في عام 1976 حل أمير دولة الكويت سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح ضيفًا عزيزًا على أخية المغفور له الشيخ زايد بن آل نهيان، طيّب الله ثراهما، حاملًا معه فكرة إنشاء تكتل إقليمي يضم دول الخليج العربية بهدف تعزيز التعاون والتكامل في المجالات السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والاجتماعية، والثقافية، والتعليمية، والصحية.

ومع وجود أرضية من المشتركات التي تجمع شعوب دول المجلس، لاقت هذه المبادرة استحسان قادة دول الخليج وقبولهم، كما أن الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية التي تواجه المنطقة في تلك الفترة تحتم الاستعجال في تكوين الاتحاد، حيث كانت المحطة الأولى لمسيرة النجاحات مع قمة أبوظبي في 25 مايو 1981 التي جمعت الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت ودولة قطر وسلطنة عمان ومملكة البحرين.

Ad

سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح، حفظه الله ورعاه، يستضيف إخوانه قادة دول مجلس التعاون الخليجي على أرض الكويت درّة الخليج، حيث تتوجه الأنظار وتنعقد الآمال على جهودهم الخيرة نحو تحقيق إنجازات تعزز استقرار الأمن في المنطقة، ورفع مستوى التكامل الاقتصادي، ومواكبة المستجدات التي تفرضها التغيرات العالمية والإقليمية والمحلية، والتعاون بشتى المجالات التي من شأنها تحقيق الخير لشعوب دول المجلس.

ثقتنا كبيرة بقادتنا في اتخاذ التدابير والقرارات اللازمة من أجل توحيد سياستها الخارجية مع المجتمع الدولي، خصوصا فيما يتعلق باستمرار العدوان الظالم الذي يشنه العدو الصهيوني على قطاع غزة ولبنان الشقيق، واتباعه نهج الإبادة الجماعية، وسعيه الدائم إلى تقويض الأمن في المنطقة، وعدم خضوعه للقرارات الدولية واعترافه بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه، وكذلك مواجهة التقلبات الاقتصادية التي يشهدها العالم، وعدم استقرار أسعار النفط وإلى حاجة دول المجلس في إيجاد وتطوير مصادر دخل بديلة تسهم في استدامة الموارد المالية.

العالم اليوم يشهد تحولاً نوعياً في العلاقات الدولية، حيث أصبح يتحرك ضمن تحالفات وتكتلات سياسية واقتصادية وعسكرية لتحقيق أكبر قدر من المصالح المشتركة بين الدول، ومنها الاتحاد الأوروبي، ومنظمة التجارة الحرة لأميركا الشمالية، والاتحاد الإفريقي، وغيرها من الاتحادات الدولية، ناهيك عن المعاهدات والاتفاقيات الثنائية الأطراف التي تقوم بها جمهورية الصين الشعبية وروسيا.

كما أن العالم اليوم لم يعد يشهد تحولاً نوعياً فقط على مستوى العلاقات الدولية، بل إن هناك تحديات بيئية تواجه كوكب الأرض، وتطورًا تكنولوجيا غير مسبوق لا يمكن مواكبته إلا بفهم واستشراف للمستقبل من خلال توظيف الطاقات البشرية والاستثمار فيها، وخلق بيئة اقتصادية تقوم على الابتكار والمنافسة العالمية.

في المقابل، يظل مجلس التعاون الخليجي من أهم المنظمات تأثيرًا وثباتًا، وذلك يعود إلى حضوره الاقتصادي والسياسي القوي، ولدوره في تحقيق مفاهيم الاستدامة التي انعكست إيجابًا على رفاهية شعوب دول مجلس التعاون الخليجي.

أخيرًا ما يميز قمة الكويت ليس لكونها تنعقد في ظروف استثنائية، ولكن لأن دول المجلس لديها من الثقل السياسي والاقتصادي ما يمكنها من تأدية دور أكبر على الساحة الدولية والإقليمية.

ودمتم سالمين.