقات مواطنة

نشر في 28-11-2024
آخر تحديث 27-11-2024 | 19:22
قصر العدل
قصر العدل

أكدت محكمة التمييز المدنية، برئاسة المستشار د. عبيد العجمي، أن قانون هيئة الإعاقة رقم 8 لسنة 2010 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة نص على تقرير مزايا عينية ومخصصات شهرية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، باعتبار أن رعايتهم ليست منّة أو شفقة، وإنما هي واجب على الجميع، والتزام من الدولة نحو هذه الشريحة المهمة منه، وألزمت الهيئة صرف مستحقات مواطنة معاقة.

وقالت المحكمة، في حكمها البارز، إن الهيئة مطالبة بوقف المخصصات المالية لحالتين، وهما في حالة شفاء المعاق أو إذا لم يعد ينطبق عليه ذلك الوقف، ولا يجوز لجهة الإدارة تجاوز ذلك الأمر ومخالفة أحكام القانون.

وتتحصل وقائع الدعوى، التي أقامها مواطن ضد هيئة الإعاقة بطلب إلزامها بدفع ما يزيد على 12 ألف دينار ضد الهيئة كانت قد امتنعت عن صرفها لابنة رافع الدعوى، رغم أنها مازالت مصابة بإعاقة مزدوجة ذهنية وجسدية، وبالتالي فإن الهيئة مطالبة بصرفها.

وقال بياناً لذلك إن ابنته تعاني من إعاقة متوسطة منذ الولادة وصدرت لها شهادة من الهيئة العامة لذوي الإعاقة، ولما كان القانون قد صدر وسرت أحكامه في مايو 2010 وتصرف مستحقات الإعاقة إلا أنه فوجئ بتوقف الصرف خلال الفترة المطالب بها، وتم رفع الدعوى وحكمت له المحكمة بأحقيته بالمبالغ المطالب بها إلا أن محكمة الاستئناف ألغت حكم «أول درجة» وقررت رفض الدعوى.

وحيث إن رافع الدعوى ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول: إن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى لعدم عرض نجلته على اللجنة الطبية خلال ثلاث سنوات، على الرغم من أن اللجنة الطبية بالهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة سبق أن أصدرت لنجلته شهادة إعاقة بتاريخ 2014/5/6 تثبت أن لديها إعاقة مزدوجة حركية وجسدية متوسطة ودائمة، وبالتالي فقد اكتسبت مركزاً قانونياً لا يجوز المساس به طالما لم يطرأ على إعاقتها تغيير نتيجة التقدم الطبي أو غيره، وهو ما خلت منه الأوراق، لا سيما أنه تم الكشف عليها بعد توقف صرف المستحقات ولم تتحسن حالتها، ومن ثم لا ينطبق عليها نص الفقرة التاسعة من المادة 26 من اللائحة التنفيذية للقانون 2010/8، التي نصت على وقف صرف المخصصات في حالة الشفاء أو عدم إدراج الحالة تحت مفهوم الإعاقة، ومن ثم تستحق جميع المزايا التي توقفت الهيئة عن صرفها، وإن خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً مما يستوجب تمييزه.

المحكمة: متى كان النص جليّ المعنى في الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله

مخصصات شهرية

وقالت محكمة التمييز، إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن القانون رقم 8 لسنة 2010 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة قد نص على تقرير مزايا عينية ومخصصات شهرية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، باعتبار أن رعايتهم ليست منّة أو شفقة وإنما هي واجب على الجميع والتزام من الدولة نحو هذه الشريحة الهامة منه، وما نصت عليه المادة 29 من القانون المعدل بالقانون رقم ۱۰۱ لسنة ۲۰۱5 من استحقاق هؤلاء مخصصاً شهرياً حتى سن الحادية والعشرين، على أن يستمر الصرف لمن هو في الدراسة حتى سن الثامنة والعشرين، وكذا تقرير مخصص شهري للمرأة التي ترعى إعاقة شديدة ولا تعمل.

وأفادت بأن المادة 26 من القرار رقم 340 بإصدار اللائحة التنظيمية للقانون رقم 2010/8 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة نصت على أنه تختص اللجنة الفنية بما يلي: 1 - القيام بالمهام الموكلة إليها من المدير العام أو مجلس الإدارة، 2 - إبداء الرأي الفني في كل ما يحال إليها من المدير العام أو مجلس الإدارة، 3 - إصدار القرارات واللوائح المتعلقة بعملها، 4 - تقديم المقترحات والدراسات التي تخدم مصلحة ذوي الإعاقة ورفعها لمجلس الإدارة، 5 - رفع تقارير دورية بنتائج أعمالها للعرض على مجلس الإدارة، 6 - اعتماد التقارير الطبية الصادرة عن اللجان الطبية المتخصصة، 7 - إصدار شهادات إثبات الإعاقة مبينة بها نوع ودرجة الإعاقة، 8 - إعادة فحص حالات الإعاقة بصفة دورية متى اقتضى الأمر ذلك عن طريق اللجان الطبية المختصة، 9 - إيقاف صرف المميزات الممنوحة لذوي الإعاقة بموجب القانون رقم 2010/8 المشار اليه في حالة الشفاء من الإعاقة أو عدم إدراج الحالة تحت مفهوم الإعاقة، 10 - التنسيق مع قطاع الشؤون الإدارية والمالية في حالة تغير نوع ودرجة الإعاقة، وما يمكن أن يترتب عليه من تغيير بشأن المخصصات المالية.

حالات منع الصرف

أشارت المحكمة إلى أنه من المقرر أيضاً - في قضاء هذه المحكمة – أنه متى كان النعي واضحاً جلي المعني في الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله، وأن القاضي مطالب أساساً بالرجوع الى نص القانون وإعماله على واقعة الدعوى في حدود عبارة النص، وإذا كانت واضحة الدلالة فلا يجوز الأخذ بما يخالفها أو تقييدها لما في ذلك من استحداث لحكم مغاير لمراد المشرع عن طريق التأويل، مما مفاده أنه وإن كانت المادة 26 من القرار رقم 340 بإصدار اللائحة التنظيمية للقانون رقم 2010/8 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على أنه تختص اللجنة الفنية – إعادة فحص حالات الإعاقة بصفة دورية متى اقتضى الأمر ذلك عن طريق اللجان الطبية المختصة إلا أنها حددت على سبيل الحصر حالتين فقط يوقف عند توافر إحداهما صرف المخصصات للمعاق، إذ نصت على إيقاف صرف المميزات الممنوحة لذوي الإعاقة بموجب القانون رقم 2010/8 المشار إليه في حالة الشفاء من الإعاقة أو عدم إدراج الحالة تحت مفهوم الإعاقة.

وتابعت: «لما كانت ابنة الطاعن عن نفسه وبصفته قد خلت الأوراق من توافر هاتين الحالتين عندها، وأنها مازالت لديها إعاقة مزدوجة حركية وجسدية متوسطة ودائمة، ومن ثم فهي مستحقة للمخصصات المطالب بها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدعوى، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تمييزه. وحيث إنه عن موضوع الاستئناف صالح للفصل فيه، ولما تقدم وكان الحكم المستأنف قد انتهى الى قضاء صحيح، مما يتعين معه تأييده ورفض الاستئناف».

back to top