خيمة أم دولة؟!
ما جدوى وصم فئة النواب الداعين للعزل الجنسي التام أو نفي المرأة من الوجود الاجتماعي بأنهم جماعة قندهار، وأنهم يريدون قذف الدولة إلى عالمهم المغلق المنعزل عن بقية دنيا الحضارة والمدنية؟! ما جدوى أن نقول إنهم انتهازيون سياسيون ويتلاعبون بمشاعر «الشعب»؟ لا جدوى من كل ذلك، ولا جدوى أن يصم أشباه الليبرالية خصومهم من الجماعات الانعزالية والمحافظة والمتزمتة بنعوت غير منتجة في عالم الواقع ولا تعبر عن حقيقة هذا المجتمع المشوه في تركيبته السكانية وفي وعيه الاجتماعي.
تلك الفئة من نواب الشعب، ويمكن الجزم يقيناً أنهم يمثلون الأغلبية في البرلمان، وهم أيضاً كانوا معارضة الأمس، أي معارضة الرئيسين صباح الخالد ومزروق الغانم، هم من يطالبون بفرض بناء جامعات خاصة وعامة ومدارس وكليات منعزلة كسجون نفسية تفصل بين الجنسين، هم النواب أنفسهم الذين قرروا في اللجنة المالية إسقاط القروض «هكذا» جملة وتفصيلاً، دون النظر للتكلفة البليونية على الميزانية العامة، وحتمية غرق الدولة في بحر الديون فيما لو وافقت السلطة على التطلعات الإنفاقية لهم بخلق المزيد من الثقوب في مستقبل الدولة المالي.
هؤلاء النواب جاءوا كمنتقمين من الماضي سواء كان الماضي القريب في المجلس والحكومات الأخيرة، أو البعيد حين كان ينظر لقواعدهم الجماهيرية بأنهم دخيلون على الهوية الكويتية التي حددت فقط بداخل السور. أيضاً، كلمات مثل «دغدغة مشاعر الجمهور» لا معنى لها، فهذا الجمهور العريض انتخبهم بإدراك كامل لهم ودرجة تشددهم وانغلاقهم، وهو الجمهور ذاته من يفرض على هؤلاء النواب طلباته، ومشاعره غير قابلة للدغدغة.
حين ننظر للسلطة فدائماً تثار صيغ الحنق على الحكومة بأنها تخاف منهم. ولماذا هذه الخشية وما مبررها؟! من جديد يعاد ترديد عبارة «نحن وهم»، فنحن «الليبرال» أحباب السلطة تاريخياً، و»هم» اليوم ضد السلطة، بينما المفارقة كانت الحكاية مقلوبة في زمن ليس ببعيد. هذه السلطة وكل سلطة في العالم الإسلامي تبحث عن قواعد دينية محافظة تسايرها لأنها «ضامنة للأمن والنظام» بتعبير عبدالله العروي.
ما العمل عندنا في دولة الاستهلاك الريعية وبؤس الوعي السياسي وفي إفلاس مقولات «الديموقراطية تصلح نفسها» وكأن لدينا حقيقة ديموقراطية وتراثاً ديموقراطياً تحررياً؟
دعونا نُعد النظر في بنية الدولة ذاتها، ونسأل ما إذا كانت دولة بركائز حقيقية دائمة أم هي الآن أضحت خيمة نصبت فترة مؤقتة، ويا بخت من كسب واستفاد من عمرها القصير.