بقايا خيال: «الموساد» وجامعة تل أبيب الإسلامية

نشر في 29-11-2024
آخر تحديث 28-11-2024 | 19:23
 يوسف عبدالكريم الزنكوي

معظم الاغتيالات التي ارتكبت وراح ضحيتها شخصيات سياسية وعسكرية وعلمية مرموقة في الدول العربية والإسلامية، لا بد أن لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بجهاز الموساد الإسرائيلي القادر على الوصول إلى أي مكان في العالم، ليس لحماية أمن الكيان الصهيوني فحسب، إنما لإضعاف الدول التي ترى فيها تهديداً لأمن إسرائيل أيضا، ولهذا أشرفت على تأسيس جامعة تل أبيب الإسلامية لتكون ذراعاً استخباراتيا، فتخيل أن مجتمعاً يهودياً صرفاً يحتضن «جامعة تل أبيب الإسلامية»، ويشترط على الطالب الراغب بالالتحاق بها أن يكون يهودياً، ويقوم الموساد باختيار الأساتذة للتدريس فيها بدقة بالغة من الذين تدربوا على يديه، إضافة إلى التدخل في تحديد المواد العلمية التي تدرس بهذه الجامعة ليكونوا على ارتباط وثيق بالموساد.

فمن بين المواد التي تدرس في هذه الجامعة مادة «العلاقات اليهودية– الإسلامية»، وكذلك «الصهيونية وإسرائيل من وجهة نظر إسلامية»، ومواد تتعلق بالإسلام السياسي السني والشيعي، والاهتمام بالمخطوطات العربية القديمة وارتباطها بالأدب اليهودي القديم، والشريعة والعقيدة الإسلامية وتأثيرها على أوروبا، وطبيعة المجتمع الإسلامي من وجهة نظر أدبية وسينمائية، والأصوليون المسلمون بمنظور مقارن، ودراسات لأفكار أهم علماء المسلمين، ومعوقات الترجمة من العبرية إلى العربية والعكس، وغيرها من التخصصات المرتبطة بالعرب والإسلام والمذاهب الإسلامية. وسيجد أي باحث في هذه المواد الدراسية إجابة شافية حول دواعي إنشاء جامعة إسلامية وسط مجتمع يهودي يقر بكراهيته للإسلام والمسلمين، وبالتالي سيكتشف أهداف الموساد الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية من تأسيس جامعة إسلامية في مجتمع يهودي بحت منذ السنوات الأولى لنشأة إسرائيل.

ولهذا لا تستغرب أن جامعة تل أبيب الإسلامية «الاستخباراتية»، التي أسست في سنة 1956، كذراع للموساد، تعمل بشكل احترافي ممنهج وبطريقة علمية دقيقة، على إعداد جواسيس وعملاء ومخبرين في صورة دعاة إسلاميين وشيوخ دين مزورين يدعمهم الموساد للتأثير على عامة المسلمين في مختلف بقاع الأرض، ولنا فيما أطلق عليه «الربيع العربي» أمثلة عديدة لرجال دين لم نكن نعرف عنهم أي شيء قبل هذه الأحداث التي أصدروا خلالها فتاوى غريبة وعجيبة ما أنزل الله بها من سلطان، مثل رضاع الكبار، وجهاد النكاح واستحلال دم المرتدين، وتكفير بعض المذاهب الإسلامية، وغيرها من فتاوى تطابقت مع الأهواء والأهداف الإجرامية للصهيونية.

وإذا كان الموساد الإسرائيلي قد استطاع أن يستغل رؤساء تحرير صحف وصحافيين مرموقين بجمع معلومات دقيقة عن قبائل إفريقية بعيدة عن إسرائيل كقبائل نيجيريا والصومال، على سبيل المثال لا الحصر، والتي يرى الإنسان البسيط أنها لا تشكل خطراً على إسرائيل، بسبب بعدها الجغرافي، ويضعونها ضمن تقارير مفصلة عن هذه القبائل لتقديمها للموساد، فلماذا لا يهتم الكيان الصهيوني بالقبائل العربية والإسلامية التي تحيط بإسرائيل؟ ألم يتوغل عملاء إسرائيل إلى دولة الإمارات العربية المتحدة واغتالوا القيادي الفلسطيني محمود المبحوح، وسخروا ضباطا هنودا للتجسس على دولة قطر، واغتالوا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وانخرط عملاء الموساد في القتال مع قوات تنظيم دولة الخلافة الإسلامية (داعش) في العراق وفي سورية وليبيا وغيرها من بؤر التوتر العربية والإسلامية؟ ولماذا نستبعد قيام إسرائيل بجمع معلومات دقيقة عن أي دولة عربية متاخمة لها؟ وبعد كل هذه الأحداث يصر جهلاء الدين في مجتمعنا المسالم على مشاهدة مقاطع فيديو يظهر فيها شيوخ دين مسلمون مغمورون يسيئون للدين الإسلامي من خلال إطلاق السباب والشتائم على المذاهب السنية أو الشيعية على الرغم من معرفتنا بأن المسلم المؤمن ليس بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء.

back to top