رياح وأوتاد: هل ستُنقل أصول «القُصّر» و«الأوقاف»؟
ذكرت الصحف، يوم الأحد الماضي، أن مناقشات متقدمة تُجرى الآن في الحكومة حول إجراءات نقل أصول الهيئة العامة للقصّر والأمانة العامة للأوقاف إلى الهيئة العامة للاستثمار، وأن إدارة هذه الأصول ستُسند إلى مديري محافظ في القطاع الخاص.
وللمشاركة في هذا النقاش، ذكر المسؤولون أن القوانين تنص على أن تُستثمر أموال الوقف والقصّر وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، ولذلك توجد لجان شرعية في هاتين الجهتين تعرض عليها الاستثمارات قبل الشروع فيها، وهذا الشرط غير موجود في هيئة الاستثمار أو المحافظ الخاصة التي تستثمر في جهات كثيرة لا داعي لذكرها الآن.
وإذا كانت هناك ملاحظات من ديوان المحاسبة على أداء الاستثمار في «القُصّر» أو الوقف، فإن هناك ملاحظات كثيرة على أداء هيئة الاستثمار أيضاً، ومنها ما نُشر أخيراً عن مكتب لندن الذي يتبع الهيئة، ومثل هذه الملاحظات موجودة أيضاً في الاستثمارات النفطية، فلماذا لا تنقل استثمارات مؤسسة البترول إلى هيئة الاستثمار؟ علماً بأنها الأقرب في طبيعة استثماراتها، فليس فيها الالتزام بأحكام الشريعة، وتستثمر غالباً خارج البلاد، وسبق أن وقعت في استثمارات خاسرة كثيرة، مثل استثمارها في «أكوابوليمرز»، وفيتنام وحقلي ألما وغاليا والبتروكيماويات في كندا.
وإضافة إلى الطبيعة الخاصة للعمل في «القصّر» و»الوقف»، فإن أموال القصّر يشارك فيها وينضمّ إليها قاصرون جدد بشكل شبه يومي، أي الذين يتوفى والدوهم فإن أموالهم تُنقل لتديرها هيئة القصّر، وعندما يبلغون سن 21، فإنهم يتخارجون منها، وتعاد إليهم أموالهم فوراً، فهل هذا ينطبق على أسلوب إدارة الأموال في هيئة الاستثمار؟ وبالنسبة إلى الوقف، فإن الأموال تُدار ويوزع العائد حسب وصية الموصي بشكل مباشر، لأنها بمنزلة تشريع، فهل ينطبق هذا على العمل في هيئة الاستثمار؟
كما أن استثمارات «القصّر» و»الوقف» تتصف بالمحافظة وعدم الدخول في أي مخاطر، بينما استثمارات الهيئة والنفط قد ثبت فيها وجود هامش معيّن من المخاطر أدى إلى خسائر بمئات الملايين، وأيضاً فإن الإفصاح الدقيق عن استثمارات القصّر والوقف يتم سنوياً في الميزانية، بينما لا يتم ذلك في استثمارات الهيئة، مما أدى إلى اعتراض كثير من النواب في السابق.
وإن كانت هناك أي ملاحظات على إدارة الاستثمار في هيئة القصّر أو أمانة الأوقاف، فإن الإجراء المناسب هو تعيين الأكفاء فيهما وجلب المتخصصين بالحوافز المناسبة، نظراً لما لهاتين الجهتين من خصوصية شرعية، كما أن من المستحسن أن يكون هناك تنسيق بين هذه الجهات الحكومية التي تستثمر الأموال في الداخل، وتنسيق آخر بين الجهات التي تستثمر الأموال في الخارج، حيث تجتمع دورياً عبر لجان تنسيقية تحدد التوجهات العامة وتتبادل المعلومات، حيث لا تنقل الأصول ولا يحصل أي تنافس أو أخطاء أو تضارب بينها.
أرجو أن تنتبه الجهات المسؤولة لهذه الملاحظات، وتحافظ على استقلال وخصوصية القصر والوقف.