أكد نائب وزير الخارجية الشيخ جراح جابر الأحمد أن دولة الكويت تقف شريكاً أساسياً وداعماً للجهود الإنسانية الدولية وتحديداً الجهود الأممية في هذا الإطار، إذ تعتبر الدبلوماسية الإنسانية إحدى الركائز الأساسية للسياسة الخارجية الكويتية، موضحاً أن دعم الشعوب لتخطي وتجاوز أزماتها واجب أخلاقي وإنساني، وتعهّد ملزم في سياق عضويتها في مجلس حقوق الإنسان في الفترة من 2024-2026.
جاء ذلك خلال «اللمحة العامة للعمل الإنساني لعام 2025» التي أطلقها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية «OCHA» اليوم، في مقر «الخارجية» تحت عنوان تعزيز التضامن العالمي وتمكين المجتمعات المحلية، تحت رعاية الوزير عبدالله اليحيا.
تحديات متفاقمة
وقال الشيخ جراح الجابر، إن الهدف من هذه الفعالية تسليط الضوء على التحديات الإنسانية المتفاقمة التي يواجهها عالمنا المعاصر والاستجابة العالمية المطلوبة في العام القادم.
وأضاف «نحن عازمون على مواصلة تحمّل مسؤولياتنا من خلال العمل بشكل مشترك من كل الشركاء الإقليميين والدوليين لمعالجة الأزمات الإنسانية والتخفيف من حجم المعاناة، التي تواجه الملايين من البشر جراء النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية، التي باتت تهدد أمن واستقرار العديد من دول العالم».
وأوضح أن اللمحة العامة للعمل الإنساني للعام 2025 تظهر حجم التحديات أمام المجتمع الدولي، كما تعتبر فرصة للارتقاء بالعمل الدولي الإنساني من خلال تعزيز التعاون بين كل الأطراف المعنية، بما فيها الدول المانحة وتلك المتلقية للمساعدات الدولية والمنظمات الإقليمية والدولية من أجل إحداث تغيير حقيقي على أرض الواقع وتطوير الآليات المعمول بها في إيصال المساعدات الإنسانية.
وشدد على أنه لا يمكن تجاهل تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والجمهورية اللبنانية نتيجة العدوان السافر والاعتداءات الممنهجة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي أدت إلى زيادة المعاناة الإنسانية وفقدان عشرات الآلاف من الأرواح الأغلبية العظمى منهم من النساء والأطفال وتشريد مئات الآلاف من المدنيين في انتهاك صارخ للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، كما جدد المطالبة بتفعيل الآليات الدولية للمحاسبة على جرائم الحرب وضمان عدم الإفلات من العقاب.
جهود السلام
من جانبها، أكدت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ جويس مسوياً، إنه من المناسب حقاً إطلاق اللمحة العامة للعمل الإنساني العالمي هذا تحت شعار الدبلوماسية الإنسانية.
وأضافت مسويا أن الكويت ليست فقط من بين أكبر الدول المانحة للمساعدات الدولية فحسب بل وضعت نفسها أيضاً في قلب الجهود المبذولة للتوسط من أجل السلام في المنطقة والعالم، مستندة إلى القيم الإسلامية التي تدعو إلى الإحسان والتضامن، فقد اغتنمت الكويت حيادها للدفع نحو المزيد من التعاون بين الدول وعبر الثقافات.
وأضافت أن الكويت استخدمت مراراً الدبلوماسية الإنسانية لجمع الأموال والدفاع عن المحتاجين وتعزيز الحوار بين الأطراف المتحاربة حتى نتمكن من الوصول إلى الناس في أحلك أوقاتهم، موضحة أنه لم تكن الحاجة إلى الدبلوماسية الإنسانية أكثر إلحاحاً كما هي عليه اليوم، فكما توضح اللمحة العامة العمل الإنساني العالمي هذا العام بشكل جلي، فإن العالم يعاني إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحديث، فهناك 305 ملايين شخص بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية وتتزايد انتهاكات القانون الدولي الإنساني ويستمر عدد الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من ديارهم في الزيادة.
وأكدت أن الأزمات الإنسانية باتت أكثر تواتراً وتعقيداً وأطول أمداً عن أي وقت مضى والأسباب واضحة، مستويات النزاعات القياسية، وحالة الطوارئ المناخية المتفاقمة بسرعة تؤجج نيران المعاناة في جميع أنحاء العالم، لافتة إلى أن العالم يكافح لاحتواء العديد من الحروب التي تشارك فيها الدول أكثر من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والعواقب مدمرة، فالمدنيون يقتلون ويصابون بأعداد هائلة بينما تهدم المنازل والمستشفيات والخدمات الأساسية بالكامل وقد نزح أكثر من 123 مليون شخص قسراً بسبب النزاعات والعنف بحلول منتصف العام الحالي.
كارثة المناخ
وذكرت مسويا أن 1 من بين كل 5 أطفال يعيش الآن في منطقة نزاع أو يفر منها، وأن الحرب تخاض اليوم في ظل تجاهل صارخ للحياة البشرية وعدم احترام القانون الدولي، ففي غزة قتل عدد أكبر من النساء والأطفال في العام الماضي مقارنة بأي فترة مماثلة في أي صراع مماثل خلال العقدين الماضيين وفي أوكرانيا واليمن وسورية والكونغو الديموقراطية وميانمار وهاييتي والكثير من الأماكن الأخرى لايزال العنف والصراع يدمران حياة الناس.
وبينت أن أزمة المناخ تقود البشرية الآن نحو كارثة، مؤكدة أن الجهود فشلت في الحد من انبعاثات الوقود الأحفوري، مما يعني أننا بتنا نقترب بشكل خطير من تجاوز الدرجة والنصف المحدد في اتفاقية «باريس» الإطارية قبل عقد من الزمن تقريباً، وتأثير هذا التقاعس واضح بشكل مؤلم، فإننا نجد فيضانات في الساحل وشرق إفريقيا وأوروبا وجفاف في الجنوب الإفريقي والأميركتين وموجات حر وحرائق غابات في جميع أنحاء العالم، وفي حين يتأثر الجميع فإن أقل الناس مسؤولية يتحملون نصيب الأسد، مؤكدة أن متوسط عمر الإنسان في البلدان المتضررة من الأزمات أقل بـ 6 سنوات من عمر المتوسط العالمي، ومعدلات التلقيح أقل بنسبة 20% من المتوسط ووفيات الأمهات أقل من ضعف المتوسط.
وقالت إن الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة تناشد في عام 2025 لجمع 47 مليار دولار لمساعدة ما يقارب من 190 مليون شخص في 72 دولة حول العالم، مؤكدة أن النتيجة المباشرة لما نعانيه اليوم من صراع وتغير مناخي هو التحكم البشري وهذا يعطينا الأمن بأننا قادرون على حل هذه المشكلات.
3 أولويات لحل المشاكل الإنسانية
أكدت مسويا أن عام 2024 كان أكثر عام دموي للعاملين في العمل الإنساني حيث قتل أكثر من 281 عامل إغاثة أثناء تأدية واجبهم، وأننا بحاجة إلى 3 أولويات كي ننجح في حل المشاكل الإنسانية وهي الدعوة إلى بذل المزيد من الجهود لحماية المدنيين والعاملين في العمل الإنساني، وثانياً بذل المزيد من الجهود في تمكين المنظمات الإنسانية والفرق المحلية، وثالثاً العمل الجماعي الأكبر في مجال الدبلوماسية الدولية.