• بالحديث عن تجربتك الأدبية، وعلاقتك بالكتب، كيف تشكل وجدانك الثقافي؟
- بدأت علاقتي بالكتب من مرحلة مبكرة وأنا في المرحلة الابتدائية، فقد كنت مرافقا لوالدي يرحمه الله في كل تحركاته، وانصت لما يحكي من قصص على لسان كبار السن، وحينما أعود أكتبها بورقة عندي، وأحد أصدقاء والدي لاحظ شغفي فأهدى لي مجموعة من الكتب الدينية والعامة، أبرزها رياض الصالحين، وحفظته وأنا في الصف الخامس الابتدائي، ثم ازداد تعلقي وشغفي بالكتب والقراءة، حتى كنت أوفر مصروفي لاقتناء الصحف، وما أمكن من الكتب.
وفي المرحلة المتوسطة صرت عميلا للمكتبة، أتردد عليها يوميا، فألفني صاحبها، ودعمني باحتوائه لي، وشد من أزري، وهو مكتبة رياض، وصاحبها ذلك الرجل الخلوق له دور كبير في منحي الاستزادة من الثقافة، حيث كان يعيرني الكتب والمجلات ويطلب منّي المحافظة عليها، قرأت الكثير للرافعي والمنفلوطي وأجاثا كرستي، وفكتور هوغو، لتشكل لي رصيدا وزادا كان معينا لي في كل خطواتي.
فراشات ترقص
• مجموعاتك الشعرية تنطوي على قصائد مفخخة بصور الطبيعة الساحرة وعبقها الآسر... ما محفزّاتك نحو ذلك؟ - للطبيعة سحرها الآسر، والذي يحملك للتحليق بعيدا فتنساب ينابيع الحرف وتنهمر شلالات الكلم لتعانق دفء الأرواح، ولترسم نبضا يحرك ركود المشاعر، كثيرة هي المحفزات، قد يكون صمت اللحظات وقد يكون توهج الساعات، وقد يكون ضياء يسرقك من المسارات، وقد تكون وردة تعاني الذبول، أو دمعة تجرح خد الوقت، أو ابتسامة تشع لتشعل جنونا في المدى، وقد تكون مراكب أمل نجوب بها مدن الصفاء، وقد تكون معاناة قلب أوجعته الأيام، وعانى تحطم الأحلام، وقد تكون إشراقة فجر تمنحك أجمل معاني الانطلاق.
• في «ساعة إلا دقيقة» نصوص المجموعة بُنيت على رصد الحالة الإنسانية بأبعادها المتعددة «بين طغيان اليأس، وقناديل الأمل»، ماذا تقول؟
- من الألم حتما سوف تشع شمس الأمل، ومن محيطات الظلام لا بد أن يشع نورا يضيء كل المساحات، ومن الذبول والتلاشي تنطلق رحلة العطاء والاخضرار، فعلينا أن نتجاوز كل الانكسارات ولا نستسلم لكل يأس يود أن يطوي أجمل صفحات السعادة، فلا ليل يبقى ليغرق في طيات النسيان، ولا تعب يستبد بالثواني بشكل دائما، من تلك الحالات نستمد الأمل وقوة العزيمة والإيمان العميق، والرضا بكل ما يكتب لك، وفي الأخير يجب ألا ندع اليأس يجرفنا إلى دياجير العتمة وصحارى الانحسار، ولنتيقن بأن الأمل هو ما يمنحنا تلك الطاقة الإيجابية لنواصل الإبحار.
قضايا
• برأيك إلى أي حد تستطيع القصة القصيرة جداً الاستجابة للظروف الاجتماعية والقضايا السياسية والثقافية المعقدة التي تربك الإنسان المعاصر وتقلقه؟
- للحرف والكلمة وقعها الكبير في النفس أيا كان نوعها وتأثيرها العميق، وما يطرح من قصص حتما يكون من نبض الناس، فكلما اقتربت من الناس تجد الكثير مما يشعل، وتتحدث عن واقعهم المعيش بكل تفاصيله، حتما تعبر عن قلقهم وهواجسهم المضنية، وأفكارهم، وكل ما يعانونه، تستطيع إلى حد كبير تشكيل كل ما يمور في النفس وترصده بدقة.
• حراك ثقافي كبير تشهده المملكة العربية السعودية، كيف تصف لنا المشهد الثقافي السعودي اليوم؟
- المشهد الثقافي السعودي في توهج وازدهار كبير لا يوصف، فلا تخلو مدينة من وجود حراك ثقافي، فكثير من المبدعين السعوديين حصدوا جوائز مثل البوكر، وحصل عليها عبده خال في رواية «ترمي بشرر»، ورجاء عالم برواية «طوق الحمام»، ومحمد حسن علوان رواية «موت صغير»، ومثل «أمير الشعراء» التي فاز بها 3 من شعراء المملكة ثلاث مرات متوالية، وهم «حيدر العبدالله، اياد حكمي، سلطان الضيط».
وهناك دعم كبير من وزارة الثقافة لكل الأنشطة الثقافية، من خلال الأندية الأدبية معارض الكتب، المسابقات الثقافية الكبيرة، الشريك الأدبي والمقاهي والصالونات الخاصة، وجميعة الثقافة والفنون، لذلك نجد حراكا ثريا جدا في كل المجالات الثقافية والأدبية والتراثية وغيرها.
• العناوين الجاذبة تعد عتبات النص الأدبي التي تستقبل المتلقي وتثير دهشته وإعجابه قبل الولوج للعمق... كمبدع تهتم بهذا المفتاح كيف تختار عناوينك عادةً؟
- حسب النص وما يمثله واختار العناوين بعناية فائقة، وأود ألا تكون مكررة، وأن تكون لها بصمة مختلفة تشد القارئ ليبحر معها ويخوض غمارها، حتما أهتم بها اهتماما كبيرا، فأنا أجد فيها متعة لا تضاهى.
• الشعر السعودي المعاصر اهتم كثيراً بالتراث الشعبي، لكن إلى أي حد نجح الشاعر السعودي في استلهام التراث وتأصيل خيوطه في نسيج القصيدة وفقاً للواقع المعيش؟
- الشعراء السعوديون خاضوا في كل الاتجاهات، خاصة أن الاستلهام من التراث يزيد عمق التجربة، فنحن نعرف أن المملكة زاخرة بالشعر والشعراء منذ القدم، والارتباط بالتراث يشكل نقطة انطلاق، لأن الجذور والعراقة هي النابع الصافي الذي يغرف منه ليشكل قصائد تبقى خالدة، ونجح الكثير منهم إلى حد كبير في الحديث عن كل لحظة لها أثرها.
• العالم الافتراضي خلق طبقة من «الشعراء الافتراضيين» الذين ينتجون نصوصاً ضعيفة ليست من الإبداع في شيء... برأيك هل عجز الشعراء الحقيقيون عن الانتماء للزمن الراهن وترك الساحة فارغة لأشباه المبدعين؟
- مهما اعترى الشعراء من ذبول يبقى الإبداع الحقيقي خالدا لا يضيره أي شيء، وسوف يصمد في وجه عواصف السوشيال ميديا مهما كانت عاتية، والنص الضعيف لن يبقى ويُنسى سريعا، لأن تأثيره لحظي، بينما الإبداع الحقيقي يتناقله الناس مثلما تناقلت القصائد المميزة، والتي تجاوزت لتبقى هي الورود الزاهية والتي لها أريجها الساحر.
ورغم كل ذلك بعض المبدعين الحقيقيين لم يستطيعوا مواكبة هذه المرحلة، التي تحتاج من المبدع أن يبرز ويظهر ما شكلته أنامله ويتواجد ويتفاعل، وإلا سوف يطويه النسيان ويندثر في متاهات الغياب والتي يذبل معها كل شوق.
• ثمة اتجاه نحو السرد في الشعر العربي، وفي المقابل هناك ميل واضح لدى الكثير من الروائيين العرب نحو الكتابة الشعرية، ما رأيك؟
- القادر على الإبحار في كل المجالات الأدبية ولديه الثقة الكبيرة فيما يكتب ويكون بقوة الجانب الذي اشتهر به لما لا يجرب فإذا أجاد فبها ونعم، وإن لم يجد فله شرف المحاولة، والمبدع قادر على الإبحار إلى تلك السواحل الآسرة التي تمنحه بريقا مختلفا يرسم تفاصليه بدقة ليعبر كل جسور الصمت ويقوي الروابط بين كل الجوانب الإبداعية.
قراءة نقدية
• هل تشعر بأن القراءات النقدية أنصفت تجربتك؟
- سررت وسعدت بكل من طوقني بشرف قراءة نقدية لتكون لي تاجا أزهو به وإكليلا يغمرني بشلالات الفرح، وأنا من هذا المنبر أقدم وافر شكري وامتناني لكل من دعم حرفي، ووجد فيه ما يشده ليتوجه بقراءة تعني لي الكثير، بل هي وسام اعتزاز وفخر، الإنسان بطبعه يبحث عن المزيد، لأن تلك القراءات دوافع تحركه لينسج إبداعا يغرم به المتلقي والناقد، كثير من القراءات تيجان ألق تمدني بكل ألوان الربيع.
• ما الجديد الذي ينتظره قراء ومتابعو الشاعر سيف المرواني؟
- جديدي مجموعة نثرية بعنوان «ترانيم على جسر الود»، وبإذن الله هناك فكرة لعمل جزء ثان من المجموعة القصصية «ساعة إلا دقيقة»، ومشروع رواية «ما زال في مراحله الأولى».
عناوين أعمالي تحمل بصمة مختلفة تشد القارئ ليبحر معها
المشهد الثقافي السعودي في توهج وازدهار كبير
جديدي مجموعة نثرية بعنوان «ترانيم على جسر الود» وجزء ثان من «ساعة إلا دقيقة»