وعد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بأن يكون داعماً قوياً للعملات المشفّرة في إدارته المقبلة، ويبدو أن هذا الدعم لن يقتصر على الرئيس وحده، بل يمتد إلى كبار المسؤولين في إدارته.

وكشفت تصريحات علنية، إضافة إلى ملفات فدرالية، أن نائب الرئيس المنتخب، جي دي فانس، وعدداً من مرشحي ترامب لمناصب وزارية لديهم ارتباطات بالعملات المشفرة، سواء من خلال امتلاك أصول أو المشاركة في أعمال تجارية مرتبطة بها.

Ad

من بين هؤلاء روبرت كينيدي جونيور، المرشح لمنصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية، وهوارد لوتنيك وزير التجارة، وبيت هيغسيث وزير الدفاع، وتولسي غابارد المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية.

حتى ترامب نفسه أقر في إفصاحات سابقة أنه مستثمر في العملات المشفرة، حيث امتلك ما بين مليون إلى خمسة ملايين دولار من «الإيثيريوم»، ثاني أكبر عملة مشفرة في العالم، وفقاً لإفصاح قدمه للجنة الانتخابات الفدرالية في أغسطس الماضي، بحسب ما نقله موقع «Yahoo Finance» واطلعت عليه «العربية Business».

يدعم دونالد ترامب وأبناؤه مشروع العملات المشفرة «ورلد ليبرتي فاينانشال»، الذي يروجون له عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وفقاً للاتفاق المبرم، تحصل شركة ذات مسؤولية محدودة مملوكة لعائلة ترامب على 22.5% من رموز المشروع الرقمية، إضافة إلى 75% من صافي العائدات بعد تحقيق المشروع إيرادات تفوق 30 مليون دولار.

لن يُطلب من الرئيس ونائبه، وفقاً للقانون، التخلي عن ممتلكاتهم حتى في حال ظهور تضارب مصالح محتمل. ومع ذلك، يلزمهم قانون صدر عام 1977 بتقديم إفصاح سنوي يتضمن تفاصيل عن دخلهم وأصولهم وديونهم.

في أغسطس الماضي، كشف جي دي فانس عن امتلاكه ما بين 250.000 و500.000 دولار من عملة البتكوين، بينما لم يُعرف ما إذا كان لا يزال يحتفظ بهذه الأصول. أما روبرت كينيدي جونيور، فقد أفصح في يونيو 2023 عن امتلاك ما بين 100.001 و250.000 دولار من البتكوين.

من جهة أخرى، أعلن هوارد لوتنيك، المرشح لمنصب وزير التجارة، عزمه التخلي عن حصته في شركة «كانتور فيتزجيرالد»، حيث يشغل منصب الرئيس التنفيذي، وتمتلك الشركة حصة 5% في شركة «تيثر» وتقدم حالياً خدمات الائتمان لها لتدبير السندات الحكومية التي تدعم عملتها المستقرة.

كما رشح ترامب، بيت هيغسيث، لمنصب وزير الدفاع، هو مرشح آخر أقر بامتلاكه عملة البتكوين.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت تولسي غابارد، المرشحة لقيادة أجهزة الاستخبارات الأميركية، سيكون لها دور في سياسات العملات المشفرة.

وكانت قد كشفت غابارد، التي كانت عضواً في الكونغرس عن الدائرة الثانية في ولاية هاواي، في ديسمبر 2017، عن امتلاكها ما بين 1.000 و15.000 دولار من عملتي الإيثر واللايتكوين.

لذا، يبدو أن اختيارات ترامب تشير إلى اتباعه نهج يستهدف تعزيز التفاعل مع قطاع العملات المشفرة، مع امتلاك عدد من المرشحين أصولاً من العملات المشفرة ومواقف داعمة لهذا المجال.

وقد تفتح هذه الاختيارات الباب أمام سياسات جديدة تدعم الابتكار في عالم الأصول المشفرة، لكنها أيضاً تثير تساؤلات حول تعارض المصالح وإمكانية تأثير ذلك على قراراتهم السياسية.

ومع توليهم مناصبهم، ستتجه الأنظار إلى مدى التزامهم بتحقيق التوازن بين المصالح الشخصية والسياسات العامة، خاصة في قطاع يشهد نمواً متسارعاً ويتطلب رقابة تنظيمية دقيقة.

من جانبه، توقع فاريار شيرزاد كبير مسؤولي السياسات في شركة «كوين بيس» لتداول العملات الرقمية، أن تشهد الولايات المتحدة تسارعاً في تنظيم صناعة العملات المشفرة بمجرد تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه.

وقال شيرزاد، إن الكونغرس الأميركي «الأكثر دعماً للعملات المشفرة في التاريخ» مع وجود رئيس «مؤيد بشكل كبير للتشفير»، سيتيح تمرير التشريعات ذات الصلة بسهولة وسرعة.

يرى شيرزاد، أن التناغم السياسي الجديد في ظل سيطرة الجمهوريين على البيت الأبيض والكونغرس بمجلسيه، قد يمهد الطريق لتشريعات رئيسية، بحسب ما نشره موقع «CNBC» واطلعت عليه «العربية Business».

ومن المتوقع أن يتم إقرار عدد من التشريعات المهمة، منها «قانون الابتكار المالي والتكنولوجيا للقرن الحادي والعشرين» وقانون Clarity for Payment Stablecoins.

ترامب والتشفير

أثار فوز ترامب تفاؤل مجتمع العملات المشفرة، خصوصاً مع إعلان رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC)، غاري غينسلر، تنحيه مع بداية فترة رئاسة ترامب.

وكان غينسلر معروفاً باتخاذه مواقف صارمة تجاه التشفير، ما جعل تنحيه موضع ترحيب بين الداعمين لهذه الصناعة.

وأشار شيرزاد إلى أن اختيار ترامب لرئيس جديد للجنة الأوراق المالية سيكون عاملاً محورياً، متوقعاً أن يكون هذا التعيين انعكاساً لرؤية ترامب الداعمة للتكنولوجيا المالية والابتكار.

وتشير البيانات إلى أن حوالي 300 مشرع داعم للعملات المشفرة سيشغلون مقاعدهم في الكونغرس، ما يعزز فرص تمرير التشريعات المرتقبة.

وكانت عملة البتكوين، أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة، قد شهدت ارتفاعاً قياسياً عقب فوز ترامب، لتلامس 100 الف دولار، قبل أن تتراجع قليلاً بسبب موجة من البيع لجني الأرباح.

وانخفضت أغلب العملات المشفرة خلال تعاملات أمس، بينما ارتفعت الريبل لتصبح ثالث أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية بعد البتكوين والإيثريوم، متجاوزة العملة المستقرة «تيثر» USDT.

وتراجعت البتكوين بنسبة 0.98% إلى 96190 دولاراً، كما انخفضت الإيثريوم 0.63% عند 3666.66 دولاراً، وانخفضت «دوغ كوين» 3.47% إلى 43.34 سنتاً.

وقفزت الريبل 9.68% إلى 2.3855 دولار، لتقترب أكثر من أعلى مستوياتها على الإطلاق البالغ 3.3 دولارات المسجل العام 2018، وتتجاوز قيمتها السوقية الحالية 136.4 مليار دولار، وفقاً لبيانات «كوين ماركت كاب».

لكن لا تزال البتكوين تحافظ على هيمنتها على السوق بقيمة 1.9 تريليون دولار، بعدها الإيثريوم 444.4 مليار دولار.

ولا يتعلق تفاؤل السوق بشأن الريبل بارتفاعها الأخير فقط ولكن أيضاً بإمكاناتها كأصل رقمي مفضل في التحويلات والمعاملات عبر الحدود، ما جذب اهتمام المؤسسات المالية حول العالم بها.

إلى جانب تفاؤل سوق العملات المشفرة بشكل عام بفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية مما دفع البتكوين قرب مستوى 100 ألف دولار لكنها ارتدت بعد ذلك ولم تتمكن من تجاوزه.

فضلاً عن تقارير تفيد بأن إدارة الخدمات المالية في نيويورك على استعداد للموافقة على عملة «ريبل مستقرة» باسم RLUSD.