تتجه الحكومة الحالية إلى إجراء تغييرات إدارية وتنظيمية وقيادية واسعة على مستوى الدولة، وفي هذا الإطار تشمل عملية التغيير في الجهاز الحكومي أغلبية القيادات الإدارية بهدف ضخ دماء جديدة والقضاء على المحسوبية والبيروقراطية، وسوء الإدارة الحكومية، ومكافحة الفساد، وتعزيز النزاهة، ورفع كفاءة وفعالية الإدارة الحكومية، كما تشمل عملية الإصلاح والتغيير إعادة هيكلة بعض الوزارات والمؤسسات والهيئات والإدارات الحكومية.

ومما لاشك فيه أن التغيير والتطوير هو سمة الحياة، لكن عملية الإصلاح والتغيير والتطوير والتجديد، إذا أردنا لها النجاح، يجب أن تكون مبنيةً على أسس علمية وقانونية وفنية وتخضع لمعايير إدارية وتنظيمية على المستويين العلمي والإجرائي.

Ad

ويجب ألا تجرفنا نشوة التغيير والتطوير والتفاؤل عن المبادئ والأسس العلمية لعملية التطوير والتغيير الفاعلة والعادلة، حيث يدعو بعض المتشددين إلى تغيير جميع القيادات الإدارية الحالية واستبدالها بقيادات جديدة بغض النظر عن مدى كفاءة وخبرة هذه القيادات وحاجة الدولة لها.

ولعله من المفيد أن نؤكد أن هذا التوجه يتعارض مع المبادئ والأسس العلمية للتغيير الناجح والفاعل، فالتغيير ليس لمجرد التغيير أو استبدال أشخاص بأشخاص آخرين، أو استبدال نظام إداري بنظام آخر، أو مجرد إدخال أسلوب تكنولوجي حديث، فالتغيير يجب أن يكون شفافًا وذا رؤية وأهداف واضحة وأن يكون مخططاً له ومبنياً على أسس علمية وواقعية، ويضع الاحتياجات والمتطلبات المستقبلية في الحسبان.

فتغيير القيادات الإدارية يجب أن يكون مبنياً على المواصفات والمؤهلات العلمية والخبرات العملية لمن سيتم إحلالهم بدلاً ممن سيتم تغييرهم، وذلك بناءً على ما تكشف عنه الوظيفة الشاغرة، واستناداً إلى الدراسة العلمية المتأنية لعملية التغيير، وليس لمجرد التغيير أو بناء على الضغوط السياسية والضغوط الآنية والترضيات الإجتماعية والفئوية.

ومن البدهي أن يكون الإحلال والتغيير بناءً على مواصفات شغل الوظيفة وما تتطلبه من مؤهلات علمية وخبرات عملية وقدرات ومهارات سلوكية، ومن هذا المنطلق يجب أن نأخذ بالحسبان مبدأ تكافؤ الفرص والعدل والمساواة في إجراءات عملية التغيير ومن سيتم تغييرهم من هذه القيادات الإدارية.

والجدير بالذكر أنه تم في السنوات الأخيرة تشويه عملية التعيين في الوظائف القيادية بسبب أسلوب «التعيينات البراشوتية»! ولا يفوتنا أن نشير إلى أن أسلوب ونمط التغيير يجب ألا يكون قائماً على مبدأ «الخير يخص والشر يعم»!

واستخلاصاً لما سبق يجب أن تأخذ عملية التغيير والإصلاح والتطوير بالحسبان استقرار الإدارة الحكومية والمراكز المالية والقانونية وضمان عدم تفريغ الجهاز الحكومي من بعض القيادات الإدارية الناحجة لمجرد القيام بعملية التغيير، ومن الضروري دراسة نماذج وأساليب التحديث والتطوير للجهاز الحكومي وعملية التغيير دراسة علمية متأنية شاملة ومخططاً لها تأخذ بالحسبان الواقع العملي والإداري والتنظيمي والقانوني، والمحافظة على استقرار واستمرار تقديم الخدمات الحكومية بكفاءة وفعالية، فضلاً عن المحاسبة العادلة وتحديد المتطلبات الحالية والاحتياجات المستقبلية، والمحافظة على أمن واستقرار البلاد لمزيد من التقدم والازدهار، بهدف تحقيق التنمية المستدامة.

ودمتم سالمين.