كتب وائل السواح: «لابد من إيصال سورية إلى بر الأمان وحمايتها من المشاريع التقسيمية والانفصالية، نريد عودة سورية دولة مستقلة ذات سيادة غير منقوصة على كامل أراضيها، دولة ذات نظام حكم قائم على أسس الديموقراطية والعدالة والحرية وسيادة القانون...» - موقع درج. من لا يتمنى لسورية مثل تمنيات الأستاذ وائل السواح؟ إلا أنه من الطبيعي أنه ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، وجرت رياح الاستبداد والتدخلات الأجنبية في قلب موطن القومية العربية بما لا تشتهي سفن الأحلام.

إذا كان هناك من يهلل فرحاً اليوم باكتساح جبهة تحرير الشام والنصرة لحلب، وتقدم قواتهما لحماة، فهل سيعني ذلك أن حلب اليوم وغداً دمشق ستكونان أرض الأحلام للديموقراطية والحريات وحقوق الإنسان، تحت إمرة تلك القوات المدعومة من الخارج، الأقرب للواقع أننا سنجد «قندهار» أخرى في قلب الوطن العربي، طغياناً واستبداداً وقمعاً للطوائف والأقليات العرقية والدينية الأخرى دون حدود.

Ad

سورية فيها أعداد كبيرة من المسيحيين والأكراد والعلويين وطوائف وأقليات أخرى، ماذا سيكون مصيرهم؟! «هلوكوست» جديد لا يختلف عما شاهدناه أيام اكتساح «داعش» أراضي في سورية والعراق، ومثلما رأينا في مشهد قبل أيام عن قيام قوات تحرير الشام بأسر جندية من القوات السورية، يهددها الضابط الثائر ويطلب منها أن ترفع رأسها حتى يراها الجميع، وحين ينكشف شعرها، يأمر هذا الضابط جنوده «غطوا شعرها»، ثم من جديد «ارفعي راسك كي يرى الناس وجهك»! ربما، رفعت رأسها بعد ذلك للسياف.

نحلم بالحرية وحقوق الإنسان والديموقراطية مسألة، بينما الواقع والتاريخ يخبراننا أن نكف عن هذه الأحلام، فأين في العالم العربي - لا داعي لاستعمال كلمة الوطن العربي - يوجد بلد واحد تزدهر فيه هذه الحريات والديموقراطيات؟ كل أقطار الربيع العربي دون استثناء عادت لما قبل الربيع، وبأسوأ مما كانت... أما تاريخياً فقد كانت هناك لمحات خاطفة من الديموقراطية، وكانت تحديداً في سورية المستقلة حديثاً، لكن سرعان ما تم قبرها ليس من الداخل وإنما بتدخلات الاستعمار - الإنكليزي - الفرنسي - ذلك الزمن، واليوم يرث العم الأميركي تركة التدخلات، وكان من تجليات هذا التدخل عام 2011 ما نشاهده اليوم على الخارطة السورية، أضحت خارطة هذا البلد الجميل كثياب مشرد بخرق ملونة كئيبة، كل لون يرمز لمساحة أرض تحت نفوذ وسيادة أجنبي... يا خسارة... لنكف عن الأحلام، يكفينا التمنيات البعيدة عن التحقق.