بعد 3 أشهر من وصوله إلى «ماتينيون»، عقب انتخابات تشريعية مبكرة، يواجه اليميني الوسطي ميشيل بارنييه وحكومته الائتلافية الهشة، تصويتاً على حجب الثقة بالجمعية الوطنية في الساعات القليلة المقبلة، قد يطيح بها لتصبح أول حكومة يتم إسقاطها بحجب الثقة في البرلمان منذ عام 1962.

ويعارض سياسيون من اليسار واليمين المتطرف ميزانية بارنييه التي تسعى إلى كبح العجز العام المتزايد في فرنسا، من خلال توفير 60 مليار يورو (62.9 مليار دولار) عن طريق زيادة الضرائب وخفض الإنفاق، لكن بارنييه لجأ الى البند 49.3 في الدستور الذي يسمح له بتمرير الميزانية من دون تصويت الجمعية العامة.

Ad

وإذا تم التصويت بحجب الثقة بالفعل فسيتعين على بارنييه تقديم استقالته، لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد يطلب منه البقاء في المنصب لتصريف الأعمال، بينما يبحث عن رئيس وزراء جديد، وهو ما يمكن أن يحدث العام المقبل فقط.

وقالت وسائل إعلام فرنسية إن ماكرون بدأ بالفعل البحث عن بديل لبارنييه، لكن البلاد ستبقى في أزمة بسبب العجز عن وضع ميزانية قبل نهاية العام، رغم ان النظام الفرنسي يتيح في حالات الضرورة تفعيل ميزانية العام الماضي كما هي للاستمرار في دفع الرواتب وتمويل عمل الإدارات.

ويتمتع اليسار واليمين المتطرف معا بأصوات كافية لإطاحة بارنييه، وأكدت زعيمة التجمع الوطني اليمني المتطرف مارين لوبن، أمس الأول، أن حزبها سيصوّت لمصلحة مشروع قانون حجب الثقة الذي طرحه التحالف اليساري ولصالح مشروع قانون من حزبها، وقالت: «الفرنسيون سئموا».

واعتمدت حكومة الأقلية في بارنييه على دعم «التجمع الوطني» لبقائها. ويلقي كل من مؤيدي بارنييه ومعسكر لوبن باللوم على الآخر، وقالا إنهما بذلا كل ما في وسعهما للتوصل إلى اتفاق وكانا منفتحين على الحوار.

وقال وزير المالية الفرنسي أنطوان أرمان، أمس، إن فرنسا تمر بنقطة مفصلية بسبب حالة الغموض بشأن الموازنة ومستقبل الحكومة، مضيفا أن على السياسيين مسؤولية «عدم إغراق البلاد في حالة من الضبابية».

وأمس الأول حذر رئيس الوزراء السابق أتال، في تدوينة على موقع إكس، المعارضة من عواقب إسقاط الحكومة، معتبرا أن فرنسا بحاجة إلى الاستقرار.

من جانبه، حذر وزير القوات المسلحة، سيباستيان ليكورنو، من «عواقب» إسقاط الحكومة على الجيوش، مشيرا إلى أنه «بالنسبة لجنودنا، فإن هذا يعني استحالة زيادة رواتبهم ووقف تجنيد 700 جندي إضافي»، لكن المعارضة انتقدت هذا الخطاب بشدة، حيث استنكرت النائبة لور لافاليت «الابتزاز الذي يتعرض له الفرنسيون من قبل أتال وشريكه بارنييه»، محملة «تحالف القوى الليبرالية مسؤولية هذه الفوضى السياسية».

ومع استحالة إجراء انتخابات برلمانية مبكرة جديدة قبل يوليو، سيواجه ماكرون مزيدا من الضغوط السياسية، لكنه يعتمد على قوة المؤسسات الفرنسية، التي يمكنها التعامل مع أي أزمة سياسية، لإنهاء ولايته الرئاسية الثانية.

وكان ماكرون رفض نتائج الانتخابات النيابية المبكرة التي دعا اليها بعد خسارة مذلة لحزبه في الانتخابات الأوروبية، وعيّن بارنييه اليميني الوسطي بتحالف تحت الطاولة مع لوبن، بدلا من تسليم الحكومة للائتلاف اليساري الواسع الذي كان الفائز بأكبر كتلة نيابية.

ومن شأن انهيار الحكومة أن يتسبب في فجوة بقلب أوروبا، مع كون ألمانيا أيضا في وضع انتخابي قبل أسابيع من عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.