بعد يومين من نشر «حماس» مقطع فيديو لأسير أميركي - إسرائيلي في غزة، حذّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، ليل الاثنين ـ الثلاثاء، من أنه إذا لم يتم إطلاق سراح المختطفين الإسرائيليين في القطاع حتى وقت تنصيبه، فإنه ستكون هناك «عواقب من الجحيم في الشرق الأوسط».
وقال ترامب في تدوينة على موقع التواصل «تروث»، إن «الجميع يتحدث عن الرهائن المحتجزين بطريقة عنيفة وغير إنسانية وضد إرادة العالم أجمع، في الشرق الأوسط، لكن الأمر كله كلام وليس أفعالاً. يُرجى الاستماع إلى هذه الحقيقة، إن لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل 20 يناير 2025، وهو التاريخ الذي أتولى فيه بفخر منصبي كرئيس للولايات المتحدة، فسوف يكون هناك ثمن باهظ في الشرق الأوسط، وسوف يدفعه المسؤولون الذين ارتكبوا هذه الفظائع ضد الإنسانية». وأضاف: «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن، فإن المسؤولين عن ارتكاب هذه الفظائع ضد الإنسانية سيتعرضون لضربة أقوى من أي شخص آخر في التاريخ الطويل والمجيد للولايات المتحدة الأميركية... أطلقوا سراحهم الآن».
وجاء تهديد ترامب بعد أن ذكرت زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي سارة أنها أثارت محنة الرهائن خلال عشائها، ليل الأحد ـ الاثنين، مع الرئيس الأميركي المنتخب في منتجع الغولف الخاص به في فلوريدا. وفيما يرى البعض أن هذه التهديدات قد تُسرّع المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس، يحذر آخرون من أن التصعيد الكلامي قد يؤدي إلى نتائج عكسية، ويُفاقم الأزمة القائمة.
وتمنى رئيس معهد السياسة العالمية في واشنطن، باولو فان شيراك لترامب «حظاً سعيداً» في مسعاه، لكنه استبعد إطلاق سراح الرهائن قبل التوصل إلى صفقة مع «حماس» ووقف إطلاق النار، واصفاً طريقة الرئيس المنتخب بأنها «غريبة جداً لإدارة الدبلوماسية».
وقال إن «ترامب لديه سمعة بأنه شخص لا يمكن التنبؤ بتصرفاته ويمكنه القيام بأشياء غريبة، لكن ليس لدي أي فكرة عما يمكن أن يفعله ولم يفعله الإسرائيليون حتى الآن. إذا لم تفرج حماس عن الرهائن، فهل سيرسل مثلا قاذفات بي-52 ويدمر غزة أكثر مما دمرها الإسرائيليون حتى الآن ويقتل بضعة آلاف أخرى من المدنيين. نحن نعلم أن عناصر حماس ليسوا في الساحة العامة، ولا يمكن التعرف عليهم لأنهم يختبئون بين المدنيين».
لكن شيراك يؤكد في الوقت ذاته أن تهديد ترامب قد يدفع نحو تسريع وتيرة المفاوضات بين «حماس» والإسرائيليين.
ويقول مدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون، ريتشارد وايتز، إن «الولايات المتحدة لديها بالفعل طائرات بدون طيار في المنطقة تحاول العثور على الرهائن الأميركيين الذين لم يتبق سوى عدد قليل منهم، ولا أحد يعرف مكانهم، ومن غير المؤكد ما إذا كانوا على قيد الحياة أم لا».
وعما قد يفعله ترامب، قال وايتز: «أنا لست متأكداً تماماً مما قد يفعله. نحن نعلم أنه أطلق سلسلة من هذه التهديدات ضد كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي والصين وروسيا، بدون أي مزيد من التفاصيل، لكنني أعتقد أنه لا يخطط لفعل أي شيء. إنه يأمل أن يتمكن من تخويف حماس، وربما قطر ومصر وبعض الوسطاء الآخرين، ليسرعوا في العمل على إطلاق سراحهم»، مبيناً أن فريق ترامب يعتبر أن انتخابه هو ما جلب اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان.
وفيما تواصل إدارة الرئيس جو بايدن المنتهية ولايتها العمل على تأمين صفقة لتحرير المحتجزين بمساعدة مصر وقطر وتركيا، أكد مسؤولان في «حماس» و«فتح» أن الحركتين اتفقتا خلال محادثات اختتمت اليوم في القاهرة على تشكيل لجنة لإدارة غزة بعد انتهاء الحرب المتواصلة منذ أكثر من 13 شهراً في القطاع بين «حماس» والجيش الإسرائيلي.
ورغم مغادرة الجانبين القاهرة من دون توقيع الاتفاق، قال مسؤول في «حماس»: «بعد حوار بنّاء عُقد بالقاهرة في اليومين الماضيين برعاية الأشقاء في مصر، وافقت «حماس» و»فتح» على مسودة اتفاق لتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي» لتولي إدارة القطاع بالتنسيق مع حكومة السلطة الفلسطينية المتمركزة في الضفة الغربية المحتلة. وأكد مسؤول في «فتح» أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس «سيصدر مرسوماً رئاسياً بتعيين هذه اللجنة بعد اعتماده مسودة الاتفاق».
وأوضح مصدر فلسطيني قريب من مباحثات القاهرة أن صيغة مسودة الاتفاق جاءت «بناء على اقتراح مصري، وتشكّل خطوة أوّلية ضرورية للتمهيد لاتفاق وقف إطلاق النار».
ووفق مسودة الاتفاق، تتولى اللجنة «إدارة شؤون غزة وتكون مرجعيتها الحكومة الفلسطينية، وتكون مسؤولة عن كل المجالات، الصحية والاقتصادية والتعليمية والزراعية والخدمية، وأعمال الإغاثة ومعالجة آثار الحرب والإعمار».
وورد في المسودة أن اللجنة تتشكّل من 10 إلى 15 عضواً «من الشخصيات الوطنية ذات الكفاءات والمشهود لها بالنزاهة والخبرة والشفافية».
وأشارت إلى أن عمل اللجنة يبدأ «عقب عقد اجتماع لكل الفصائل الفلسطينية للاتفاق النهائي على تشكيلها في القاهرة بدعوة من رئيس دولة فلسطين».
وتتولى اللجنة «العمل في منافذ القطاع مع الجانب الإسرائيلي وإعادة تشغيل منفذ رفح بين غزة ومصر»، وفقا لاتفاق عام 2005 الذي أبرم بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وينصّ على تشغيل معبر رفح، وتواجد مراقبيين أوروبيين في الجانب الفلسطيني من المعبر. إلى ذلك، اعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية النداء الذي أطلقته باريس ولندن وبرلين، أمس، ويدعو إلى إتاحة دخول المساعدات الإنسانية «بلا عوائق» إلى غزة في مواجهة «الوضع الكارثي» في القطاع، «مخيباً للآمال».
ميدانياً، أفادت مصادر بسقوط 15 قتيلاً بغارات إسرائيلية على مناطق عدة في غزة اليوم، بينما قتل فلسطينيان وأصيب ثالث، جراء قصف طائرة مسيّرة إسرائيلية سيارة غرب طوباس، قبل أن تقتحم قوات الاحتلال المستشفى المركزي بالمدينة الواقعة في الضفة الغربية، وتعتقل عددا من المرضى والكوادر الطبية في عملية نددت بها السلطة الفلسطينية.