«الودق» كلمة عربية من النادر أن نسمع من يتلفظ بها، ولكن من يتصفح القرآن الكريم فسيقرأ فيه قول الله تعالى: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَار»، وسيقرأ قوله: «اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ».
فالله هو من فسّر تلك الظاهرة المطرية الغريبة، وهو من بشّر بها وحذّر منها، فهو يزجي السحاب، ثم يؤلف بينه، ثم يجعله ركاماً، فترى الودق يخرج من خلاله وينزله من السماء منهمراً كالجبال فيها من البَرَدْ الكثير فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء، يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار لشدة سطوعه.
«فالودق» مصطلح لظاهرة انهمار الماء من السحب بكميات كبيرة وفي وقت قصير وعلى بقعة صغيرة، وهي ظاهرة جوية نادرة مصحوبة بأمطار غزيرة جداً وبَرَدْ يؤذي الزرع والضرع إن أصابه، ولكنه يغني الأرض وما تحتها.
والعلماء فسّروا ظاهرة «الودق» بأنها تحدث نتيجة تجمع كميات كبيرة من بخار الماء في الغلاف الجوي، واندفاعها نحو الأرض بشكل مفاجئ، بسبب الاختلافات الكبيرة في درجات الحرارة بين الطبقات الجوية العليا، فتعمل على تكون تيارات هوائية قوية تدفع بالسحب المحملة بالماء نحو الأسفل، إضافة إلى تسبب التغيرات السريعة بالضغط الجوي في تكوين مناطق منخفضة الضغط تجذب إليها السحب المحملة بالماء، مما يؤدي إلى هطول أمطار غزيرة ومفاجئة.
ولكن، سبحان الله، فـ «الودق» له فوائد ومضار، ففوائده زيادة منسوب المياه الجوفية بتغذيته للخزانات الجوفية، وتنقيته للهواء من الغبار والجسيمات الدقيقة، وتجديده للتربة عند جرفها، أما أضراره فهي تسببه في الفيضانات المفاجئة، وهي فعلاً تحصل بشكل غير متوقع، وتأتي من أماكن مرتفعة بعيدة لتجرف كل ما أمامها وما تحتها بقوة هائلة، وتتسبب في حدوث انهيارات مفاجئة.
رزقنا الله بمطره، وبغيثه، وعافانا مما سواه.