25 عاماً في الذاكرة

نشر في 29-11-2024
آخر تحديث 28-11-2024 | 19:25
 ناصر الجعفري

تُعدّ السنوات الخمس والعشرون الأولى من حياة الإنسان فترة حاسمة ومخلدة في الذاكرة لتحديد مسار الحياة الشخصي الذي تبنى عليه شخصية الفرد وسلوكه، لتكون حصيلة لهذا النمط الحياتي من كل الجوانب.

وتبدأ هذه الرحلة منذ الطفولة، حيث يكون الإنسان مليئًا بالاكتشافات والتجارب الجديدة، وفي هذه المرحلة، تُزرع البذور الأولى للذكريات التي تظل محفورة في الذاكرة، ولا يمكن طيها أو نسيانها، فهي بمنزلة دستور مقدس في هذه المرحلة، والأمثلة كثيرة: فمثلاً أول أيام الدراسة وتكوين الصداقات وتكون هنا بداية لغرس فلسلفة وولادة لتحديد هذه الهوية.

مع الانتقال إلى مرحلة المراهقة، يبدأ الفرد بالبحث عن هويته الخاصة، حيث تتسم هذه الفترة بالتغيرات الجسدية والنفسية الكبيرة، وتكون الذكريات هنا مرتبطة بالتجارب الأولى من النجاحات والإخفاقات، وتُعد هذه التجارب جزءًا لا يتجزأ من عملية النضج والاستدراك، حيث يتعلم الفرد كيفية التعامل مع التحديات وبناء العلاقات، لتكون الرصيد والاستثمار الحقيقي المصاحب لهذه الفترة.

بحلول العشرينيات، يدخل الإنسان مرحلة الشباب المبكر، وهي فترة تتميز بالاستقلالية المتزايدة واتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بالدراسة والعمل وتحديد المصير لتكون الذكريات هنا مرتبطة بالإنجازات المهنية الأولى ليكون النضج في هذه المرحلة نتيجة لتراكم الخبرات والتعلم من الأخطاء.

وما يليها حقبة جني الثمار لهذا التكوين الحياتي، وبعيداً عن الجاه والمال، فالثمار تكون هنا بصورة بشرية ممثلة بابن وأخ وصديق، وتحصد أفعالها بما زرعت له خلال هذه السنين لتصبح دروسا مستفادة تسهم في بناء شخصية ناضجة قادرة على مواجهة تحديات الحياة بثقة ووعي.

وعلى مدار هذه السنوات الخمس والعشرين، يكتمل تشكيل الهوية الشخصية وتوجيه السلوك المستقبلي، فهي ليست مجرد أحداث ماضية بل واقع وتجربة تستحق التأمل.

في النهاية، يُعد النضج المصاحب لي 25 عاما عملية مستمرة تتأثر بتراكم التجارب والذكريات التي تشكل نسيج الحياة الإنسانية وتمنحها معناها وعمقها، لذلك نجد أن حياة الإنسان رحلة غنية بالتجارب والذكريات التي تشكل أساس نضجه وتوجهاته المستقبلية وفترة ملكية مليئة بالاكتشافات والتحديات التي تسهم بشكل كبير في صياغة هوية هذا الفرد ورؤيته للعالم من حوله.

back to top