غداة تحذير فرنسي من احتمال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان، الذي تم التوصل اليه في 27 من الشهر الماضي، وبعد صمت استمر أياماً، شدد رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، أمس، على أن كل ما تقوم به إسرائيل من أعمال عدائية تتمثل بالغارات والطلعات الجوية والقصف المدفعي والتوغل البري في القرى الحدودية، «تمثل خرقاً فاضحاً لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن لبنان التزامه به».
وأكد بري في بيان أن «كل ما يروج له في وسائل الإعلام بأن ما تقوم به إسرائيل منذ بدء سريان وقف إطلاق النار كأنه ضمن بنود الاتفاق، خرق واضح للاتفاق»، في إشارة إلى تذرع إسرائيل ببند في الاتفاق ينص على أنه «سيكون الجيش اللبناني الجهة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح في جنوب لبنان، مع تفكيك البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها»، لشن ضربات ضد تحركات يقول إنها لحزب الله بذريعة أن الجيش اللبناني لم يبدأ تنفيذ التزاماته ولجنة المراقبة لم تبدأ عملها.
وتساءل بري «أين هي اللجنة الفنية التي ألفت لمراقبة تنفيذ هذا الاتفاق من هذه الخروق والانتهاكات المتواصلة والتي تجاوزت 54 خرقاً، فيما لبنان والمقاومة ملتزمان بشكل تام بما تعهدا به؟». وطالب بري هذه اللجنة إلى «مباشرة مهامها بشكل عاجل وإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها وانسحابها من الأراضي التي تحتلها قبل أي شيء آخر».
وانضمت الولايات المتحدة ممثلة بالمبعوث الأميركي، آموس هوكشتاين، الرئيس المدني المشارك إلى جانب الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز للجنة الدولية الخماسية المكلفة مراقبة الاتفاق، إلى فرنسا في التنديد بالخروقات الإسرائيلية.
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أمس، إن هوكشتاين حذر في رسالة إلى إسرائيل من استمرار انتهاكها للاتفاق.
ورفضت إسرائيل، أمس، الاتهامات الفرنسية لها بخرق الاتفاق. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر: «تحدثت مع وزير خارجية فرنسا، جان نويل بارو، حول تفاهمات (اتفاق) وقف إطلاق النار في لبنان».
وأضاف: «أكدت أن إسرائيل لا تنتهك تفاهمات وقف إطلاق النار بل تطبقها رداً على انتهاكات حزب الله، وأن وجود عناصر الحزب جنوب الليطاني يشكل انتهاكا أساسيا للاتفاق، ويجب عليهم التحرك شمالاً».
وأشار ساعر إلى أن «إسرائيل ملتزمة بالتنفيذ الناجح لتفاهمات وقف إطلاق النار، ولن تعود إلى واقع 6 أكتوبر 2023»، أي الوضع الذي كان ما قبل هجوم «حماس» على المستوطنات والقواعد العسكرية المحاذية لقطاع عزة.
بدوره، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري: «ملتزمون باتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان ومهلة الـ 60 يوماً هي مرحلة تدريجية للتأكد من زوال تهديد حزب الله، وبالتالي من مصلحة الحكومة اللبنانية عدم السماح بأي تهديد لأمن إسرائيل».
وحتى أمس الأول، ارتكب الجيش الإسرائيلي 73 خرقاً أسفرت عن قتيلين و6 جرحى، وفق إحصاء وكالة الأناضول التركية بناء على بيانات لبنانية. وتنوعت الخروقات الإسرائيلية بين تفجيرات لنسف منازل وقصف بالمدفعية والطيران الحربي والمسير، وتحليق للطيران المسير، وإطلاق نار من أسلحة رشاشة، وتوغلات، وتجريف طرقات، وإضرام نار في سيارات وسحقها.
ومن المرجح أن تباشر لجنة المراقبة، التي تضم الولايات المتحدة، وفرنسا، ولبنان، وإسرائيل، والأمم المتحدة ممثلة بقوات اليونفيل، عملها قريباً، باجتماع أول يعقد في مقر قوات اليونيفيل في الناقورة، دون انتظار فرنسا تعيين ضابط لتمثيلها، حيث ستتمثل بأحد الملحقين العسكريين في سفارتها لدى بيروت. ويصل إلى بيروت وزير الدفاع الفرنسي، سيباستيان ليكورنو، للبحث بتطبيق قرار وقف النار وغيره من القرارات التي تتعلّق بعمل لجنة المراقبة الخماسية.
ميدانياً، استهدفت مسيّرة إسرائيلية، صباح أمس، جرافة عسكرية في منطقة حوش السيد علي في الهرمل، ووفقا لبيان صادر عن قيادة الجيش فقد أصيب أحد العسكريين بجروح متوسطة.
وكان الجيش قد عثر على جثمان أحد ضباطه في منطقة الناقورة جنوب لبنان داخل سيارته بعد مقتله نتيجة استهدافه من قبل الجيش الإسرائيلي، حيث كان قد فُقِد الاتصال به منذ أسبوع.
واستهدفت مسيّرة إسرائيلية دراجة نارية قرب محطة الكهرباء في أطراف جديدة مرجعيون، مما أسفر عن مقتل عنصر في أمن الدولة.
وشن الطيران المسيّر الإسرائيلي غارة جوية على بلدة عيناتا استهدفت جرافة كانت ترفع الركام من حي سكني مدمر، كما عمدت جرافات إسرائيلية على هدم منازل في بلدة كفركلا الحدودية، وأطلقت نيران رشاشة على منازل سكنية في الناقورة.
في غضون ذلك، أثارت دعوة مستشار الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، للشؤون العربية والشرق أوسطية اللبناني الاميركي مسعد بولس إلى الانتظار شهرين أو 3 أشهر لانتخاب رئيس جديد تساؤلات إذا كانت الجلسة النيابية التي دعا اليها بري لانتخاب رئيس في 9 يناير المقبل لا يمكن أن تنتج رئيساً.
وقال بولس في حديث لقناة تلفزيونية لبنانية، مساء أمس الأول «موضوع الرئاسة في لبنان شائك ومهم ويجب العمل عليه بدقة من دون تسرّع، ومن صبر سنتين يمكنه أن يصبر شهرين أم ثلاثة بعد».
في المقابل، نقل موقع القوات اللبنانية الإلكتروني عن مصادر سياسية مطلعة أن هناك عدم جدية لدى «فريق الممانعة» في لوائح المرشحين إلى الرئاسة، وأنه «لن يكون هناك رئيس جمهورية إلا بنفس ونهج سيادي إصلاحي واضح».