في دولة حكم القانون البشر يعيشون بأمان، هذا الأمان يعني الاستقرار النفسي والطمأنينة للناس، لا أحد يخشى أن تنقلب عليه الأحوال بفعل يرجع للقوى السياسية المهيمنة، صاحب السيادة مقيد بقوانين الدولة الدستورية والعادية، وهي الدولة الحضارية المدنية التي تغل من سلطانه وتجعل السلطات الأخرى رسمية كانت، مثل السلطة التشريعية والقضائية، رقيباً عليه، وهو بدوره كسلطة تنفيذية يقوم بالرقابة عليها.

كل سلطة تحد من الأخرى، أو قد تكون سلطة الرقابة غير رسمية، مثل الصحافة الحرة التي لا تعرف التطبيل والتبجيل وليس من همها زركشة صفحاتها بصور «وجهاء المجتمع» - كما يصفون ذواتهم - في أعراسهم ومناسباتهم الاجتماعية التي لا شأن للمواطن العادي بها، أو وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تخلو في كثير من الأحيان من السخافات وطنين الذباب الإلكتروني والبعوض الانتهازي، وكلها في النهاية تقوم بعمل غسيل مخ متواصل وتسطيح للفكر إن كان هناك ثمة فكر وعقول في مجتمعات غارقة في دنيا الاستهلاك.

Ad

مضى علينا زمن ممتد نراقب ما يجري هنا وما يحدث في دول قريبة منا كدول الخليج من تحولات وبرامج هائلة، بينما لم تعد الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي عندنا تخلو من حديث غير قضايا سحب الجناسي أو إلغائها، فئات عريضة من المجتمع تضع أيديها على قلوبها لا تعرف ماذا يجري، لا تعرف هل سيأتي عليها الدور لتكون عند خانة السقوط في هوة ضياع الهوية والوطن، أم أنها في أمان «مؤقت» لا تعرف لحظة نهايته، فهي لا تملك أمرها ولا تملك حق الاعتراض على قدر إنساني فرض عليها.

ماذا يجري لدينا؟ وأين وصلنا في مشروع الكويت 2035؟ ماذا حققت الدولة؟ وما الذي لم تحققه؟ هناك نقاط قليلة خافتة النور، مثل إلغاء شرط الستين عاماً للإقامة، وفتح أبواب صغيرة للإقامة وتشجيع الاستثمار، لكن أين هو المشروع الكبير الذي ينهض بالدولة وينقلها من حالة الجمود الاقتصادي ونمطية هذا الواقع المتحجر إلى حيوية التغيير، إلى خلق أحلام جديدة غير متابعة، ماذا يفعل هذا المسؤول؟ وماذا تصنع بعض مجاميع الخيبات المتعالية التي تحسب نفسها أنها المالكة لمفاتيح الجنة الكويتية؟ تتملق أهل النفوذ وتلتصق كذباب الصيف في وجه الوطن.

أين مشروعكم الكبير غير الجناسي وتصاريح المخيمات وحفلات متواضعة هنا وهناك...؟ إلى أين أنتم ماضون؟!